محليات

مختصون: 70% من حالات التحرش بالأطفال لا يمكن اكتشافها

حذّر استشاريون نفسيون وأطباء وقانونيون من التحرش بالأطفال، مما ينذر بمخاطر كبيرة على الضحايا من ناحية، وعلى الأسرة والمجتمع من ناحية أخرى.
وقالوا لـ القبس: عندما يجتمع اهمال الوالدين وعدم وعي الطفل يكون وحش افتراس الطفولة بالمرصاد لانتهاك براءة الصغار، وتحويلهم إلى شخصيات غير سوية منطوية في الصغر وعنيفة في الكبر.

بين عدد من المختصين أن الطفل الذي يقع ضحية التحرش الجسدي، قد يصبح أداة إجرام مخربة، إذ يجعله الاعتداء شخصية كارهة لمجتمعها ولنفسها، تلعن الحياة وتتمنى الخلاص من سجن الذكرى المؤلمة التي تلاحقها أينما حلت، وتقف من دون إكمال حياتها وتكوين أسرة سعيدة.
ولفت المختصون إلى أن الاعتداء الجنسي على الأطفال ظاهرة مرضية عالمية، تشمل الذكور والإناث في كل مراحلهم العمرية، وليست مرتبطة بالدين أو العرف أو المستوى الثقافي أو الاقتصادي، وهي مشكلة خفية متسترة، لا يتحدث الطفل عنها، مما يصعب تقدير عدد الأشخاص الذين تعرضوا لأي شكل من أشكال الاعتداء الجنسي في طفولتهم.
وأوضحوا أن معظم الاختصاصيين يعتقدون أن الاعتداءات على الإناث أعلى من الذكور، لكن مدى انتشار الاعتداءات الجنسية في العالم العربي غير معروف، فلم تجر مؤسسات حكومية أي دراسات للتعرف على مدى انتشار الاعتداءات الجنسية على الجنسين.

وأكد استشاري الطب النفسي د. عبدالله الحمادي: ضرورة اللجوء الى المختصين بسرية تامة للاطلاع على الآثار النفسية التي تلحق بالطفل الضحية، وكيفية اكتشاف المشكلة.
وكشف الحمادي لـ القبس أن %60 إلى %70 من حالات التحرش بالطفل لا يتم اكتشافها إلا بعد اعتراف الطفل بالحادثة، بسبب عدم وعيه الكامل بضرورة التحدث، كونه طفلا صغيرا، إلا أن هناك بعض العلامات التي قد ترشدنا إلى تعرضه لذلك، منها تغير سلوكه وتحوله إلى الشغب والعدوانية بشكل مفاجئ.

تغيّر السلوك
وأضاف أن هذا السلوك قد يظهره بشكل كبير خارج المنزل بين أقرانه في المدرسه، فيسهل بذلك على المعلم اكتشاف تغير سلوكه، مبينا ان من الطرق التي يمكن اكتشاف حالات التحرش هي «التشخيص بالألعاب»، الذي من خلاله يتعرض الطفل لعدة أشكال من الألعاب، لتتم مراقبة سلوكه إذا مارس اللعب بشكل طبيعي أم بدأ باللعب بطريقة تمثيل التحرش، أما الطريقة الثانية فهي عبر المحادثة مع الطفل، وهنا يتوجب أن يكون الطفل أكبر من 4 سنوات حتى يكون قادرا على التعبير، وأكثر وعياً واستيعاباً للأحداث.

صدمة نفسية
وفي ما يتعلق بأنواع التعنيف، أشار الحمادي إلى أن الطفل يتعرض لأنواع عدة منها وهي «النفسي والجسدي والجنسي»، مضيفاً أن نسبة التحرُّش بالأطفال الإناث أكثر من الذكور وتتراوح ما بين %10 و%30.
وقسّم المشاكل التي يعانيها الطفل المعنف جنسيا إلى 3 أنواع وهي العضوية أو النفسية أو سلوكية، موضحاً أن المشاكل العضوية تتباين حسب الأماكن التي تم التعرض لها أثناء التحرش، أما المشاكل النفسية تتمثل في اضطراب الضغوط الحاد الذي يحدث للطفل بعد تلقيه صدمة نفسية فتظهر عليه مشاكل في القلق والتذكر فضلاً عن الأحلام المزعجة.
وتابع: أن أحد الاضطرابات النفسية تتمثل بقلق مستمر او توتر أو حزن واكتئاب وعزلة، كما يرفض الصغير ممارسة حياته بشكل طبيعي كالذهاب إلى المدرسة، أما في العمر الأصغر فيظهر ما يسمى باضطراب التعلق، وهذا النوع إما قد يشبه النوع السابق أو يظهر الطفل تعلقاً أكثر مع الأبوين وبصفة خاصة الأم.

التدخين والتحرش

كشف د. عبدالله الحمادي عن وجود علاقة توافقية بين التدخين والمراهقين، الذين تم التحرش بهم، وبين الظواهر السلبية، التي تظهر على الطفل الضحية بعد أن يكبر، ومنها عدم الرغبة في الاختلاط مع المجتمع والانعزال، أو قد يسلك منحى عنيفاً فيصبح مجرماً ومخرباً، أو قد يصبح شخصية حدية تفتقر الى الاستقرار سواء الوظيفي أو الدراسي أو العائلي.

حجم الضرر

بدورها، ذكرت رئيسة الجمعية الكويتية لحقوق الطفل د. سهام الفريح أن الدراسات العلمية الدقيقة وحدها ليست كافية لإثبات حجم الضرر النفسي البالغ الذي يحيط بالطفل، لا سيما أنه يظل متأثراً به حتى آخر العمر.
وأضافت الفريح أن الواقع الذي يعيشه من تعرض إلى التحرش أو الاعتداءات الجنسية في طفولته له آثاره النفسية القاسية التي تترسخ في أعماقه حتى آخر عمره، اضافة لآثارها السلبية عند محاولته الارتباط بالجنس الآخر وتكوين أسرة.
وحول دور الجهات الحكومية والمعنية بالتوعية ضد التحرش أوضحت أن للتواصل بين الجهات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني الأثر الكبير في انجاح أي عمل أو أي قضية من القضايا التي ترعى الطفل وتصونه، داعية إلى تضافر الجهود بين جميع الجهات في أي عمل وبالأخص التطوعي والانساني عندما تدعم المنظمة المدنية المؤسسة الحكومية وهو دلالة تحضر ووعي.
وأشارت إلى أن ما يتم رصده بالواقع مختلف حيث نجد بعض المؤسسات كل يعمل في وادٍ وكذلك فإن البعض من المؤسسات الحكومية تلغي دور المنظمات المدنية وجمعيات النفع العام المعنية عناية خاصة بقضايا الطفل، في الوقت الذي جاءت فكرة إنشائها بهدف الدعوة إلى حماية الطفل.

تطبيق القانون

طالب مهند الساير الجهات الحكومية المختصة بالاستعجال في تنفيذ كل نصوص قانون الطفل، وسرعة إنشاء مراكز لحماية الطفل في المحافظات، كما طالب المشرع بإدخال التعديلات اللازمة على القانون، باعتبار المعلم في المؤسسة التعليمية من ذوي الرعاية، الذين يقومون على تعليم وتربية وملاحظة الطفل.

مهند الساير: عقوبة التحرش قد تصل إلى الإعدام

تحدث نائب رئيس جمعية المحامين مهند الساير عن الجانب القانوني لموضوع التحرش الجنسي بالأطفال الذي تضمنه قانون الطفل الصادر في 2015 حيث كفل تقديم الضمانات والحماية للطفل من خلال نصوص مواده الـ97.
وأضاف: جاء هذا القانون مفصلاً لتقديم الحماية على الوجه الشامل الصحيح للطفل منذ ولادته، مروراً بكفالة حقه في الرعاية الصحية والتربية والتعليم، موضحا أن القانون لم يغفل عن تأمين الجانب الأهم في الرعاية النفسية للطفل وحمايته من العنف الجسدي والجنسي، وكذلك حمايته من التحرش.
وقال الساير: «ورد في الباب الثامن من ذات القانون الحماية الجزائية للطفل وفق المادة 71، بشأن الإساءة الجنسية وتعرضه لأي نشاط أو سلوك جنسي، حتى أنه جاء مواكباً للتطور التكنولوجي وفضاء الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت متاحة للجميع ومتداولة، خاصةً لدى كثير من فئة الأطفال ومن هم دون سن الـ 18».
وأشار إلى شمول القانون تجريم «استغلال الطفل لأغراض جنسية عبر وسائل الاتصال الحديثة مثل الإنترنت»، مشيرا إلى «وجود عقوبات جزائية للمعتدي ضمن قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960، التي تتدرج لتصل في بعض الحالات إلى الحكم بالإعدام».

نصائح

قدمت الجمعية الكويتية لحقوق الطفل عدداً من النصائح لحماية الأطفال من التحرش ومنها:
1 ــ عدم خلع ملابسه أمام أحد.
2 ــ عدم ترك باب الحمام مفتوحاً أثناء قضاء الطفل حاجته
3 ــ منع الطفل من الاستحمام مع أحد.
4 ــ عدم الجلوس في حضن أحد أو الوقوف بين قدميه.
5 ــ لا تترك طفلك فريسة للأجهزة الذكية.
6 ــ عدم إجبار الطفل على تقبيل أحد أو احتضانه.
7 ــ عدم تقبيل الطفل من الفم حتى لو كان المُقبّل أحد الوالدين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق