تقنيات

محاولات عمالقة #التكنولوجيا لتقييد آراء #المتطرفين قد تأتي بنتائج عكسية

يقول الصحفي الأميركي تشارلز لين، في مقالة رأي نُشرت عبر صحيفة واشنطن بوست الأميركية، أنه بعد مرور أسبوع تقريبًا، لا يزال الهجوم العنيف على مبنى الكابيتول الأميركي من قبل حشود مؤيد لترامب، بتحريض من الرئيس نفسه، يثير الغضب والاشمئزاز والخوف.

ويضيف الكاتب إن الهجوم المباشر على جلسة الكونغرس المخصصة لفرز أصوات الهيئة الانتخابية، كان بغيضًا جدًا، وما زلنا لا نعرف القصة الكاملة وراء ذلك، أو ما هي التداعيات التي قد يسببها.

ويتابع: «مثل الضربات المميتة الأخرى التي تعرضت لها مؤسساتنا في الماضي»، دفعت هذه الضربة الكثيرين إلى مطالبة أولئك الذين قد يحرضون على مثل هذا العنف أو ينظمونه أو يوافقون عليه، بحرمانهم من منصة ينشرون رسالتهم من خلالها لصالح السلامة العامة، مضيفًا أنه لهذا السبب، قام تويتر بإغلاق حساب الرئيس ترامب؛ ورفضت أمازون وآبل تقديم خدمات الإنترنت إلى بارلر، البديل اليميني عن تويتر، والذي تنشر عليه العديد من الجماعات اليمينية المتطرفة الأميركية دعواتهم التحريضية.

ويكمل الكاتب: «لا شك أن القرار التي اتخذته شركات التكنولوجيا يعتبر مفهومًا، وقد يكون الأمر محتومًا أيضًا، حيث تجبر حالات الطوارئ المجتمعات دائمًا على التفكير في المفاضلات بين الحرية والأمن».

ويضيف: «المشكلة الوحيدة – وهي مشكلة كبيرة – أن محاولة شركات التكنولوجيا لتطهير الساحة العامة من خطاب الكراهية والتحريض على العنف، قد تكون عقيمة، إن لم تكن ذات نتائج عكسية».

رفض المعتقدات السياسية السائدة.. مصدر شعبية ترامب

ويقول الكاتب أنه لا شك أن هناك فرق بين القيود التي تحددها شركات التكنولوجيا وبين الرقابة الحكومية، وبالتالي فإن ما تفعله الشركات قد يكون قانونيًا تمامًا، ولا ينتهك الحقوق الدستورية لأي شخص.

ويضيف أن ذلك من غير المرجح أن يضفي الشرعية على «شركات التكنولوجيا الكبرى»، في عيون أولئك الذين يخالفون قيودها الجديدة، أو الذين يخشون أن يفعلوا ذلك.

وبالنظر إلى أن ترامب حصل على 74 مليون صوت، وأن رفض «المعتقدات السياسية السائدة» كان أحد المصادر الرئيسية لشعبيته، فمن المحتمل أن تكون هذه المجموعة كبيرة جدًا بالفعل، وفقًا لرأي تشارلز لين.

ويتابع : «بالتالي تواجه منصات «فيسبوك» و«تويتر» والبقية، نفس المشكلات التي تواجهها المؤسسات الحكومية، في وضع معايير متسقة ومبدئية ومقبولة عالميًا، لما يجب السماح به وما يجب حظره»، مؤكدًا أنه لا يمكن حتى للذكاء الاصطناعي في القرن الحادي والعشرين، أن ينجح في حل هذه الإشكالية، والتي فشل حتى قضاة المحكمة العليا الأميركية، في مواجهتها على مدى عقود.

وينوه الكاتب إلى أن التمييز بين القطاعين العام والخاص أكثر ضبابية في ذهن الجمهور، مما قد يكون عليه في القانون، نظرًا لانتشار الاتصالات عبر الإنترنت، والضغط السياسي الذي تخضع له شركات التكنولوجيا.

القمع قد يجعل المتطرفين أكثر تعصبًا

ويشير إلى أنه وباختصار، يمكن لحملة القمع المستمرة التي تقودها الشركات، أن تُسكِت الكثير من الكلام الذي يجب السماح به، مع تأجيج عقدة الاضطهاد لليمين المتطرف، مما يجعل الحركة أكثر تعصبًا، ودفعها إلى أعماق أكبر.

ويضيف: «الشيء الوحيد الذي يمكنك التأكد من أنه لن يحدث، هو أن الأشخاص الملتزمين بالسياسة المتطرفة، سيتوقفون عن نشر أفكارهم بأي طريقة ممكنة، بما في ذلك طلب المساعدة من الخارج».

ويعود الكاتب تشارلز لين في الذاكرة إلى أواخر الحرب الباردة، عندما كان الراديو على الموجات القصيرة لا يزال يعتبر تقنية متطورة، حيث استخدمها رجال حرب العصابات الماركسيون في السلفادور في نشر رسائلهم المتمردة، وعلى الرغم من الجهود العسكرية السلفادورية المكثفة التي دعمتها الولايات المتحدة لإيقاف ذلك، بث المتمردون رسائلهم من الكهوف والغابات والقرى النائية، وقد ساعد أيضًا في ذلك الملاذ والدعم الفني الذي قدمته كل من نيكاراغوا وكوبا، وبالتالي لم تنجح الحكومة في إسكات صوتهم.

ويضيف الكاتب أنه غطى تلك القصة كصحفي شاب في الثمانينيات، كما غطى أيضًا الإبادة الجماعية والحرب الأهلية في يوغوسلافيا السابقة بعد بضع سنوات، ويؤكد أن أحد العوامل المساهمة في تفكك لتلك الدولة متعددة الجنسيات، كان قمع الحكومة الشيوعية للخطاب الذي تناول الصراع العرقي والوطني، حيث اعتُبر غير متوافق مع الخط الرسمي لـ «الوحدة».

وكانت النتيجة الحفاظ على انسجام سطحي، بينما في الظل، كان المتطرفون مهووسون بأكثر قضايا الهوية حساسية، وقاد بعض هؤلاء الأشخاص لاحقًا الأحزاب العرقية التي مزقت البلاد، بعد وفاة الديكتاتور جوزيب بروز تيتو في عام 1980.

ويشير الكاتب إلى أن وسائل الإعلام غير المسؤولة، قد تحرض على العنف بشكل مباشر ويمكن أن تتسبب حتى في حدوث الإبادة الجماعية، ضاربًا المثل بما حصل في رواندا، عندما حرضت محطات الإذاعة، على مذبحة لمئات الآلاف من التوتسي في عام 1994.

التجارب التاريخية تثبت خطأ تقييد حرية التعبير

يؤكد تشارلز لين أن حرية التعبير المطلقة لم تكن أبدًأ هي القاعدة التاريخية في الولايات المتحدة، حيث حاولت الحكومات والشركات إسكات أو تهميش الجميع، من دعاة إلغاء عقوبة الإعدام إلى نشطاء مناهضين للحرب العالمية الأولى، وغيرهم.

يختم الكاتب بالإشارة إلى أن التجارب التاريخية تثبت عدم صوابية قمع حرية التعبير في الولايات المتحدة، وبدلاً من ذلك، فقد أكدت تلك التجارب على حكمة أولئك الذين دعموا أقصى درجات حرية التعبير، حتى في أوقات الخطر الوطني الحقيقي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شركة تنظيف
إغلاق