إذا كنت تعتقد أن جميع المديرين التنفيذيين هم من الأفراد، الذين تلقوا تعليمهم في جامعات النخبة، مثل «هارفارد» و«بيل» و«برينستون»، ويضعون نصب أعينهم الوصول إلى المناصب العليا في سن مبكرة، فأنت مخطئ. وفقاً لما ذكرته إيلينا بوتيلهو، وكيم باول، مؤلفا كتاب The CEO Next Door، فإن «الرؤساء التنفيذيين الأكثر إثارة للإعجاب لم يعرفوا، في كثير من الأحيان، أنه مقدر لهم أن يصبحوا من العظماء».
ومع ذلك، يعتقد الكثيرون منا أن الصورة النمطية هي أن «الرئيس التنفيذي الأيقوني» يتمتع بالقوة والوطنية ومنطقي جريء وجذاب، مع سيرة ذاتية لا تشوبها شائبة»، كما يقول الباحثان. ويجعلنا ذلك نفترض خطأ أننا لا نحمل في داخلنا «معدن الرئيس التنفيذي». لكن على العكس، يمكن للناس العاديين أيضاً أن يصبحوا رؤساء تنفيذيين، كما يقول المؤلفان، طالما أنهم يمتلكون الصفات الضرورية.
للكشف عن هذه السمات، قامت بوتيلهو وباول بتحليل مذهل لمجموعة بيانات لـ17 ألف تقييم للقيادة لشركة الأبحاث ghSMART. وبالاشتراك مع أساتذة من جامعة شيكاغو وجامعة كولومبيا، اختاروا مجموعة فرعية تضم 2600 قائد، لإجراء مزيد من التحليل، ووجدوا اتجاهاً مشتركاً بين كبار المديرين التنفيذيين الناجحين.
وفقاً لأبحاثهم، يمكن لأربعة سلوكيات بسيطة أن تحول الناس العاديين إلى مديرين تنفيذيين أقوياء: الحسم والانخراط من أجل التأثير والموثوقية المستمرة والتكيف بجرأة.
اتخاذ قرارات سريعة
وفقاً للبيانات، فإن الرؤساء التنفيذيين الناجحين يتسمون بالحسم، ولديهم إمكانية أن يكونوا من ذوي الأداء العالي بمعدل أعلى 12 مرة من الآخرين.
ويجسد ستيف غورمان، الرئيس التنفيذي السابق لشركة غريهوند، سبب أهمية هذه الصفة. فعندما تولى غورمان قيادة غريهوند في عام 2003، كانت الشركة تخسر المال، فضلاً عن أن الشركة الأم، التي خرجت للتو من الإفلاس، كانت تستعد للتخلي عن الشركة. لمدة أربعة أشهر، استمع غورمان إلى كبار مديريه وهم يعدون ويرفضون خططاً لانقاذ الشركة، لكن في النهاية كان لديه ما يكفي من المعلومات، من بين مجموعات البيانات العديدة التي حللها فريقه كانت خريطة الأقمار الصناعية للولايات المتحدة وكندا، التي اظهرت أين تتركز جميع أضواء البلاد (وهو انعكاس للكثافة السكانية)، ومن دون أن يكون متأكداً ما اذا كانت خطته ستنجح أم لا، بدأ على الفور في إعادة تشكيل طرق حافلات «غريهوند» حول هذه المناطق المكتظة بالسكان. ونجحت استراتيجيته.
وبحلول الوقت الذي غادر فيه شركة غريهوند في عام 2007، حققت الشركة أرباحاً بقيمة 30 مليون دولار، وتم بيعها في النهاية مقابل ضعف ما كانت عليه قيمتها في عام 2003.
يقول المؤلفان إن غورمان كان قادراً على «الدفع إلى الأمام» ليس لأنه كان يعلم أن خطته ستنجح، ولكن لأنه ادرك أن قرارا سيئاً كان أفضل بكثير من عدم اتخاذ قرار.
القدرة على إقناع الناس بفكرتك
لكي تكون رئيساً تنفيذياً ناجحا، يجب اشراك من حولك والهامهم لتحقيق النتائج، وفقاً للمؤلفين. لكن الأمر ليس بسهولة أن تكون لطيفاً أو أن تجعل الناس يحبونك. في الواقع، يمكن أن يكون المديرون التنفيذيون اللطيفون بمنزلة عائق للمؤسسة لأنهم يركزون أكثر على أن ينالوا القبول أكثر من تركيزهم على أن يقدم الموظفون نتائج عالية الجودة، كما يقول الباحثان.
لاقناع الناس بفاعلية بأفكارك، يقول المؤلفان ان عليك القيام بثلاثة أشياء:
1 – ترجمة الرؤية والأهداف الخاصة بك، وكن واضحاً بشأن غاياتك وأهدافك.
2 – فهم الاحتياجات العاطفية والمالية والمادية للأشخاص الذين سيساعدونك في تحقيق النتائج.
3 – وضع الروتين والعادات اليومية لبناء العلاقات، التي ستترجم إلى عمل وفي نهاية المطاف الى نتائج.
أسس ستيف جوبز، المؤسس والرئيس التنفيذي الراحل لشركة أبل، هذه الشركة الناجحة لأنه اشرك موظفيه وحفزهم على ابتكار منتجات وأفكار جديدة.
«كان جوبز في كثير من الحالات قاسياً جداً وغير لطيف أبداً مع الناس» بحسب ويلي بيترسن، أستاذ الإدارة في كلية كولومبيا للأعمال ومؤلف كتاب «التعلم الاستراتيجي: كيف تكون أكثر ذكاء من منافسك وتحويل الأفكار الرئيسية إلى ميزة تنافسية»، «لكن الناس تقبلوا قسوته وفظاظته بسبب تألقه وألمعيته المطلقة والإثارة والمتعة جراء العمل على فكرة رائعة».
أن تكون موثوقاً ويمكن الاعتماد عليك
يقول الباحثان إن الرؤساء التنفيذيين الذين يحققون نتائج وينفذون الخطط بنجاح يعتبرون رؤساء أصحاب موثوقية عالية ويمكن الاعتماد عليهم، وعندما يصبح الرئيس التنفيذي معروفا بموثوقيته وإمكانية الاعتماد عليه، فإن احتمالات توظيفه تتضاعف.
ويشير المؤلفان أيضاً إلى أنه من بين السلوكيات الأربعة، فإن «الموثوقية المستمرة» هي الأكثر أهمية لنجاح التنفيذيين؛ لأنها تزيد أيضاً من احتمالات التفوق.
وكما كتب المؤلفان «في العمل، يحظى الناس الذين يتسمون بالموثوقية والكفاءة بتقدير عال، ويميل أرباب العمل والزبائن إلى الرهان عليهم ومنحهم الفرص».
فعل ذلك ريتشارد برانسون، مؤسس شركة «فيرجن غروب» عندما أسس شركة فيرجن استراليا، ثاني أكبر شركة طيران في البلاد، كان قرار اطلاق شركة الطيران هذه من بنات أفكار موظفه بريت غودفري، الذي أعجب به برانسون على الفور لأنه كان لطيفا وجذاباً ويهتم بالتفاصيل ويعمل بجد.
وكتب برانسون في سيرته الذاتيه بعنوان «العثور على فيرجنتي»: «لقد رأيته كيف يتعامل مع الناس بطريقة لطيفة ومريحة ويحصل على أفضل النتائج منهم».
كان الملياردير معجبا بأخلاقيات العمل عند موظفه عندما اقترح غودفري انشاء شركة طيران في بلده الأم استراليا، في عام 2000، دخلت «فيرجن استراليا» رسميا سوق الطيران وعين غودفري رئيسا تنفيذياً لها (وهو المنصب الذي شغله حتى عام 2010).
التكيف مع الظروف
«لكي نتمكن من الوصول إلى القمة، يتعين على القادة الطموحين أن يتعلموا كيف يسبرون أغوار المجهول»، على حد قول المؤلفين، ويشيران إلى «كوداك» و«بلوكباستر» و«بوردرز» كشركات فشلت لأن قادتها لم يتكيفوا مع الظروف.
ووجد تحليلهما أيضاً أن المديرين التنفيذيين الذين يتفوقون في التكيف يجدون راحتهم بالشعور بعدم الراحة، هؤلاء المديرين يدركون تماما أن الانزعاج يأتي مع التغيير والتعلم، علاوة على ذلك، يمكن للمسؤولين التنفيذيين القادرين على التكيف والتأقلم مع الجديد التخلي عن الماضي والتركيز على المستقبل، مثل مؤسس أمازون والرئيس التنفيذي جيف بيزوس.
عندما أطلقت Amazon.com في عام 1994 باعت الشركة الكتب فقط، توسع بيزوس بعد ذلك إلى الموسيقى ومقاطع الفيديو قبل أن يسأل العملاء عن المنتجات الأخرى التي يريدون أن تقدمها لهم الشركة، وفي مقابلة لبيزوس مع تشارلي روز عام 2016 قال «لقد كانت قائمة طلباتهم طويلة بشكل لا يصدق».
اليوم، تبيع «أمازون» كل شيء تقريباً، من الالكترونيات إلى الملابس، كما تقدم الشركة العملاقة للبيع بالتجزئة خدمة بث للبرامج التلفزيونية، وتملك «هول فودس» وتخطط لإطلاق خدمة التوصيل الخاصة بها، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال.
يعترف بيزوس بأن قدرته على التفكير على المدى الطويل والتجريب ساهما في نجاح امازون السريع.
وأضاف بيزوس «نحن سعداء للغاية بالاستثمار في مبادرات جديدة محفوفة بالمخاطر الكبيرة لمدة تتراوح بين خمس وسبع سنوات، وهو أمر لن تفعله معظم الشركات، انه المزيج الذي يجمع بين المخاطرة والنظرة المستقبلية الطويلة المدى».
