تقنيات

كيف تُسبب خوارزمية في «انستغرام» البؤس لمستخدميه؟

ليس الكاتب «أليكس هيرن» وحده من لديه تخوفات من مواقع التواصل الاجتماعية وخاصة تطبيق إنستجرام والتحديثات على خوارزميته، إذ عبر في تقريره المنشور على موقع «الجارديان» البريطاني عن تلك التخوفات، فذكر أن أعدادًا متنامية من مستخدمي التطبيق، وكذلك خبراء الصحة النفسية أشاروا إلى أن الجانب الإيجابي لتطبيق إنستجرام صار هو المشكلة في حد ذاتها، وذلك بسبب تأكيده دون هوادة على ترويج أساليب الحياة «المثالية»، ويبرز هنا تساؤل: «هل يجب على الجميع أن يتوقفوا عن تصفحه؟»

مصنع للكذب!
يستهل الكاتب تقريره بإحدى الحوادث التي نزع فتيلها على إنستجرام، فانفجرت في مواقع أخرى للتواصل الاجتماعي، يقول إنه عندما نشرت «سكارليت ديكسون»، مدونة الأزياء البالغة من العمر 24 عامًا، صورة لها وهي تتناول طعام الإفطار على حسابها على موقع إنستاجرام، تحول الإنترنت إلى شيء بغيض، أرفقت «ديكسون» تعليقًا تحت صورتها التي تكاد تكون مثالية، إذ تظهر فيها على سرير يبدو أنه قد نُمق جيدًا، مُحاطة ببالونات الهيليوم على شكل قلوب، كتبت «أفضل الأيام تبدأ بابتسامة وتفكير إيجابي، وحبات فراولة، وقدح كبير من الشاي».

أُعيد نشر هذا المنشور برعاية شركة ليسترين وقد ظهرت زجاجة من غسول الفم ليسترين في جانب الصورة، وانتشرت الصورة كالنار في الهشيم على تويتر، عندما علق أحد مستخدميه، ويدعى «ناثان» -من كارديف- قائلًا «اللعنة، أهذا صباح عادي لأي شخص هنا؟ ما تطبيق إنستاجرام إلا مصنع كذب وُجد ليشعرنا بالنقص». أثار منشور «ناثان» الذي حصل على 111 ألف إعجاب (بما يفوق منشور ديكسون الأصلي بـ 22 ضعفًا)، و25 ألف إعادة نشر على تويتر، موجة عنيفة من الانتقادات، بمجموعة مكررة من التعليقات التي تراوحت بين: «حياة مزيفة» و«مهووسة وصولية»، إلى «هيا لنفقأ بالوناتها»، و«من الذي يضع زجاجة ليسترين على منضدة بجانب سريره؟ القتلة المتسلسلين بالتأكيد».

يقول الكاتب إن هذا العداء بدا متماشيًا مع النمط السائد على تويتر؛ إذ أصبحت شبكة التواصل الاجتماعي مرتعًا سيء السمعة للغرباء البذيئين الذين يتراشقون الإساءة مع غرباء بذيئين آخرين، والذين يجتمعون من حين لآخر ليتنمروا على أحد مشاهير الإنترنت بسبب بعض الإخفاقات الطفيفة، كأن تكون امرأة في فيلم حرب النجوم. وعلى العكس من ذلك، يبدو إنستاجرام أكثر شبكات التواصل الاجتماعي التي يمكن تصورها ودية. إنه مجتمع بصري الدافع، حيث الضغط مرتين على صورة ما تعبيرًا عن الإعجاب بها هو الطريقة الأساسية في التفاعل، وحيث تنتشر المنشورات بسرعة مهولة بسبب الإيجابية، لا بسبب الغضب، وحيث يوجد الكثير من الحسابات الكبيرة تدور منشوراتها فقط حول القطط والكلاب. وبطبيعة الحال، ما الذي قد لا يُلاقي إعجابًا في ذلك؟

ولكن يبدو أن الإيجابية المفرطة على إنستاجرام هي نفسها المشكلة لعدد متزايد من مستخدميه وكذلك خبراء الصحة النفسية، إذ يشجع الموقع مستخدميه على تقديم صورة مبهجة وجذابة، وهو ما قد يجده البعض أمرًا مضللًا في أفضل حالاته، وضارًا في أسوئها. فإذا كان الفيسبوك يُظهر الجميع مملون، وتويتر يثبت أن الجميع سيئون، فإن إنستاجرام يجعلك قلقًا من أن الجميع مثاليون باستثنائك أنت.

في الأيام التي تلت مشاركتها منشورها الأصلي على إنستاجرام، أشارت «ديكسون» إلى المفارقة الساخرة في أن الخوف من أن تتسبب عدم واقعية شبكات التواصل الاجتماعي في إيذاء الناس، كان يُستخدم لتبرير أفعال الآلاف ممن يهاجمونها ويؤذونها.

كتبت في منشور تالٍ مصحوبًا بصورة لها في مدينة البندقية ممسكة بآيس كريم «في كل مرة أطلع على الجديد في صفحتي، أجد مئات الرسائل البذيئة الجديدة التي تتدفق على حساباتي في إنستاجرام، وتويتر، ويوتيوب، بعض هذه الرسائل يحتوي على تهديدات شريرة بالقتل. هناك مئات آلاف التغريدات تطوف الشبكة العنكبوتية، تسبني الآن».

وأضافت «ديكسون» «منشوراتي ليست صورة للواقع. أعني أنه من ذا الذي يقضي وقته في هذه المدينة الجميلة، مُتكئًا على حافة جسر، ممسكًا بآيس كريم، والابتسامة لا تفارق وجهه؟ كل شيء قد سبق إعداده يا شباب».

وقالت «أنا شخصيًا لا أعتقد أن المحتوى الذي أُقدمه مضرًا للفتيات الصغيرات، لكنني أتفق تمامًا مع إمكانية تقديم إنستاجرام لتوقعات زائفة قد يتطلع لها بعض الناس». ولكن سواء كان المحتوى الذي تقدمه ديكسون ضارًا أم لا، فهناك تأييد متزايد لفكرة أن إنستاجرام ليس جيدًا لصحة المستخدمين النفسية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق