خارجية

الحرب الشاملة في سيناء ليست كسابقاتها

الحرب التي يخوضها الجيش المصري مع قوات إضافية من الشرطة في سيناء، تختلف تماما عن كل الحروب التي شهدتها طوال تاريخها، والتي أسفرت في نهايتها عن اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل، التي قسمت سيناء الى ثلاث مناطق حددت تواجد القوات المصرية، التي كانت رمزية في منطقة «ج» الحدودية مع إسرائيل وغزة ومحدودة في باقي المناطق. غير ان الوضع اختلف حاليا بشكل كبير ففي سيناء يتواجد حاليا ٨٨ كتيبة عسكرية بإجمالي ٢٤ ألف ضابط ومجند من الجيش و٥٢ ألفا من قوات الشرطة بأسلحتهم، ومشاركة ٨٠٠ آلية على الأرض و٢٥٠ طائرة في الجو، وقطع بحرية تضم حاملة الطائرات ميسترال.
تقريبا لم يحدث أن تواجدت كل تلك القوات في شمال ووسط سيناء على وجه الخصوص، مما يشير إلى طبيعة الحرب المختلفة التي تخوضها مصر هذه المرة، فهي ليست حربا تقليدية بين جيوش نظامية، وإنما مواجهة أصعب مع عصابات وتنظيمات إرهابية وتكفيرية، ظلت لسنوات طويلة تسيطر على الأماكن الإستراتيجية وأقامت معسكرات لها، وارتبطت بتنظيمات فلسطينية متطرفة، مستفيدة من حالة الفوضى التي سيطرت على المشهد المصري بعد ثورة 25 يناير 2011.
ومع انضمام تنظيم أنصار بيت المقدس إلى «داعش» وإعلان إمارة سيناء، والهجمات المتعددة التي شنتها ضد القوات المصرية والمدنيين من أبناء القبائل والهجمات ضد الأقباط الذين هربوا من المنطقة، وصولا إلى مذبحة مسجد الروضة التي قتل فيها أكثر من ٣٠٠ من المصلين، احتاج الأمر إلى تغيير شامل في إستراتيجية الدولة لمواجهة هذه التنظيمات، وهو ما اظهرته العملية التي انطلقت في ٨ فبراير ولا تزال مستمرة، كاشفة عن عدة تطورات تدعو للتوقف عندها:
أولا : أن العملية رغم إنها تحمل اسم عملية «سيناء ٢٠١٨»، إلا أنها تشمل كل الحدود المصرية من الاتجاهات الأربعة، بانتشار أفرع القوات المسلحة شمالا في البحر المتوسط من شمال رفح إلى شمال السلوم والحدود الغربية مع ليبيا، حيث امتدت المواجهات إلى تلك المناطق، وكذلك إلى البحر الأحمر وصولا المناطق الحدودية مع السودان، والمنطقة المركزية التي تشمل القاهرة والدلتا، مع تأمين خاص لقناة السويس بكل أنواع القوات.
ثانيا: اظهر استمرار العمليات في سيناء الشمالية الحجم الهائل للتسليح والتحصينات وحتى مراكز البث الإعلامي للارهابيين في هذه المنطقة، ونجحت القوات المصرية في تدمير هذه الأماكن جوا وعبر ضربات بالمدفعية وعمليات تطهير أدت إلى قتل أعداد من الإرهابيين، والسيطرة على الطرق والدروب الصحراوية، تمهيدا لسيطرة اكبر للشرطة على المدن الكبيرة مثل العريش والشيخ زويد وبئر العبد.
ثالثا: اظهرت العملية مخاطر عدم تواجد القوات المصرية في المنطقة «ج» وانه لا بد من تجميد الملحق الامني في معاهدة السلام مع إسرائيل، والذي قد يمتد إلى فترة طويلة قادمة، تفتح أبواب إعادة التفاوض على هذا البند مستقبلا، في ضوء تقارب اقتصادي مع تل ابيب أظهره اتفاق شراء شركات مصرية غاز إسرائيلي لمدة ١٠ سنوات بقيمة ١٥ مليار دولار، وفتح أبواب تعاون اكبر في محال سوق الغاز في المنطقة، يساند ذلك خوض مصر وإسرائيل الحرب ضد المنظمات الإرهابية، مع مساندة جهود مصر لدفع حركة حماس الفلسطينية نحو الاعتدال وانضمامها إلى مفاوضات السلام مع نفي مصر كليا اي توجه لضم شمال سيناء إلى غزة في إطار ما يطلق عليه «صفقة القرن».
رابعا : أن ما يحدث في شمال سيناء ليس عسكريا فقط، وإنما هناك جانب تنموي ضخم بتكلفة ٢٧٥ مليار جنيه، تشمل إقامة مدينة السلام الجديدة ضمن إطار خطة تنموية تنهى إهمال تلك المناطق وتساويها بجنوب سيناء المزدهرة سياحيا، من خلال إقامة مصانع ومنشآت سياحية وطبية وتعليمية، مع تقديم مساعدت عاجلة لنحو 400 ألف نسمة.
خامسا: ترافق مع العمليات الحربية في شمال سيناء وجنوب مصر على الحدود مع ليبيا، وإجراء المناورات البحرية كليوباترا ٢٠١٨ مع قطع من البحرية الفرنسية، ووصول قوات البحرية المصرية لتأمين حقول الغاز (ظهر) على بعد ١٨٠ كيلومترا من السواحل المصرية، وهي رسائل ذات مغزى إقليمي، في إطار الدفاع عن المنشآت الاقتصادية ضد أي تهديد إقليمي، والتعاون مع دول أوروبية لتأمين البحر المتوسط.
وتلخيصاً لما سبق ذكره، فإن الحرب التي تخوضها مصر في سيناء هي حرب نوعية مختلفة، لا سبيل إلا الانتصار فيها، وخوضها جاء وفقا لطلب رئيس الأركان من الرئيس السيسي الذي عاد لارتداء بزته العسكرية لدى متابعة تفاصيلها. وأمس؛ أعلن المتحدث العسكري عن استشهاد ضابطين وإصابة آخرين فيما تم القضاء على 13 تكفيرياً واسر نحو 80 وضبط عدد من الأسلحة والذخائر وأجهزة الاتصال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق