خارجية

لبنان: «القوات» سينتخب بري لرئاسة البرلمان

بإصدار وزارة الداخلية والبلديات النتائج الرسمية، تكون مرحلة الانتخابات النيابية اللبنانية لعام 2018 قد أنجزت بكل مندرجاتها. وبانتظار المرحلة الفاصلة عن تسمية رئيس المجلس النيابي الجديد، عكفت الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في هذا الاستحقاق على دراسة تفصيلية للأرقام التي حصلت عليها ونسب الاقتراع المرتفعة في بعض الدوائر والمنخفضة في دوائر أخرى، فيما الأنظار تتوجه لمعرفة حجم الكتل وكيفية تشكيل الأحلاف البرلمانية فيما بينها، وهو الأمر الذي سيؤشر على صورة الحكومة الجديدة ولونها وتوازناتها، بل أبعد من ذلك إلى المشهد السياسي الجديد الذي سيظلل لبنان في المرحلة المقبلة. وقبل 20 الجاري، تاريخ انتهاء ولاية المجلس الحالي، سيتعين على البرلمان المنتخب، اختيار رئيس جديد له، بالاضافة الى نائب رئيس وهيئة مكتب جديدة أيضا. هذا الاستحقاق، قد يكون مدار «تجاذب» في الايام المقبلة.
وفي هذا السياق، مصادر مطلعة ان حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع، الذي فاز بـ 15 نائبا، سيصوت لرئيس حركة امل نبيه بري لرئاسة مجلس النواب.
في المقابل يتم الحديث حاليا عن رأيين داخل التيار الوطتي الحر الذي يترأسه الوزير جبران باسيل، الرأي الأول يدعو الى ان يكون هذا الاستحقاق فرصة للثأر مما شاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون، فيتم التعاطي مع انتخاب بري رئيسا للمجلس كما تعاطى هو مع انتخاب العماد عون، وصوّت بالورقة البيضاء.
اما الرأي الثاني فيدعو الى عدم توسيع الشرخ مع رئيس مجلس النواب وفتح صفحة جديدة معه، خصوصا في ضوء المواقف الايجابية التي اطلقها رئيس المجلس امس الاول حيث اكد وقوفه الى جانب رئيس الجمهورية والعهد. ومن المتوقع ان يبادر حزب الله خلال الايام المقبلة الى العمل على إعادة مد الجسور بين حلفائه وترتيب العلاقات بين حركة امل والتيار الوطني الحر.
مشهد 7 أيار
ورغم ان العملية الانتخابية مرت بأقل الأضرار الممكنة، ولم يتخللها سوى اشكالات بسيطة و«طبيعية» في بعض المناطق، بالرغم من الخطاب التحريضي العالي السقف الذي سبق هذه الانتخابات، لم تنته كما كان يفترض. ورغم الخطابات التسووية والهادئة التي صدرت في اليوم التالي للانتخابات عن كل من رئيس الحكومة سعد الحريري وامين عام حزب الله حسن نصرالله، فان فئة من «المنتصرين» شاءت أن تطبع نهار امس الاول والموافق 7 أيار/مايو ببصمتها الخاصة.
وبينما كان رئيس مجلس النواب بري يقول ان «كرامة العاصمة بيروت وكرامة أبنائها وعائلاتها الكريمة وقياداتها هي من كرامتنا، وأي مساس بها مساس بكرامتنا وكرامة كل اللبنانيين»، ونصرالله يؤكد «عروبة بيروت وضرورة الابتعاد عن الخطاب المذهبي والطائفي»، خرج مئات الشبان المناصرين للثنائي الشيعي (امل وحزب الله) مساء امس الاول على دراجاتهم النارية في مواكب رافعين أعلام حركة امل وحزب الله، وجابوا شوارع العاصمة بيروت لاسيما منطقة عين المريسة حيث النصب التذكاري لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، مطلقين الهتافات المذهبية والاستفزازية، كما شوهد بعض الشبان يصعدون إلى النصب ويضعون علم حزب الله على رأسه، ثم أكملوا طريقهم نحو منطقة الأشرفية المسيحية وهم يصرخون «بيروت شيعية شيعية»، ولم تلبث هذه التحركات ان توسعت الى مناطق البقاع لاسيما في زحلة وسعدنايل، فيما كانت تجري هذه الأمور تحت انظار المواطنين المروعين السائلين عن «الدولة القوية» التي تحميهم من التفلت الأمني الدائر.
رسالة الى الحريري
استعاد أهالي بيروت مشهدية 7 أيار/مايو قبل عشر سنوات، حين اجتاح حزب الله شوارع بيروت وروع أهلها، آنذاك كرس الحزب وحلفاؤه هيمنتهم على بيروت عسكريا. اليوم افرزت الانتخابات النيابية سيطرة للثنائي الشيعي وأعطته على مستوى لبنان ثلثاً معطلاً له ولحلفائه والأكثرية النيابية اذا ما تحالف مع التيار الوطني الحر.
ومع ان القيادات السياسية المعنية سارعت كلّها الى إدانة ما يجري، وساهمت في تبريد الاحتقان وتطويق ذيول التوتر قبل فوات الاوان، فان مصادر مراقبة وجدت من الصعوبة في مكان، فصل ما جرى عن الاستحقاقات السياسية المحلية المستقبلية، حيث رأتها رسالة من قوى محلية الى الجميع في الداخل والخارج. وردّ مصدر سياسي أسباب هذا التحرك في الشارع الى عاملين اثنين: في المقام الأول يمكن اعتبارها رسالة إلى الرئيس سعد الحريري على أبواب تشكيل الحكومة الجديدة بأن ما كان يسري في السابق لم يعد جائزا اليوم بعد ما افرزته الانتخابات النيابية من «تهلهل» على الساحة السنية، كما ترسل اليه إشارات بأن ترؤسه الحكومة المقبلة قد تكون دونه «تنازلات» قاسية ليس أقلها العودة الى نمط والده الراحل بتلزيمه الملف الاقتصادي وترك الملفات السياسية والأمنية لحزب الله وحلفائه، خصوصا ان هذين الأخيرين يلمسان رغبة دولية قوية بالإسراع بتشكيل الحكومة لمتابعة نتائج المؤتمرات الدولية التي سبقت الانتخابات النيابية. ويضيف المصدر ان هذه التحركات تأتي ردا مباشرا وسريعا على ما أعلنه الحريري ردا على بري بأن وزارة المالية ستكون للشيعة بأنه لا عرف يقضي بإسنادها الى الطائفة الشيعية، ودعوته الى عدم وضع عراقيل وشروط امام تشكيل الحكومة الجديدة، علما ان زوار عين التينة نقلوا كلاما عن بري بأن الحريري قد استعجل الامور بعض الشيء، وأن كلام رئيس مجلس النواب اتى في سياق حديث شامل ولم يكن مقصودا او مخططا له.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق