رياضية

هاا… هاا… هااآتشِيّ! لماذا لا نعطس أثناء النوم؟

جميعنا نعطس على مدار حياتنا «من المهد إلى اللحد»، وجميعنا ندرك حقيقة أن للعطاس مسببات أشهرها الإصابة بالزكام ونزلات البرد والانفلونزا، وجميعنا نتساءل عن أفضل العلاجات والوقايات المتعلقة بمسببات العطاس… لكن قليلين منا يتبادر إلى أذهانهم التساؤل التالي: لماذا لا نعطس أثناء النوم؟!
إنه تساؤل نادرا ما يطرحه أحد على الرغم من بداهته، ويجيب عنه أهل الاختصاص من زاوية علمية وطبية موضحين أن العُطاس لا يحدث في أثناء نومنا لسبب بسيط جدا، ألا وهو أن الآلية العصبية الدماغية المسؤولة عن تفعيله تنام أيضا في أثناء النوم – أي تكون غائبة عن وعيها.
وهذه الآلية تغيب عن الوعي خلال نومنا بسبب دخولها في حالة تعرف طبيا باسم «سبات حركات العين السريعة» (REM atonia)، وهي حالة تجعل الخلايا العصبية المعنية تتوقف عن الاستجابة في أثناء النوم، وتكون نتيجة ذلك أنها لا تقوم بإرسال إشارات تفعيل آلية العطس إلى المخ.
لكن في حال تعرض تلك الخلايا خلال نومك إلى مهيجات خارجية مسببة للعطاس قوية بما يكفي، فإن ذلك يؤدي إلى إفاقة وإيقاظ المخ من النوم وتنبيهه إلى ضرورة أن يستقبل الإشارات وأن يأمر بتفعيل آلية العطس في محاولة للتصدي للمهيجات والتخلص منها.
على هذه الخلفية، نسلط مزيدا من الأضواء في التالي على جوانب تجيب عن تساؤلات أخرى متنوعة تتعلق بالعُطاس.
فإلى حلقة اليوم، وإذا عطس أحدكم بالإيحاء في أثناء قراءتها فله منا: «يرحمك الله»…

العطسة هي تلك العملية التلقائية اللا إرادية التي ينطلق خلالها الهواء مندفعا من رئتيك عبر أنفك أو فمك أو كليهما في آن معا. ووظيفيا، تقوم نهايات عصبية موجودة في تجاويف الأنف بمهمة تفعيل تلك العملية كي يتخلص الأنف من الشوائب الدخيلة التي تهيج تجاويفه وجيوبه.
وتكتسب العطسة مستوى قوتها وصوتها المدوي من مشاركة مجموعة متنوعة من العضلات في إطلاقها، بما في ذلك عضلات الوجه وعضلات الجهاز التنفسي العلوي وعضلات الصدر والرئتين.
تعددت الأسباب…
والعطس واحد

في معظم الحالات النمطية، يحدث العطس عندما تنجح كميات معينة من العوالق أو الشوائب المهيّجة الدقيقة في التسلل والوصول إلى الغشاء المخاطي المبطن لتجاويف الأنف.
ويتسبب ذلك في تحفيز الغشاء المخاطي وجعله يبدأ في إطلاق إفرازات هيستامينية تعمل على تهييج الخلايا العصبية الموجودة في تجاويف الأنف الداخلية، وهي الخلايا التي تقوم بدورها بإرسال إشارات كهروكيماوية إلى المخ تطلب إليه أن يأمر بتفعيل آلية العطس من خلال شبكة العصب الثلاثي التوائم.
وإذ تتفاوت قوة العطسة من شخص إلى آخر ومن مسبب إلى آخر، فإن هناك أسبابا متنوعة تثيرها. ومن أكثر الأسباب شيوعا تلك الحساسية الموسمية التي تنشأ عندما تتطاير حبوب لقاح بعض الزهور في الهواء في مواسم معينة من العام ثم تتسلل إلى داخل الأنف وتستقر في تجاويفه وتلافيفه وجيوبه فتعمل كمهيجات بيولوجية مسببة للعطاس المتكرر.
ومن الممكن أيضا أن ينشأ العُطاس لدى التعرض المفاجئ لضوء ساطع، أو عند التعرض لتغير نزولي مفاجئ وكبير في درجة حرارة الجو.
ففي بعض الحالات غير الشائعة، قد يتسبب التعرض المفاجئ لضوء ساطع في استثارة العطاس؛ إذ أن الضوء يستثير أعصاب العينين المتصلة بالنهايات العصبية الموجودة في بطانة الأنف، ما يؤدي بالتالي إى استثارة «العصب الثلاثي التوائُم» الذي يرسل بدورة إشارة إلى المخ ليأمر بتفعيل آلية العطس. وفي حالات أخرى أكثر شيوعا، نلاحظ أن الانتقال المفاجئ من جو دافئ إلى جو بارد يستثير العطاس بسبب تأثر الآلية العصبية ذاتها المحفزة له.

إعادة تشغيل… بالعطس!

في العام 2012، أجرى باحثون أوروبيون دراسة علمية مشتركة اكتشفوا من خلالها أن العطسة تُعيد ضبط وظائف أعصاب الجهاز التنفسي العلوي بطريقة مشابهة إلى حد كبير لما تقوم به عملية «إعادة تشغيل» جهاز الكمبيوتر.
فمثلما يحتاج جهاز الكمبيوتر إلى عملية «إعادة تشغيل» عندما يختنق بسبب ازدحام مساراته بالأوامر وحركة البيانات المتداخلة، فإن الأنف أيضا يحتاج إلى عملية بيولوجية مشابهة تتمثل في العطسة.
وعلى نحو مشابه، تقوم العطسة بتنظيف وإعادة ضبط الشبكة العصبية الأنفية من خلال تنظيف بيئة المسالك التنفسية بعد طرد العوالق المهيجة منها، وهو الأمر الذي يؤدي تاليا إلى إعادة وظائف آلية التنفس إلى وضعها الطبيعي السلس.
تحذير… ونصيحة

كتم أو كبح خروج العطسة قد يسبب بعض أشكال الإيذاء، بما في ذلك انفجار بعض الشعيرات الدموية في العينين والمخ والأذنين إلى جانب احتمال حدوث شرخ أو تمزق بسيط في طبلة الأذن. لذا فإن الأطباء يؤكدون على أنه من الأفضل جدا للصحة إطلاق العنان للعطسة وعدم كبحها في داخل الجهاز التنفسي، سواء كان المرء في اجتماع أو في محاضرة أو حتى في منتصف صلاة – شريطة أن يطلقها بطريقة تضمن عدم انتشار رذاذها في أرجاء المكان.
وفي حين أنه من المؤذي كبت العطسة بعد شروعها في الانطلاق، فإنه من الممكن منعها من الشروع أو تأجيلها بعض الشيء من خلال القيام إما بحك جسر الأنف، أو أخذ شهيق عميق ثم إطلاقه بهدوء عبر الأنف، أو الضغط بطرف اللسان على مؤخرة سقف الحنك.
حقائق… وخرافات

في التالي نسرد عددا من الحقائق العلمية، والخرافات الشائعة، عن العطسة:
• انطلاق الهواء بسرعة كبيرة خلال العطسة هو سبب ذلك الصوت «الانفجاري» الذي يصاحبها عادة، وتتفاوت قوة دوي ذلك «الانفجار» استنادا إلى سرعة خروج الهواء.
• يسافر رذاذ العطسة لمسافة تتراوح بين 100 سنتيمتر في الحالات الضعيفة و3 أمتار في الحالات القوية. ولهذا السبب فإنه من المهم وقائيا استعمال منديل لتغطية الأنف اثناء العطسة، أو على الأقل اتخاذ ساعد الذراع كمصد للعطسة منعا لانتشار الجراثيم بالعدوى عبر الهواء.
• في حال عدم استخدام منديل أو ما شابه، يمكن للعطسة الواحدة أن تطلق في الهواء ما يصل إلى 100 ألف جرثومة أو ربما أكثر في الحالات المرضية. وفي المتوسط، تحوي العطسة الواحدة نحو 40 ألف رذاذة سائلة محملة بالجراثيم.
• ما أن تصل العطسة إلى نقطة «الشروع في الانطلاق»، فإنه يستحيل على الشخص أن يمنعها من الخروج.
• أطول نوبة عطس متواصلة في التاريخ استمرت لمدة 978 يوما!
• لوحظ أن نتف شعر الحاجبين قد يستثير العطس لدى بعض الأشخاص.
• العطسة تُعتبر تمرينا بدنيا متكاملا من دون بذل جهد، إذ انها تقوم بتحريك عضلات الحلق والصدر والحجاب الحاجز والبطن في آن واحد معا.
• لدى معظم الناس، تغمض العينان تلقائيا بالتزامن مع لحظة خروج العطسة، لكن هناك حالات نادرة يستطيع أصحابها أن يبقوا أعينهم مفتوحة في أثناء إخراج العطسة.
• من الخرافات التي يدحضها العلم القول إن القلب يتوقف لبرهة في أثناء إطلاق العطسة. فما يحدث في الحقيقة هو أن العطسة تتسبب فقط في إحداث تغيير طفيف وموقت في وتيرة دقات قلبك. وهذا يحدث لأن الضغط الذي تسببه العطسة على الصدر والحجاب الحاجز يؤثر على معدل تدفق الدم من وإلى القلب، فتكون نتيجة ذلك عبارة عن تغيير في وتيرة النبض وليس توقفا.
• من الخرافات أيضا مقولة إن إبقاء العينين مفتوحتين في أثناء العطسة يؤدي إلى خروج مُقلتيهما من محجريهما. فهناك بعض الأشخاص يستطيعون أن يعطسوا بينما أعينهم مفتوحة. أما حركة إغماض العينين فهي تلقائية لا إرادية وقد تكون لها وظيفة أخرى بعيدا عن حماية المُقلتين من الخروج.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق