اقتصاد

#الكمَّامات.. دجاجة لم تعد تبيض ذهباً!

مع انتشار الوباء واشتداد أزمة كورونا، عكف الكثير من الناس على التجارة بـ«الكمامات» بعدما التمسوا الإقبالَ الكبيرَ وزيادةَ الطلب على المعروض وتضاعف الأسعار ووصولها الى مستويات غير مسبوقة، والاستفادة من تحقيق ارباح طائلة خلال فترة وجيزة، الا ان هذه التجارة اليوم لم تعد لهؤلاء المستثمرين «الدجاجة التي تبيض ذهباً»! ففي ذروة الازمة، ارتفعت اسعار الكمامات بشكل سريع ومضاعف، فسعر علبة الكمامات (50 حبة) وصل في فترة من الفترات إلى 15 ديناراً! ثم تراجع ليبلغ متوسط السعر بحدود 7 دنانير، أما اليوم ومع تراجع الطلب على الكمامات وزيادة حجم العرض على الطلب أصبح سعر العلبة يتراوح بين 500 فلس الى 1.5 دينار. القبس استطلعت آراء بعض العاملين في هذا المجال الذين أجمعوا على أن نزول الاسعار يرجع الى اسباب رئيسية عدة أبرزها زيادة العرض على الطلب الذي هو الآخر تراجع بنسبة وصلت الى %40. وقالوا ان ارتفاع الاسعار في تلك الفترة له اسبابه المتمثلة في زيادة الإقبال والطلب عليها ليس محلياً فقط بل على المستوى العالمي، علاوة على ارتفاع تكاليف استيرادها من مصدرها وارتفاع تكاليف المواد الأولية المصنعة منها وكذلك ارتفاع تكاليف الشحن. وقالوا إنه مع بداية أزمة كورونا لم يكن هناك فرقٌ بين الكمامة الطبية وغير الطبية، ولكن مع زيادة شدة هذا الوباء أصبحت هناك شروط ومواصفات معينة لهذه الكمامات، وانقسمت إلى كمامات حماية (3 طبقات) وسعرها اليوم يتراوح ما بين 450 – 600 فلس للعلبة بسعر الجملة، أما الطبي فجودته أعلى ومدة استخدامه أطول، فسعره يتراوح ما بين 750 فلساً إلى 1.5 دينار، متوقعين استمرار نزول الاسعار، خاصة أن المصانع والشركات التي تورد للسوق الكويتي اكثر من 200 شركة ومصنع. شكوى المصنعين ويقول مصنعون انه على الرغم من توافر الصناعة المحلية للكمامات بأعلى المواصفات والجودة، وان التصنيع يتم وفقا للمواصفات الطبية العالمية، فإن المصانع المحلية تعاني اليوم من الفائض والمخزون العالي الموجود في الاسواق، خصوصاً بعد تعاقد الجهات المعنية مع شركات صينية لتوريد الكمامات لمدة عامين بقيمة تجاوزت 100 مليون دينار لاستيراد نحو 527.4 مليون كمام، بأنواع مختلفة، ما بين الطبي ونوع N95، الأمر الذي ضرب الصناعة الوطنية وأضر بها، مناشدين في الوقت نفسه الجهات المسؤولة للتوريد منهم بدلا من التعامل مع جهات خارجية. وبيّنوا ان المخزون العالي أيضا ليس فقط للكمامات، بل أيضا للمواد الأولية التي تصنع منها هذه الكمامات، نتيجة لتوقف التصنيع لعدم وجود «سحب» على المنتج المحلي من الكمامات، على الرغم من أنه تم تخفيض أسعار الكمامات، لكن من دون جدوى، لأن السوق تم إغراقه بكمامات صينية الصنع بأسعار أقل من المحلية، نتيجة لرخص أجور الأيدي العاملة في الصين، كما أن أسعار المواد الأولية لديها أقل أيضا. وزادوا: المصانع المحلية تصنع الكمامات بجودة عالية ووفقا للمواصفات الطبية المطلوبة، لافتين الى انه عندما تعرض العالم لجائحة كورونا، أغلقت جميع الدول منافذها وباتت الدول شبه معزولة، وكان أثر ذلك كبيراً على عمليات استيراد المواد الأولية الاستهلاكية والمواد الحيوية، مثل المواد الطبية والمواد الغذائية، ما جعل الدولة في حالة استنفار أدت إلى تضافر الجهود من اجل دعم المجتمع وحاجاته، وقررت الدولة دعم منتجاتها الوطنية ودعم الصناعات المحلية من خلال إصدار أوامر من مجلس الوزراء بإعطاء الأولوية القصوى للصناعات الوطنية المختصة بمنتجات الأمان ومنتجات الأغذية، وسخرت الدولة سبل الشحن الجوي على حساب الدولة والذي استغلته بعض الشركات التي استفادت من شحن مئات الأطنان. وأضافوا: «بعد ان تم استيراد الآلات والمواد الخام التي واجهت صعوبات وعقبات جمة بسبب ان هناك دولا مثل الهند وتركيا ودول خليجية منعت تصدير المواد الطبية، وبعد ذلك كله، فوجئنا بان مجلس الوزراء يعطي بالأمر المباشر لشركات كويتية لتقوم باستيراد الكمامات من الخارج بكميات كبيرة وتجاهل المصانع الوطنية التي عانت وأخذت على عاتقها هذه المسؤولية، فكان من باب أولى أن يحدث العكس، وهو دعم المنتج الوطني والتعلم من درس المقاطعة والأزمات، بدلاً من مبدأ الاعتماد على الخارج، فهناك دول كثيرة تضع قيودا على استيراد المنتجات الأجنبية التي يمكن صناعتها محليا، ولكن للأسف لا حماية لنا». أسباب هبوط الأسعار يقول عاملون ان لتراجع أسعار الكمامات أسبابا عدة، منها: 1- زيادة أعداد الموردين سواء المحليون أو الخارجيون والمصانع أيضا التي تقوم بتصنيع الكمامات على اختلاف أنواعها وألوانها وأحجامها. 2- نقاط وطرق البيع زادت بشكل كبير، فبدلا من انحصار بيع الكمامات في الصيدليات فقط، أصبحت الأسواق الشعبية والجمعيات والبقالات أيضا تبيع الكمامات، فالعرض أصبح كبيرا. 3- وجود إنتاج محلي من الكمامات ساهم أيضا في خفض أسعارها. 4- ارتفاع حجم الإنتاج والاستيراد عن الحاجة الفعلية، مما أدى إلى زيادة المعروض عن الطلب. البيع بخسارة نتيجة ارتفاع المخزون يقول مسؤول في إحدى الشركات الكبرى والتي كانت تستورد الكمامات، ان الطلب الموجود الآن في السوق المحلي لا يقارن بما هو متوافر من مخزون وكميات مهولة في المخازن، لافتا الى ان كثيرا من المخزون تم شراؤه وفقا للاسعار القديمة التي كانت سائدة قبل اشهر، وان التكلفة اعلى من سعر البيع السائد اليوم وهو ما عرض كثيرا من الشركات والتجار لخسائر كبيرة نتيجة البيع بسعر اقل من التكلفة. انتكاسات مصانع الكمامات قال مالك احد المصانع المحلية، ان اغلب المصانع الكويتية التي توفر هذا المنتج تعرضت لخسائر جمة نتيجة لتراجع أسعار الكمامات، في ظل أنه تم شراء المواد الأولية وقيام المصانع باستحداث ماكيناتها بتكاليف عالية لصناعة الكمامات تصل الى 120 ألف دينار، وعدم استمرار انتاج هذه المصانع للكمامات يعني خسارتها، مؤكدين في الوقت نفسه أن الدول المتقدمة تعتمد على صناعتها المحلية وتنميتها وتعزيزها ودعمها وليس الاعتماد على الاستيراد. موضة الكمامات كأي سلعة أخرى لا تخلو من «صرعاتها»، فالتصنيع الآن أصبح لا يقتصر على الكمامة الطبية زرقاء اللون المعتاد عليها ذات 3 طبقات، بل دخلت في عالم التصميم والإبداع، فالآن يمكن طباعة الرسومات أو الأسماء أو الشخصيات الكرتونية المفضلة على الكمامة «القماش» ويصل سعرها إلى 7 دنانير في المجمعات التجارية المعروفة، كذلك أصبح لصغار السن كمامات صغيرة الحجم وبألوان مختلفة كالوردي والأخضر والأزرق المزخرف، كذلك أصبحت هناك كمامات للكبار ملونة أيضا، كالأسود والوردي والأخضر والأبيض، وعليها إقبال عال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شركة تنظيف
إغلاق