خارجية

الثورة في إيران لن تتوقف

قال المعارض الإيراني محسن سازيغارا، الذي كان في وقت سابق مستشارا لآية الله الخميني: إن الاحتجاجات الشعبية التي تقودها الطبقة الشعبية في إيران لن تتوقف، وهي اكثر عمقا من تلك التظاهرات التي شهدتها البلاد في 2009.

كان محسن سازيغارا (62 عاماً) مقرّبا من آية الله الخميني لفترة طويلة، وهو أحد مؤسسي الحرس الثوري، لكنه اصطف في صف المعارضة الديموقراطية المناوئة لنظام الملالي، ويعيش حاليا في الولايات المتحدة. وفي مقابلة مع «لوفيغارو» الفرنسية لم يستبعد سازيغارا التحاق القوات المسلحة بالشعب ان استخدم النظام القمع بقوة في إيران، رغم استتباب الامن بعد نشر عدد هائل من قوات الأمن. وأضاف «يعاني الناس من الجوع، إنهم فقراء، كما يشعرون بالغضب من فساد مسؤولي الدولة والحرس الثوري الذين يسيطرون على 50 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد، ويملكون آلاف الشركات والبنوك».
وتوقّع المُعارِض الإيراني تجدد اندلاع التظاهرات في إيران، لكن ليس قبل اقل من عامين. واضاف: «نحاول ان نكون مستعدين في ما يتعلق بالبرنامج، وحتى نساعد في بناء حركة الاحتجاج، ولكن اندلع كل شيء في ظرف يومين فقط. لست متفاجئا من ذلك، لان النظام الاقتصادي لهذا النظام في طريقه إلى الانهيار. لكن لا احد يعرف لم اندلعت هذه الاحتجاجات بهذه السرعة؟ لقد بدأ كل شيء بتظاهرة في مشهد، نُظّمت امام البلدية من قبل منظمة محلية، كانت ترغب في الاحتجاج ضد ارتفاع الأسعار، وانا أعرف بعض مَن أطلقوا دعوات التظاهر وكانوا ينتظرون استجابة المئات، لكن الآلاف خرجوا إلى الشوارع، وبدأوا يهتفون «ليسقط الدكتاتور وبعد 24 ساعة، امتدت الاحتجاجات إلى كل مدن إيران، التي أعلنت الإضراب. هذه الحركة هي حركة المدن الصغيرة والأرياف، وهي سابقة من نوعها في إيران.
النظام يحاول ان يبقي طهران تحت سيطرته حتى يؤكد للجميع أن كل شيء على ما يرام. الحرس الثوري وميليشيات الباسيج يصل تعدادها إلى 450 ألف رجل، ويمكن ان يتم نشرهم على الأرض، لكنهم قاموا بنشر 200 ألف رجل في المراكز الحضرية، والمشكل هو انهم لا يستطيعون مراقبة باقي الأراضي الإيرانية. أنا إيراني وارى ان التظاهرات امتدت إلى مدن ما كنت اعرف اسماءها في السابق، ولا حتى استطيع تحديد موقعها الجغرافي على الخريطة… الإيرانيون غاضبون».

هذه أسباب الغضب
وفي تعليقه على اسباب هذا الغضب، وعما اذا كانت سياسية ام اقتصادية قال محسن سازيغارا «يعاني الناس من الجوع، إنهم فقراء، كما يشعرون بالغضب من فساد مسؤولي الدولة والحرس الثوري الذين يسيطرون على 50 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد ويملكون الاف الشركات والبنوك. انهم يشعرون بكراهية تجاه النظام. لقد تشكلت الحركة الخضراء في 2009 من الطبقات الوسطى العليا التي كانت ترغب في الحصول على حق الانتخاب، ولكن في هذه المرة، هم الفقراء والبطالون والفئات الوسطى والشعبية التي تمردت. في كتابه تحدث ماكرس عن البروليتاريا التي لم تكن تملك شيئا لتخسره سوى سلاسلها، اما في إيران فلا يملكون حتى السلاسل لسرقتها. لهذا السبب تسمى هذه الحركة «الثورة الإيرانية الوطنية، أما شعارها فـ «إيران أولاً». لقد هتف المتظاهرون لا لغزة ولا للتدخل في سوريا واليمن ولبنان.السياسة الخارجية لهذه الحركة واضحة جدا، فالشعب لا يرغب في ان تنفق الدولة اموالها خارج حدودها في دول اخرى. لقد كانوا يهتفون «ردوا لنا اموالنا»، لذلك اقول ان ما يجري في إيران يشبه إلى حد قريب الثورة الفرنسية، لهذا السبب اضرموا النار في صور قائد الثورة وقالوا انه يستحق الموت، غير ان ثالث اهم مطلب لهذه الثورة فهو الاستفتاء على بقاء الجمهورية الاسلامية. فقبل 30 عاما، نظم الخميني استفتاء شبيها وصوت الناخب بنعم، ولكن الآن ادركوا ما حصل لهم. اعتقد ان 94 في المئة من الإيرانيين سيصوتون ضد بقاء الجمهورية الاسلامية إن تم تنظيم استفتاء بهذا الشكل.

الحكم الديني مرفوض
ويعتقد محسن سازيغارا ان هذه الاحتجاجات هي في الواقع احتجاجات ضد النظام الديني ورجال الدين أيضا، حيث يؤكد حاجة الإيرانيين إلى الديموقراطية، ويضيف «سيتمكن الإيرانيون من تحقيق ذلك من خلال العصيان المدني واستقطاب الجيش إلى صفهم. يعرف الجميع ان القوات المسلحة الإيرانية تكره النظام والحرس الثوري، وان الجيش أكبر 3 مرات من الحرس الثوري.
وعاجلاً أم آجلاً ستلتحق القوات المسلحة بالشعب، ونحن نعرف اليوم ان الكثير من العسكريين شاركوا في التظاهرات وهم يرتدون ملابس مدنية، وبعض مصادري ابلغني قبل يوم بأن أفراد الحرس الثوري يراقبون مخازن السلاح في الكثير من الثكنات، لانهم لا يثقون في العسكريين، ويعتقدون بانهم يمكن ان يوزعوا السلاح على الشعب.

استياء الجيش
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان جنرالات الجيش الإيراني مستائين أيضا مثل بقية الرتب، قال محسن سازيغارا «لا اعرف لأن الرتب العليا في الغالب مرتبطة بالحرس الثوري، ولكن العسكريين الذين يحملون رتبتي عقيد ونقيب مصطفون إلى جانب الشعب، ذلك ان رواتبهم متدنية وفقراء وليسوا فاسدين ولا يتدخلون في السياسة ويؤمنون بالقومية وليس الايدولوجية الدينية، والناس يثقون فيهم لأنهم لم يسيئوا للشعب، عكس الحرس الثوري وميليشيات الباسيج. لذلك، يعاني النظام، فهو يواجه الشعب من جهة ويراقب الجيش من جهة أخرى، والامر ذاته بالنسبة للشرطة التي تترك في غالب الأحيان الناس يفعلون ما يشاؤون في المدن الصغيرة مثلما توضحه عدة فيديوهات. أعتقد ان النظام سيحاول مراقبة كل هذا من خلال التضييق على شبكة الانترنت، وسيقول إن كل شيء عادي، ولكن بالنسبة لي لن تتوقف هذه الثورة أبدا، ويمكن للنظام ان يفعل ما فعله في 2009 ويلجأ للقمع، هذا امر حقيقي، ففي 2009 لم تتوسع الثورة إلى خارج الطبقات العليا في المدن الكبرى، كما ان قائديها وهما موسوي وخروبي كانا يرغبان في اصلاح النظام وليس تغييره، ولكن اليوم الأمر مختلف تماما، فامتداد الحركة هائل، كما ان مشاركة الفئات الشعبية اعطتها زخما بمشاركة ملايين البطالين الذين لم يستطيعوا الحصول على عمل رغم مستواهم التعليمي العالي».
ولكن ماذا عن موقف دونالد ترامب من الاحتجاجات في إيران؟ يرى محسن سازيغارا ان دونالد ترامب لا يمكن ان يتوقع ما الذي ستؤول إليه الأوضاع في إيران، ولكن يعتقد ان موقفه جيد لحد الآن، ويوضح «الجنرالات من حول ترامب مثل ماتيس الذي خدم في العراق يعرفون جيدا حقيقة إيران، ومقارنة مع ذلك، لم يفعل أوباما في 2009 شيئا من اجل الشعب الإيراني الذي كان يهتف باسمه. لقد ذهبنا للقاء مستشاريه لطلب دعم الحركة الخضراء، ولكنه صمت. واكتشفنا في ما بعد انه كان يبعث رسائل لرئيس إيران من اجل ابرام اتفاق استراتيجي معه».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق