مقالات

جدوى التطبيع … بقلم / عبدالله علي القبندي

رأينا التسارع في التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب المُحتل للأراضي العربية العدة ودولة فلسطين، وتغيرت المفاهيم واختلفت النبرة تجاه ما تعلمناه منذ الصغر بأنه العدو الأول. واستغرب الكثير من السياسيين بجدوى هذا التطبيع، فالعلاقات الدولية هي مشتركات ومصالح متبادلة، والأضعف هو الذي يطلب الشراكة أو اتخاذ مكان تحت جناح القوي ليستظل عن حرارة الشمس الحارقة، ولابد أيضاً أن تكون هناك مصالح للطرفين، فالجميع يعلم بأن وقود العالم لدينا كدول خليجية واقتصادنا كدول نفطية قد أصابتها التخمة والكيان الإسرائيلي هو الذي بحاجة لنا، وهو من يريد أن يستظل تحت عباءتنا المالية ولا مكسب بالعلاقة معه.. هناك شواهد بالدول التي طبعت مع إسرائيل، إنها لم ترتق أو تستفد من الكيان الغاصب بل اتجاهها إلى الأسوأ، وأوضح بأن العدو هو الراغب باقتصادنا‏ وطامع به وهذا ليس كلامي، وإنما ذكر من قبل السيد د. طاهر كنعان نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط في الأردن سابقا عن القضية الخلافية في الاقتصاد السياسي للدول العربية، مخاطر الهيمنة الاقتصادية الإسرائيلية في أعقاب التسوية السلمية وفي محاولة الاستقرار المستقبلي، تناول الدكتور كنعان كيفية التعامل مع معطيات رئيسية مبدئية عن افتراض أن التسوية السلمية ستقود فعلا الى سلام حقيقي وعلاقات طبيعية بين العرب وإسرائيل، مبينا الجائزة الاقتصادية التي ستحصل عليها إسرائيل من هذا الوضع، كما وصفتها ‏احدث الدراسات العبرية لتخفيف العبء الأمني عن الاقتصاد الإسرائيلي – تسهيل دخول الاقتصاد الإسرائيلي الأسواق الاقتصادية العالمية – تخفيض تكلفة الاقتراض المالية الإسرائيلية من أسواق التسليف الدولية – انخفاض نسبة المردود المالي الكافي لحصر الاستثمارات الأجنبية للانسياب إلى الاقتصاد الإسرائيلي – فوائد مباشرة نتيجة العلاقات الاقتصادية الطبيعية مع الدول العربية المنتجة للبترول‏. وتناول الدكتور كنعان نتائج هذه العلاقات الاقتصادية واحتمالاتها المستقبلية من جوانبها الرئيسية: التبادل التجاري في السلع والخدمات، انتقال العمال وانتقال رؤوس الأموال. وفي إشارة إلى هُوة التخلف الاقتصادي العربي ذكر أن حجم الاقتصاد الإسرائيلي ‏مقيسا بالناتج الوطني يقارب مجموعة من النتائج الوطنية لمصر وسوريا والأردن ولبنان مجتمعة ويبلغ متوسط الناتج الوطني للفرد فيها بين 12 إلى 30 ضعفاً عنه في بقية دول المنطقة. ورأى الدكتور كنعان أن السياسات العربية في الانفتاح والاندماج في السوق العالمي تعاني من خلل جوهري مرتبط بانهيار النظام السياسي العربي، وأن إمكانية أي قطر عربي في تكرار نموذج بعض الدول كسنغافورة أو تايوان تعتمد على قابلية وقدرة ذلك القطر على جذب الاستثمارات الأجنبية المرتبطة بالتكنولوجيا المتقدمة. هذا الكلام منشور بمجلة المنتدى التي تصدر بالجزائر سنة 2000 العدد 178. العلاقات بين الدول ليست بالهيّنة للتعامل أو للقطع، فهناك طرق وعرة وتنازلات ومشاركات ومصالح وتوافق، فهناك الكثير من الدول تم قطع العلاقات الدبلوماسية معها على مستوى السفارات، ولكن استمرت العلاقات بين الشعوب بالتواصل والود والتراحم.. فكيف لي أن أصافح العدو.. بل كيف تريدني أن أعترف بمن لم يعترف به بلدي طوال حياتي بل قبل أن أُخلق..؟

عبدالله علي القبندي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شركة تنظيف
إغلاق