فنيات

في ذكرى الغزو الغاشم: ماذا غاب عن الدراما المحلية؟

بعد مرور ما يزيد على الربع قرن على ذكرى الغزو الغاشم، وولادة جيل لم يعش تلك الحقبة المهمة في التاريخ الكويتي، بات لزاماً علينا توثيق هذا الحدث درامياً بما يليق ببطولات وملاحم أبنائه، سواء ممن كانوا في الداخل أو الخارج، فعلى الرغم من تقديم عدة اعمال جيدة في الدراما التلفزيونية والسينما، تبقى هناك ثغرات فيها وقضايا بات من اللازم طرحها بشكل أكثر واقعية، وأقرب الى الاشخاص الحقيقيين بأسمائهم ووأفعالهم، لتكون مرجعاً لأبنائنا وأبنائهم وكل الأجيال القادمة، تلخص لهم سبعة أشهر من الظلم والاستبداد، في ثلاثين حلقة، او عمل سينما في ساعتين، تطلعهم من خلالها على تلك الأحداث.
حول هذا الموضوع استطلعنا رأي بعض الفنانين والكتّاب عما غاب عن دراما الغرزو أو ما يجب طرحه مستقبلاً.

النبهان: نحتاج لطرح الحدث السياسي وسبب الغزو

الفنان جاسم النبهان
الفنان جاسم النبهان تحدث عن أهمية طرح الحدث التاريخي الحقيقي الذي تسبب في الغزو من خلال الدراما التلفزيونية قائلا: كل الأعمال التي قدمت عن الغزو جيدة، لكننا بحاجة الى عمل يطرح الخط التاريخي الحقيقي لكيفية حدوث الغزو؛ بمعنى آخر السبب والمغزى الصحيح الذي دفع النظام الصدامي إلى غزو الكويت، حيث اوهم الامة العربية بأن هذا الغزو ما هو الا ممر لتحرير فلسطين، الامر الذي جعل بعض مثقفي دول المغرب العربي وبعض الشعوب البسيطة يصدقون هذه الاكذوبة، فكل الاعمال التي قدمت عبارة عن قصص اجتماعية مرت على قضية المقاومة الشعبية من دون التعمق بشكل كبير في اسماء وشخصيات حقيقية قامت بأعمال خالدة من اجل هذا الوطن، هذا من جانب، أما من جانب آخر فلم نلحظ وجود اي خط درامي يقدم صورة فنية عن الأحداث السياسية التي سبقت الغزو والسبب الحقيقي له.
وأضاف: هناك حكايا أخرى ممكن أن نطرحها من بينها الشباب الكويتي الذين قاموا بالعديد من المهام الاجتماعية إبان الغزو، ومن بين هذه الحكايا قصة الاطفال الذين تراوحت أعمارهم ما بين 11 و13 عاماً الذين قاموا بتوزيع السمك على الناس في منطقة القادسية، ومنها إلى حكايا اخرى عديدة، وفي رأيي افضل عمل قدم عن الغزو هو «لا ثمن للوطن».

المنصور: ما قدم ما هو الا شذرات ونحتاج لعمق أكثر

الفنان محمد المنصور
أمّا الفنان محمد المنصور فقد قال: يشكر كل من قدم محاولات أو تجارب فنية تطرح قضية الغزو، لكن كل ما قدم ما هو الا شذرات وشيء بيسط عما قام به ابناء هذا الوطن إبان فترة الاحتلال، فبعد مرور ما يقارب 28 عاماً على ذكرى الغزو من المفترض ان تكون هناك اعمال اكثر عمقاً في الطرح عن تلك التي شاهدناها من حيث ضرورة تناول قصص شخصيات حقيقية وقصص مهمة تم تناولها من خلال اعمال وثائقية من الممكن ان تتحول الى اعمال درامية تلفزيونية.
واضاف: «منذ سنوات احتفظ بقصص واقعية تمتد إلى 45 ساعة كانت موجودة لدى اخي المرحوم عبد العزيز المنصور فيها الكثير مما قد يوثق لهذا الحدث التاريخي الاهم في تاريخ الكويت، وما ان يطلب مني تقديمها فلن اتأخر عن ذلك، فهذا واقع عشناه نحن وعلى ابنائنا الذين لم يعاصروه معرفة كل ما دار من خلال الدراما بكل انواعها.

توثيق حياة أبطالنا

حسين: يجب طرح قصص واقعية بأسماء حقيقية

الفنان داوود حسين
من جانبه، تحدث الفنان داوود حسين قائلا: كنت دائما متخوفا من ان يسألني احفادي في المستقبل عما قدمته عن الغزو حتى شاركت في فيلم «سرب الحمام»، الذي وجدت فيه اجابة لهذا السؤال، فمهما فعلنا او قدمنا لهذا الوطن فلن نوفيه حقه، وتبقى هناك الكثير من الحكايا التي يجب علينا ان نطرحها، ففي كل بيت ولدى كل فرد في الأسرة قصة ومخزون من الاحداث يشكل نصا لعمل فني يساهم في التوثيق لتلك الفترة الأليمة في تاريخ الكويت.
واضاف: نحن بحاجة إلى توثيق حياة ابطالنا الحقيقيين من خلال الدراما، سواء كانوا من المقاومة او من افراد الشعب، وهذا الامر معمول فيه في كل دول العالم التي توثق لكل احداثها من خلال تناول السير الذاتية لاشخاص حقيقيين بقالب فني مكتوب بحرفية وتقنية عالية.

سلاح ذو حدين

العليوة: علينا التوجه للبطولات ذات القصص الحقيقية

الكاتب فهد العليوة
الكاتب فهد العليوة من أبرز الكتاب الشباب الذين كتبوا عن الغزو من خلال عدة اعمال تحدث قائلا: دراما الغزو سلاح ذو حدين، لكننا مطالبون بطرحها وتقديمها لنعرِّف الجيل الجديد والأجيال القادمة بخفايا تلك الاحداث وما عاشه الشعب الكويتي آنذاك من أحداث ومعاناة وبطولات، لكن على الكاتب أن يتناولها بحذر شديد، لكون الفترة التي تعقب الحروب والأزمات تقدم الاعمال فيها بانفعالية شديدة لكن بعد فترة تبدأ فترة العقلانية في الطرح.
واضاف: «عندما يكتب الانسان عن الوطن لا يمكنه ان يكون حياديا، لكن عليه ان يقدم السلبيات والايجابيات معا، ونحن بحاجة الآن إلى أن نؤرخ لهذا الحدث من خلال طرح قصص لشخصيات واقعية من جهة وأحداث واقعية من جهة اخرى من دون ان تصطدم بخصوصيات الآخرين كما حدث مع بعض أسر الشهداء عندما تم تناول قصة من خلال عمل فني اعتبروه يطرح قضايا ابنائهم واعترضوا عليه.

جانب سياسي

الدويسان: مطلوب طرح قصص الكويتيين في الخارج والشعوب الصديقة

الكاتبة أنفال الدويسان
الكاتبة أنفال الدويسان قالت: هناك الكثير من القضايا، التي من الممكن تناولها في دراما الغزو، وأشعر اننا بحاجة الى طرحها، منها معاناة وحياة الكويتيين في الخارج اثناء الغزو، ودور الدول الصديقة التي عاش فيها الكثيرون من أبناء وطننا، الى جانب الدور الذي قام به ابناء الكويت أثناء الغزو في تنظيف البلاد، وعلى سبيل المثال حرق القمامة، ومن عملوا في المخابز، والعديد من المهام التي قام بها الشباب والكبار من أجل ان تسير عجلة الحياة، وتيسير العيش على الناس في الداخل.
واستطردت قائلة: هناك ايضا جانب سياسي من الاحداث، من الممكن تناوله بشكل درامي مميز، اذا ما سمحت الرقابة به، فهناك آلاف الحكايا التي يمكننا مشاهدتها، سواء في الدراما التلفزيونية او السينما، التي اعتقد انها افضل في الطرح/ من خلال عمل متكامل عن متابعة حدث مؤلم على امتداد 30 حلقة.

موقع المسؤولية

محارب: علينا التجرد من المشاعر في الطرح

الكاتب بدر محارب
الكاتب بدر محارب تحدث عن القضية ما بين المسرح والتلفزيون قائلا: دراما الغزو لم تكن كثيرة بحجم ما طرح فيها، مقارنة بالتلفزيون، حتى الشخصيات النمطية المطروحة في الدراما التلفزيونية كانت شخصيات مستنسخة من المسرح، خصوصا تلك التي تناولت شخصية الجندي العراقي، وقد كنا بانتظار أعمال أكثر عمقاً مما شاهدناه في الاعمال التي تناولت قصة الغزو، خصوصا اننا تجاوزنا الربع قرن على هذا الحدث، الامر الذي يضعنا في موقع المسؤولية بالتجرد من المشاعر ومرحلة التنفيس، كما حدث في المسرح، عندما طرحنا القضية من خلال المسرح بشكل كوميدي ساخر، لنقدمها بشكل أكثر واقعية، من خلال طرح ملاحم وبطولات الشعب الكويتي بكل فئاته في الداخل والخارج، وتناول قصص وأسماء بأحداث حقيقية ترتقي الى مستوى الحدث وعمق تأثيره على الاجيال القادمة، باعتباره مرجعاً يوثق كل ما دار في تلك الحقبة من تاريخ الكويت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق