اقتصاد

شظايا الحرب التجارية لن توفر صناعة النفط

وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على فرض رسوم جمركية بحوالي ستين مليار دولار على واردات بلاده من منتجات صينية، الأمر الذي ينذر بنشوب حرب تجارية، كما يأتي ذلك بعد قرار آخر بفرض رسوم على واردات أميركا من الصلب والألمنيوم.
وتستهدف هذه الرسوم زيادة الضغوط على الحكومة الصينية بسبب قرصنتها على حقوق الملكية الفكرية الأميركية وسد العجز التجاري الضخم بين البلدين لمصلحة بكين، على حد قول ترامب.
وذكر تقرير اخباري أميركي أن مساعدي ترامب أعدوا له حزمة رسوم بثلاثين مليار دولار، لكنه طلب منهم مضاعفتها.
ومن الممكن أن تسفر هذه الإجراءات عن ردود فعل انتقامية من جانب الكثير من الدول على رأسها الصين رغم أن إدارة ترامب فتحت الباب أمام إمكانية التفاوض على إعفاء بعض الدول، ونشرت «أويل برايس» تقريرا عن مدى تأثير هذه الرسوم على سوق النفط والغاز العالمي.
وواجهت الرسوم الأميركية على واردات الصلب معارضة شديدة من صناعة النفط والغاز في البلاد نظرا لأن خطوط الأنابيب ومنصات التنقيب والحفارات ومنشآت معالجة الخام تعتمد بشكل كبير على الصلب، ويتم استيراد غالبية المعدن من خارج أميركا.
منذ عدة أيام، نشرت وزارة التجارة الأميركية تفاصيل عن إمكانية طلب بعض الصناعات التقدم بطلبات لإعفائها من الرسوم الجمركية، وذكرت الوزارة أن الإعفاءات ستتركز على الصناعات التي تواجه صعوبات في توفير احتياجاتها من المعدن في البلاد وعلى رأسها صناعة النفط والغاز.
وقال معهد البترول الأميركي إنه يتوقع أن تنزل وزارة التجارة إلى أرض الواقع بالنسبة للرسوم على عدة صناعات كما ستأخذ في اعتباراتها مدى التعقيد الذي ستحدثه تلك الرسوم على قطاع الطاقة والبناء في أميركا.
والتقى مسؤولو معهد البترول الأميركي بنظرائهم في البيت الأبيض في وقت سابق هذا الشهر، وعلى ما يبدو، تنوي إدارة ترامب منحهم إعفاءات جمركية بحسب رغبتهم. وأعرب العديد من مسؤولي الصناعات عن قلقهم الشديد بسبب هذه الرسوم وتأثيرها على المعروض والأسعار من المنتجات المختلفة في اميركا.
علاوة على ذلك، وبعد إقرار الرسوم الجمركية ضد الصين واحتمالية شن حرب تجارية، فإن الأمر لن يكون بعيدا عن صناعة النفط والغاز، فحتى لو تمكنت شركات الطاقة من تجنب الآثار السلبية لرسوم الصلب، فإنها لن تستطيع الابتعاد عن الإجراءات ضد الصين.
على سبيل المثال، ستفرض الرسوم الجديدة على واردات أميركا من سلع صينية، وربما تتسبب في خفض الاستثمارات في مشروعات الغاز الطبيعي لكونها تتطلب التزامات طويلة الأجل من المشترين غالبا بأسعار ثابتة.
ومع فرض الرسوم، ستتراجع بعض الشركات عن ضخ استثمارات في هذه الصناعة إلى حين اتضاح الأمور وزوال الضبابية فضلا عن الالتزامات بالعقود الحالية ومدى تأثرها بالتعريفة الجديدة.

هيمنة على الطلب
من المتوقع أن تكون الصين أكبر مصدر للطلب على الغاز الطبيعي المسال من الأسواق العالمية، حيث كانت بكين دافعا رئيسيا للطلب في العام الماضي في ظل سياستها للتحول من الفحم إلى الغاز لتقليل التلوث التي تمضي قدما بوتيرة ثابتة وتحقق نجاحات منها حتى الآن.
وقفز الاستهلاك الصيني من الغاز بحوالي %15 العام الماضي مقارنة بعام 2016، وارتفعت واردات بكين من الغاز الطبيعي المسال بنسبة %50 – وهو ما فاق التوقعات بشكل كبير، مما جعل الصين وجهة قوية وبارزة لشحنات الغاز الطبيعي المسال.
في ضوء ذلك، ستعقد الرسوم الجمركية الأميركية من صادرات الغاز الطبيعي المسال، ومن الممكن أن يتراجع مشترون صينيون لشحنات الغاز الطبيعي المسال عن تعاقداتهم، بحسب محللين.
في الوقت الذي تشهد فيه حقول ساحل خليج المكسيك العديد من مشروعات الغاز الطبيعي المسال، إلا أن القليل منها قد منح الضوء الأخضر للتنفيذ، وحال شن حرب تجارية بين أميركا والصين، سينغلق الباب أمام الكثير من تلك المشروعات.
على نحو أوسع نطاقا، من المرجح أن تؤثر هذه الإجراءات سلبيا على الاقتصاد العالمي نظرا لأن الصين يمكن أن ترد برسوم انتقامية ضد وارداتها من أميركا لا سيما الصويا والطائرات، ومع تأثر نمو اقتصادات عالمية بهذه المشكلة، فإن أسعار النفط والغاز ليست بمنأى عنها.
تتزايد الاحتمالات بشن حرب تجارية بين أميركا والصين، ولكن لا يزال هناك عدم يقين إزاء العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وباقي دول العالم.
وهدد الاتحاد الأوروبي بالفعل باتخاذ إجراءات تجارية انتقامية ضد منتجات أميركية إذا لم يتم إعفاء دول التكتل الموحد من رسوم الصلب والألمنيوم.
على ما يبدو، فإن إدارة ترامب ترضخ للضغوط، حيث حددت قائمة إعفاءات من هذه الرسوم شملت أستراليا والاتحاد الأوروبي والبرازيل وأستراليا وكوريا الجنوبية، كما أعفيت كندا والمكسيك سابقا بناء على مفاوضات «نافتا». ويبدو أيضا أن إدارة ترامب تستهدف الصين على وجه الخصوص بالحرب التجارية، وكانت أسعار النفط قد ارتفعت مؤخرا نتيجة مخاوف جيوسياسية حيال إيران وفنزويلا، لكنها عاودت الانخفاض بعد الإعلان عن الرسوم ضد الصين.
وترى الأسواق المالية أن رهان ترامب على الحرب التجارية سيكون سلبيا للنمو الاقتصادي العالمي، الأمر الذي سيدفع أسعار النفط نحو الهبوط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق