التاريخ

كتاب «الحضارة الصينية في التراث العربي»

الصين.. ذلك اللغز الكبير كما يراه باحثون سياسيون واقتصاديون، ذلك البلد الملياري الذي تمكن، رغم كثافة السكان وطبيعة النظام السياسي المتشدد أن يصبح واحدا من أقوى اقتصادات العالم، محققا معدلات لافتة من التنمية. لكنه أيضا ذلك البلد متعدد الثقافات العريق في حضارته، والذي يمتلك رصيدا في علاقته بالتراث العربي والإسلامي. مؤخرا صدر كتاب «الحضارة الصينية في التراث العربي» للمؤلف فيصل بن سويد، يتناول جوانب مهمة من الحضارة الصينية وعلاقتها بالحضارة العربية، متناولا أسلوب الكتابة العجيب، وطبيعة سلوك ملوكها الأقدمين وحكمتهم، ثم متعرضا لأول من دوّن عن الصين من العرب. ومن فصول الكتاب المهمة ما يتناول موقع الصين في الشعر العربي، بالإضافة إلى مشاهير التجار والرحالة الذين جابوا أنحاءها.
عن الكتاب يقول المؤلف «في هذا الكتاب سرت نحو سور الصين العظيم أحاول أن أتسلق أسواره أختلسُ النظر حول هذه الحضارة العظيمة التي يندر ذكرها في تراثنا العظيم. جمعت ما كتبه سلفنا عن هذه الحضارة التي لم تنل حظها كما نالت باقي الحضارات، منتقياً المعلومات من كتب التراث، في موضوعات متعددة تبين ثراء هذه الحضارة العريقة، والتي استمرت آلاف السنين كما يذكر أحد المؤرخين العرب. وكذلك لنثبت أن حضارتنا لم تغفل عن جميع الحضارات في عصرها وما سبقها وأبدعوا بذكرهم، وعلى رأس الحضارات الحضارة الصينية». وفيما يلي مقتطفان من الكتاب.

مدن صينية: الخنساء
من أعظم مدن الصين وإليها ينتهي وصول التّجّار المسافرين. وطول الخنساء يوم كامل، وعرضها نصف يوم، وفي وسطها سوق واحد ممتدّ من أوّلها إلى آخرها، وأسواقها مبلّطة بالبلاط، وبناؤها خمس طبقات بعضها فوق بعض، وكلها مبنية بالأخشاب والمسامير، وشرب أهلها من الآبار، وأهلها في قشف عظيم، وغالب أكلهم لحم الجاموس والإوزّ والدّجاج.
وفيها الأرزّ، والموز، وقصب السّكّر، واللّيمون، وقليل الرّمّان؛ وأسعارها متوسطة، وتجلب إليها الغنم والقمح على قلة، ولا يوجد فيها من الخيل إلا ما قلّ عند أعيانها.
وأما الجمال فلا توجد فيها البتة، فإن دخلها جمل تعجبوا منه.

أعظم أطباء الإنسانية وتلميذة الصيني

قال محمد بن زكريا الرازي: قصدني رجل من الصين فأقام بحضرتي نحو سنة تعلم فيها العربية كلاماً وخطاً في مدة خمسة أشهر حتى صار فصيحاً حاذقاً سريع اليد، فلما أراد الانصراف إلى بلده قال لي قبل ذلك بشهر: إني على الخروج فأحب أن تملي على كتب جالينوس الستة عشر لأكتبها.
فقلت: لقد ضاق عليك الوقت ولا يفي زمان مقامك لنسخ قليل منها.
فقال الفتى: أسألك أن تهب لي نفسك مدة مقامي وتملي علي بأسرع ما يمكنك فإني أسبقك بالكتابة.
فتقدمت إلى بعض تلاميذي بالاجتماع معنا على ذلك، فكنا نُملي عليه بأسرع ما يمكنا، فكان يسبقنا، فلم نصدقه إلا في وقت المعارضة فإنه عارض بجميع ما كتبه وسألته عن ذلك.
فقال: إن لنا كتابة تعرف بالمجموع، وهو الذي رأيتم، إذا أردنا أن نكتب الشيء الكثير في المدة اليسيرة كتبناه بهذا الخط، ثم إن شئنا نقلناه إلى القلم المتعارف والمبسوط.
وزعم أن الإنسان الذكي السريع الأخذ والتلقين لا يمكنه أن يتعلم ذلك في أقل من عشرين سنة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق