سياحةمنوعات

«السيدة زينب» و«الحسين» بمصر.. روحانيات تفيض في رمضان

منذ أن ينطلق أذان المغرب بمصر تفوح نفحات إيمانية تغلفها أجواء رمضانية من مسجدي السيدة زينب والحسين، لتضفي على المشهد طابعًا شديد التميز في البلاد.
في محيط مسجد السيدة زينب بالحي الذي يحمل اسم صاحبة المسجد والضريح، تلتف مئات الأسر المصرية حول مائدة الإفطار يوميًا وسط مدد روحي متواصل بالصلاة والجلسات الدينية وحلقات الذكر حتى صلاة الفجر.
وينسب المسجد للسيدة زينب بنت الصحابي الجليل علي بن أبي طالب، ابن عم النبي محمد «ص»، وأحد أبرز رموز الدين الإسلامي، ويعد واحدا من أكبر وأشهر مساجد مصر، ومن بين أبرز مقاصد السياحة الدينية والمزارات الإسلامية في البلاد.
ويتخذ المسجد مكانة بارزة في وجدان مسلمي مصر، إثر انتشار رواية تؤكد أنه بُني فوق قبر السيدة زينب حفيدة الرسول «ابنة السيدة فاطمة الزهراء» التي استقرت في القاهرة أواخر حياتها.
ولا يُعرف على وجه الدقة تاريخ بناء مسجد السيدة زينب، غير أن بعض المراجع التاريخية تقوم إنه جرى تجديده في العهد العثمانية خلال عامي 1547 و1768.
والمسجد ذائع الصيت الذي تقصده حلقات الذكر الصوفية ومريدوها، يشهد سنويا إقامة مولد شعبي يُلقب بـ«مولد أم العجائز»، في أبريل، حيث يزين حرم المسجد بالأنوار والخيام والألعاب الشعبية.
وبحكم موقع المسجد المميز في أحد أشهر الأحياء الشعبية بالقاهرة، يعد ملتقى لجموع المصريين بمختلف طبقاتهم الاجتماعية في شهر رمضان، حيث تتوافد مئات الأسر المصرية من أقصى البلاد إلى أدناها لتناول وجبتي الإفطار والسحور على وقع المباركة بظلاله.
وتقول الطاهرة عبد المولى «ربة منزل، 62 عامًا» إن والديها سماها باسم لقب السيدة زينب بسبب عشقهما لحفيدة الرسول، وإن زيارتها لمسجدها لا تقتصر على شهر رمضان فحسب وإنما طوال العام.
وتضيف أنها تقوم بتجهيز التمر الهندي، والعرقسوس، «مشروبات رمضانية شهيرة» لتوزيعهما على الصائمين فور رفع أذان المغرب، لأخذ ثواب إفطارهم، قائلة: «رمضان فرصة لخدمة أحباب السيدة”.
وعلى مسافة بضعة كيلومترات، يجد المصريون مددًا روحيا آخر في رحاب مسجد الحسين، وسط القاهرة، والذي يتخذ شهرة دولية تتجاوز نطاق مصر والعالم العربي، وتُحوله إلى مقصد سياحي بارز في البلاد.
ورغم كثافة الإقبال على المسجد طوال العام، إلا أنه يتكسب بقدوم شهر رمضان، أهمية خاصة حيث يتحول إلى مزار سياحي للمصريين والأجانب من مختلف الديانات، نظرا لوجوده في منطقة عامرة بالتراث والآثار الإسلامية.
ويتوسط مسجد الحسين «شيد عام 1154م في عهد الفاطميين» حي يحمل اسم المسجد ذاته أيضًا، ومحاطًا بمنطقة خان الخليلي السياحية والجامع الأزهر، وعدد كبير من البازارات والمقاهي والمطاعم السياحية.
ويتميز حي الحسين بأصالة مبانيه التاريخية التي تعود للعصرين المملوكي «1250– 1517م» والعثماني «1517-1867م» المنحوت جمالهما علي واجهات وجدران المباني الأثرية، التي تجتذب أنظار السائحين من مختلف دول العالم.
يقول معروف عبد القادر، إن «أسرته تعتاد زيارة الحسين سنويًا في رمضان، لما تشمله الزيارة من روحانيات ومتعة وترفيه تستمر قبل صلاة المغرب وحتى فجر اليوم التالي».
ويوضح عبد القادر، أن جلسته المفضلة بعد أداء صلاة المغرب وتناول الإفطار عادة ما تكون على قهوة الفيشاوي التاريخية «تاريخ إنشائها 1797م» لاستكمال روح المشهد التاريخي قبل المعاودة للمسجد لأداء صلاة التراويح.

الطرق الصوفية
والمسجدان يتميزان بوجود لافت لأتباع الطرق الصوفية، حيث يمارسون فعالياتهم وأذكارهم والتمتع بالروحانيات، من خلال «الحضرة» «جلسة ذِكر يعقدها الصوفيون عقب صلاة العشاء».
ولم يقتصر تميز المسجدين التاريخيين على الأجواء الدينية والروحية فحسب، بل ترسخا في الذهنية الجمعية للمصريين بعد أن جمعهما أغنية شهيرة شدا بها المطرب الشعبي محمد عبد المطلب في ستينيات القرن الماضي، تعبر عن طريق يعبره الحبيب من منزله لمنزل حبيبته يوميًا طمعًا في نيل رضاها.
وتبدأ الأغنية بالقول «ساكن في حي السيدة.. وحبيبي ساكن في الحسين»، وتختتم كلماتها بالعبارة الشهيرة «والفرحة تبقى فرحتين.. من السيدة لسيدنا الحسين».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق