مقالات

ما بعد المقاطعة …. بقلم / نور المخلد

حدثتني إحدى المقربات مستاءة من حال الشأن العام الذي وصلنا إليه في البلاد، والذي جاء نتيجة تفرد السلطة التنفيذية بتشكيل قواعد اللعبة من دون مشاركة البرلمان، الأمر الذي لا يعد تعدياً على اختيار الأفراد فحسب بل على المؤسسة البرلمانية بشكل أعم وأشمل. تتابع قائلة إن الرفض الشعبي الذي لحق تلك القرارات والقوانين المفاجئة كان مفرحاً في بادئ الوقت، إلا أنه ما فتئ أن توقف وركن مشكلاً ضغطاً متفاوت الحماسة على الواقع الذي شهدناه. صحيح أن هناك مجاميع ضحت بمقاعدها، وأخرى آثرت عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية مقاطعةً العملية حتى يتم تقويم مسارها، إلا أن طريق الإصلاح لا يختزل في سنواتٍ ثمانٍ، بل هو شاق وطويل، وإن الاستكانة للواقع الذي أنقص من حقوقنا الديموقراطية واختياراتنا الشعبية مرفوضة من دون مناقشة. هذا – بتصرف – ما أثارته صديقتي المُقربة، أما أنا فلا أثرب عليها، فليست ملامة التفكير على هذا النحو، بل ومؤكد ما ذَكرَت فقد شهدت الأعوام التي لحقت فرض نظام الصوت الواحد قوانين مقيدة للحريات كانت – بلا شك – كارثية إلا أنها متوقعة، فما المؤمل من برلمانٍ رضيَ بأن يقدُمَ بقواعد لم يضعها حتى يعترض على قوانين تشكل هاجساً وقلقاً لمفاهيم الحرية والديموقراطية في البلاد؟ أما وإن كُوينا بالدرس في مجلس 2013 حتى كانت مشاركتنا فعالة في المجلس الذي يليه، وصحيح أن النتائج ما زالت دون الطموح فهي لا ترقى إلى أن تُسمى بالنجاحات إلا أني ما زلت أؤكد أنه لولا مشاركتنا وحدنا من بعض الظواهر لكان الوقع علينا أكبر، ولنا في قانون الحماية من العنف الأُسري، الذي تشرفت بأن أكون جزءاً من الفريق الضاغط والدافع له أسوة حسنة في الحديث عن تحقيق المكاسب، بالإضافة إلى قانون حق الأم في الولاية الصحية، تلك القوانين التي طال انتظارها إلا أنها لم تكن لترى النور لولا تضافر جهود المخلصين وحشد دعم المؤيدين وتفاعل الإعلام والمهتمين، لمثل هذا فليُضغط على البرلمانات، ولمثل تلك المبادئ لتُفعل الأدوات، ولتكن هذه بدايتنا التي ننطلق من خلالها نحو برلمانٍ أكثر تفاعلاً مع القضايا المستحقة، لأن عكس ذلك هو جعل السلطة التنفيذية تتفرد في القرارات والقوانين من دون مشاركة، وهو الأمر الذي جربناه كمجتمع غير مرة، ولم يفلح ولا مرة. نعم أقولها بصعوبة بالغة إني متفائلة، فالتفاؤل دأب المخلصين فهو الذي يدفع الفرد للعمل المستمر والتفاني الدائم ولأن ما عكسه – التشاؤم – من شأنه أن يُثبط الهمم ويدفع للخمول. وهنا أختم بضرورة التأكيد على أن الديموقراطية كما يصفها الراحل عبدالرحمن مُنيف في كتابه «الديموقراطية أولاً.. الديموقراطية دائماً»، إذ يقول إن «الديموقراطية هي الأساس ليس لفهم المشاكل وإنما التعامل معها. وبمقدار حضورها كممارسة يومية، وكقواعد وتقاليد، تضعنا في مواجهة مباشرة مع المسؤولية، وتضطرنا، مجتمعين، للبحث عن الحلول ومراقبة تطبيقها وتحمل نتائجها، كما أنها تترك الباب مفتوحاً لمواصلة الاجتهاد والمراجعة والتطوير، بحثاً عن صيغ أفضل من خلال الارتقاء بالحلول التي تم التوصل إليها في وقت سابق». *** تنشر حملة «سجلني» مجموعة من المقالات لتشجيع الشباب والشابات على المشاركة الإيجابية في الانتخابات القادمة. «سجلني» حملة وطنية تهدف إلى تسجيل أكبر عدد من النساء غير المسجلات في القيود الانتخابية.

نور المخلد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شركة تنظيف
إغلاق