اقتصاد

«الوطني»: عوائد السندات الكويتية الأدنى خليجياً

قال تقرير لبنك الكويت الوطني حول تطوّرات سوق أدوات الدين إنه بعد النشاط الكبير الذي شهده اصدار أدوات الدين السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2017، تدنت مستويات الإصدار في مستهل الربع الأول من عام 2018، حيث بلغت قيمة الإصدارات 12 مليار دولار. إلا أنه مع توافر مزيج من المحفزات الجيدة، مثل تكلفة الاقتراض المواتية، وارتفاع أسعار النفط، واستمرار اهتمام المستثمر الأجنبي، فمن المتوقّع أن تحافظ أسواق الدين على كونها منفذ تمويل جذاب وسهل الوصول إليه. وفي الوقت ذاته، تم تشديد السياسات النقدية على مستوى العالم والخليج العربي، وارتفعت عوائد السندات الدولية والإقليمية على خلفية مخاوف التضخم.

نمو عالمي
وأوضح تقرير «الوطني» أن المخاوف من أن يؤدي النمو العالمي القوي إلى رفع معدلات التضخم، أدت إلى دفع عائدات السندات القياسية العالمية نحو الارتفاع بنهاية الربع الأول من عام 2018، الأمر الذي عمل على تعويض آثار المخاوف من الاضطرابات الجيوسياسية وتوتّر العلاقات التجارية على مستوى العالم. حيث ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات؛ بواقع 33 نقطة أساس وبلغت %2.74، في حين ارتفعت عوائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بواقع 7 نقاط أساس، وبلغت %0.50.
وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، كانت العائدات مدفوعة بعلامات تدل على ارتفاع التضخم تدريجيا وضغوط الأجور بالتزامن مع قوة النشاط الاقتصادي. وبالفعل يبدو أنه قد طرأ تغيّر على التوقّعات التضخمية، حيث بلغ معدل التعادل لعشر سنوات في الولايات المتحدة ـــ والذي يتوقّع متوسط معدل التضخم خلال العقد المقبل %2.1 ــــ في الربع الأول من عام 2018، في حين يعد أعلى مستوى له منذ عام 2015، حيث ارتفع بمعدل 32 نقطة أساس مقارنة بمستويات عام 2017.
أما في أوروبا، فعلى الرغم من ثقة البنك المركزي الأوروبي في وقت سابق من تعافي اقتصادات منطقة اليورو، فإن ارتفاع عائدات السندات كان محدوداً نسبياً. وساهمت جهود البنك المركزي الأوروبي في تبديد أي إشارات بتشديد السياسات المالية، بالإضافة إلى ضبابية الوضع السياسي وبلوغ النمو الاقتصادي إلى ذروته واستحكام تراجع مستويات التضخم المنخفضة، في الحد من ارتفاع عوائد السندات الألمانية.
واستمر تشديد السياسات النقدية على الصعيد العالمي بدعم من تدفق البيانات الاقتصادية القوية نسبياً. وفي حين انفرد الاحتياطي الفدرالي برفع أسعار الفائدة في الربع الأول من عام 2018 ــ بمقدار 25 نقطة أساس إلى 175/150 نقطة أساس ــ تحولت توجهات البنوك المركزية الأخرى هامشياً نحو التشديد. وتقارب التوقعات الرسمية الصادرة عن الاحتياطي الفدرالي إلى التحول من رفع أسعار الفائدة ثلاث مرات هذا العام إلى أربع زيادات، وتراجع البنك المركزي الأوروبي عن التزامه بتوسيع حجم برنامج شراء السندات، كما اتسمت نظرة بنك إنكلترا إلى مزيد من التفاؤل بشأن التضخم، واشترى المركزي الياباني عدداً أقل من الإصدارات الحكومية خلال الربع الأول من العام. ويأتي ذلك في ظل انخفاض وتيرة قيام البنوك المركزية الرئيسية بشراء الإصدارات الحكومية إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2013.

دول مجلس التعاون
وارتفعت عوائد سندات دول مجلس التعاون الخليجي بالتزامن مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية ومع تصاعد التوترات الإقليمية. وقد حدث هذا التطور على الرغم من ارتفاع أسعار النفط، حيث ارتفع سعر مزيج خام برنت بنسبة %9 على أساس ربع سنوي في الربع الأول إلى 67 دولاراً للبرميل. وارتفعت عائدات الديون السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي الى آجال تتراوح ما بين 8 و9 سنوات، بواقع 40 ــ 64 نقطة أساس في الربع الأول من عام 2018، في حين شهدت كل من السعودية والبحرين أعلى مستويات الارتفاع. وتجاوزت عائدات السندات البحرينية نسبة %7 للمرة الأولى، في حين كانت عوائد السندات الكويتية هي الأدنى، حيث استقرت عند مستوى %3.8 تقريباً.
وساهم مزيج من العوامل، من ضمنها ارتباط العملات الخليجية بالدولار، وتضييق هوامش أسعار الفائدة بين البنوك، في قيام البنوك المركزية الخليجية بتتبع خطى الاحتياطي الفدرالي في رفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في شهر مارس. هذا وقد بلغت هوامش أسعار الفائدة بين البنوك أدنى مستوياتها على مدى عقد من الزمان، مع تطلع السياسات المالية لمعالجة هذا الاتجاه ودعم جاذبية العملات المحلية. وفي خطوة غير اعتيادية، قام البنك المركزي السعودي برفع سعر الفائدة بشكل استباقي قبل أسبوع من قيام الاحتياطي الفدرالي بنفس الخطوة.
وبلغ إجمالي إصدارات دول مجلس التعاون الخليجي أضعف مستوياته على مدى ثلاث سنوات تقريباً، بقيمة إجمالية 12 مليار دولار في الربع الأول من عام 2018. وقد عزز نشاط إصدارات الدين الخليجية قيام سلطنة عمان بإصدار سندات سيادية بقيمة 6.5 مليارات دولار، وساهم القطاع المالي بأغلبية المبلغ المتبقي. وارتفع إجمالي الديون الإقليمية المستحقة بواقع ملياري دولار، حيث بلغت قيمتها 438 مليار دولار، مع تراجع مستويات النمو إلى %14 على أساس سنوي.
وساهم ارتفاع أسعار النفط في دفع فروق عقود مبادلة مخاطر الائتمان ــــ أحد مقاييس المخاطر ــــ إلى التراجع بالنسبة إلى معظم الإصدارات السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي خلال هذا الربع، في حين تم تثبيت التصنيفات الائتمانية والآفاق المستقبلية بصفة عامة. إلا أنه على الرغم من ذلك، أدى تجدّد المخاوف المتعلّقة بالأوضاع المالية والخارجية إلى تخفيض التصنيف الائتماني للبحرين (وكالة فيتش: من BB+ إلى BB) وسلطنة عمان (وكالة موديز: من Baa2 إلى Baa3) وتقف عُمان حاليًا على حافة فئة الاستثمار، في حين تراجعت البحرين أكثر إلى ما دون درجة الاستثمار.
وتشير التوقّعات إلى أنه يوجد عدد من العوامل التي قد تشجع دول مجلس التعاون الخليجي إلى تركيز الاقتراض في بداية عام 2018، ومن أهم هذه العوامل: احتمال ارتفاع أسعار الفائدة، والاحتياجات المالية الضخمة، وإمكانية الوصول إلى الأسواق بسهولة نسبية حالياً. وحتى الآن، شهد الربع الثاني من عام 2018 إصدارات كبرى من السندات في المملكة العربية السعودية وقطر ــــ 11 مليار دولار و12 مليار دولار على التوالي ــــ في حين يعد أول انخراط لقطر في سوق الديون الدولية منذ عام 2016. وتجاوز الطلب على الإصدارات السعودية والقطرية حاجز 50 مليار دولار و52 مليار دولار على التوالي، بما يعكس الاقبال الشديد على الديون السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى تنافسية تسعير السندات لكلا الإصدارين.
إلا أن تجربة البحرين لم تلقَ النجاح نفسه، حيث تجنّب المستثمرون السندات البحرينية التقليدية بسبب التسعير غير المناسب، في حين تم تسعير صكوكها اللاحقة بزيادة كبيرة مقارنة بالإصدار السابق.
وفي الكويت، قد يؤدي التأخير في إقرار قانون الدين العام الجديد إلى تحول الدولة إلى الاحتياطات لتمويل عجزها المقدر بحوالي 10 مليارات دولار لعام 2018، وذلك لأن مدة قانون الدين العام السابق قد انتهت في سبتمبر 2017.
وعلى الرغم من أن أدوات الدخل الثابت العالمية لا تزال ملائمة، إلا أنها أصبحت أقل إيجابية بشكل طفيف. ومن المتوقّع أن يدفع النمو الاقتصادي العالمي الذي ما زال قوياً، بالإضافة إلى تقييد أوضاع سوق العمل، إلى ارتفاع طفيف في نسبة التضخم العالمي، بما قد يشير إلى اتّباع سياسات أكثر تشدّداً. إلا أنه على الرغم من ذلك، فقد أشارت البيانات الأخيرة إلى تراجع معدلات النمو في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، والتي قد تؤدي إلى تباطؤ إجراءات تشديد السياسات النقدية بصورة أكبر مما كان متوقعاً. كما يتوقّع من البنوك المركزية أن تراقب عن كثب الأوضاع المالية ومستويات الدين، سعياً لتجنّب أحداث عدم الاستقرار إذا ما رفعت أسعار الفائدة بسرعة كبيرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق