اقتصاد

كويتيون تنعدم لديهم الثقافة المالية.. كيف؟ ولماذا؟

على عكس ما يقال إن الكويتيين أهل سوق وتجارة، أثبتت عدة وقائع خلال السنوات الماضية ضعف الثقافة المالية لدى شريحة واسعة من المواطنين، وأن الهوة كبيرة بين طبقة التجار الذين يتمتعون بقدرات ومهارات موروثة ومشهود لها، وتلك الشريحة التي تحرك أفرادها الرغبة في تحقيق أرباح سريعة بركوب المخاطر العالية.
ومن أحدث الأزمات التي تعرضت لها الكويت نتيجة هذا الطموح الجامح، من دون أي اعتبار لأبسط معايير الاستثمار، قضية النصب العقاري، التي تجاوزت خسائر المواطنين فيها وفقاً لتقديرات رسمية مليار دينار.
وما الخسائر المليارية في بورصة الكويت ببعيدة، إذ انفجرت فقاعة الأسهم بعد الأزمة المالية، وتبخرت معها مدخرات واستثمارات الآلاف من المواطنين في شركات ورقية اكتتبوا فيها من دون البحث عن خلفية ملاكها أو التنقيب عن مصادر إيراداتها، فضلاً عمن خسروا المليارات في مضاربات عشوائية غير مدروسة خلّفت فقاعة انفجرت فانخفضت القيمة السوقية للبورصة من نحو 64 مليار دينار إلى نحو 25 ملياراً.
وعندما نتحدث عن ضعف الثقافة المالية، لا يمكننا أن نتجاهل أزمة المناخ عندما تدافع مجموعة من المواطنين لتحقيق الربح السريع، فارتفعت الأسعار بشكل غير منطقي، وبعدها عجزوا عن السداد، فانهارات الأسعار وخسروا المليارات. ولولا تدخل الحكومة بإقرار قانون المديونيات الصعبة ووقف مواد قانون الجزاء الخاصة بالشيكات من دون رصيد لقبع الآلاف في السجون.
وأيضاً هناك أزمة القروض الاستهلاكية المتعثرة التي تسبب فيها الإفراط الزائد في الاقتراض من أجل البذخ الاستهلاكي، وما أعقب ذلك من إسقاط للفوائد وإقرار قانون صندوق دعم الأسرة بقيمة بلغت نحو مليار دينار.
والحبل على الجرار، فعندما نتحدث عن ضحايا التسويق الشبكي أو ما يسمى بمشاريع الاحتيال الهرمي، نجد ما تعرض له العديد من المواطنين في مشاريع التايم شير من فنادق وشقق فندقية حول العالم، إذ سرعان ما يكتشفون أنه الوهم الكامل، أو تعرضهم لعمليات ابتزاز للوفاء بالالتزامات من دون مصوغات قانونية تحميهم؛ لأنهم وقّعوا بالأساس على عقود لم تقرأ بالعناية الكافية.
ولولا تدخل البنك المركزي الكويتي في الوقت المناسب لحماية المواطنين، من خلال تنبيهاته وإجراءاته، لكانت العملات الرقمية كارثة جديدة، بعدما اندفع نحوها كثير من المواطنين؛ بحثاً عن الربح السريع.
وللوقوف على أسباب المشكلة وطرق علاجها، توجهت القبس إلى المختصين في العديد من المناحي المصرفية والاستثمارية وخبراء الاقتصاد وأساتذة القانون وعلم الاجتماع.

%53 من المواطنين يجهلون الأبجديات المالية

أكدت دراسة أجراها أحد المصارف أن نحو %53 من العملاء يجهلون أكثر المفاهيم المالية البديهية، ولا يعلمون شيئاً عن طرق حساب الفوائد والأقساط، مقابل فئة نسبتها نحو %28 تحاول أن تجتهد في هذا المجال وتسأل لتتعلم أو لتتحوط، وترمي من وراء ذلك إلى حماية نفسها من «مطبات» ما، سواء في القروض أو العمليات المالية والمصرفية الأخرى
أما النسبة الباقية والبالغة %19 فلديها المام مالي ومصرفي، وتضم هذه الشريحة تجاراً ورجال أعمال ومتعلمين لأصول المحاسبة والاستثمار والادخار وغيرها من المجالات ذات الصلة.

السعدون: تعجز الحكومة عن حماية المواطنين.. وللتغطية تلجأ إلى تعويضهم!

قال الخبير الاقتصادي رئيس مجلس ادارة شركة الشال للاستشارات الاقتصادية جاسم السعدون ان المشكلة مركبة، لكن بالمجمل هي نتاج بيئة اقتصادية مريضة.
واضاف ان المغامرة جزء من مكونات الشخصية الكويتية فهو بجيناته مغامر، فقد غامر بالعيش على ارض قاحلة، وغامر بحياته في الغطس لصيد اللؤلؤ، وغامر بركوب البحر والتجارة.
ونوه الى ان المغامرة ليست كلها شر بل مطلوبة في احيان كثيرة، لكنها تحتاج الى ترشيد وحماية من الدولة، التي يفترض أن تكون اول من يكتشف الخطر وينبه له وليس اخر من ينتبه.
واشار الى ان عدم قيام السلطات بدورها في حماية وتحصين مواطنيها من عمليات النصب فاقم المشكلة، وهو ما حدث ابان ازمة المناخ والمديونيات الصعبة وعمليات النصب في المعارض العقارية.
وذكر ان الدولة لكي تغطي على عجزها في حماية المواطنين تقوم بتعويضهم، ومن هنا تزداد لدى المواطن شراهة المغامرة على اعتبار ان الدولة في مرحلة ما ستعوضه عن خسائره، ولهذا هناك من يقترض بلا حساب، بل اصبح من اقترض ينظر لغير المقترضين على انهم اغبياء، فهو ان ربح مستفيد وان خسر تحملت الدولة التكلفة.
واشار الى ان وفرة السيولة مع شح فرص الاستثمار في الكويت سبب اخر، فمن يمتلك فائضاً من السيولة يضطر الى ركوب المخاطر بحثا عن استثمارها، البعض يتعامل بحصافة من خلال استثمار جزء بسيط من امواله لكن هناك من يغامر بكل ما يملك.
واضاف: ارتكبت الحكومة خطيئة تنموية عندما قتلت الحافز لدى الانسان من خلال التوظيف بالقطاع العام، حتى تجاوزت نسبة البطالة المقنعة الــ %50 من موظفي الحكومة في عام 2000 وبالطبع زادت كثيرا في الوقت الحالي، حتى اصبح هدف الكثيرين الحصول ع‍ى شهادة ولو مزورة لنيل الوظيفة والدخل الكبير المضمون، ومن ثم استغلال الفوائض السهلة في مغامرات غير محسوبة.

البدر: خصخصة أصول الدولة أفضل استثمارات للمواطنين

قال رئيس مجلس إدارة بنك الخليج سابقاً علي رشيد البدر، إن الثقافة المالية تكتسب ولا تمنح!
وأضاف أن مجالات الاستثمار التقليدية متاحة في الأسهم والعقار، وهناك المشاريع التجارية الفردية ويبقى على الدولة مهمة الرقابة.
وأشار إلى أن هناك عدداً من الاسباب لتزايد إقبال المواطنين بمن فيهم حتى الفئات الأقل دخلاً على معارض العقارات الخارجية من دون أي معرفة لهم بهذا النوع من الاستثمار، ومن دون أي تمحيص في العروض المقدمة إليهم.
وأضاف: من أهم تلك الأسباب أنه ومنذ التحرير نشأ ميل شديد لدى الكثير من المواطنين لتملك عقارات سكنية في الخارج، ولأسباب عديدة، بل اضطر بعضهم للاقتراض كي يوفر الدفعات الأولى من ثمن العقارات المشتراة.
وتابع: شجعهم على ذلك أسلوب التسويق المبالغ به في وسائل الإعلام لتلك المعارض سواء من ناحية الشكل أو العوائد المتوقعة منها وحضور مسؤول حكومي أو اكثر في تلك المعارض، مما اضاف عنصراً من الثقة على صفقاتها، بينما لم تقم الجهات الرقابية بدورها اللازم في فحص تلك العروض المقدمة والتأكد من مصداقية الشركات التي تقدمها وقدرتها المالية والفنية على تنفيذها.
واختتم بالقول انه على الحكومة مهمة طرح المزيد من الأصول التي تملكها الدولة من شركات واسهم في السوق فتتسع الفرصة المتاحة للاستثمار المضمون محلياً، القادرة على جذب أموال المواطنين.

رمضان: النساء يشكِّلن أغلبية ضحايا النصب العقاري

أشار الخبير الاقتصادي محمد رمضان الى ان فئة التجار في الكويت محدودة، حتى أن البعض من الأجيال الجديدة من التجار ليسوا بكفاءة القدامى، وعندما جاءت اموال النفط دفعت القطاعين العام والخاص للتدهور بدلاً من تحسنهما.
وقال إن ضعف الثقافة المالية سببه ان المواطنين يعزفون عن ممارسة النشاط التجاري وليس العكس، فالغالبية يبحثون عن الوظيفة الحكومية ولا يفكرون ابداً بالتجارة، والدليل على ذلك ان المسجلين من اصحاب العمل المؤمن عليهم في المؤسسة العامة للتأمينات يبلغ 13 ألفاً فقط، وعدد المواطنين الموظفين بالقطاع الخاص قليل جداً، مقارنة بمن يعملون في القطاع العام.
واضاف: نعم لا ثقافة مالية كافية في المجتمع، فالأغلبية يعتمدون على الأموال السهلة المضمونة، وإذا ما تحدثنا عن النصب العقاري فستجد ان النساء أكثر ضحاياه، فدخلهن مرتفع مقارنة باحتياجاتهن والتزاماتهن الأسرية، كما تحول امتلاك العقارات في الخارج الى نوع من المظاهر كل تلك عوامل سهلت النصب العقاري.
كما أن الرجال ايضا قد يقعون ضحايا حتى لو كان البعض منهم نجح في استثمارات محلية، والسبب الرئيسي لذلك هو عدم الالمام بالاسواق الأخرى والمخاطر التي تحيط بها، وتفاقمت تلك المظاهر بعد ضعف القنوات الاستثمارية المحلية.
وقال: ما يسوق خارج أي دولة ليس افضل استثماراتها، لأنه لو كان كذلك لاقتنصها اهل البلد قبل ان تصل اليك، ولهذا يجب أن تبحث عن الاستثمار المناسب ولا تنتظر أن يأتيك، إذ يصعب الحصول على الفرصة الاستثمارية المناسبة في معرض على سبيل المثال، بل عليك أن تبحث أنت عن الفرص وتذهب وتعاين المكان ولا تستسهل، وكذلك تجب الاستعانة بالمتخصصين من الاستثمار والمحامين.

صرخوه: ضعف الرقابة يفتح الأبواب لبائعي الوهم

أكد الرئيس التنفيذي لشركة كامكو للاستثمار فيصل صرخوه، أن ارتفاع قيمة العقار في الكويت وتراجع أداء البورصة، وهما القناتان الأكثر استقطاباً لأموال صغار المستثمرين، جعلا هؤلاء يبحثون عن البدائل.
وأكد أن ضعف الرقابة على الكثير من المجالات فتح الباب لبائعي الوهم لاستغلال المواطنين، مشيراً إلى أن الأفخاخ كثيرة، سواء من خلال العقارات أو العملات الرقمية و«التايم شير» (غير منظم في الكويت) أو توظيف الأموال في قطاعات معينة بعوائد غير منطقية.
وطالب الدولة بتحسين أدواتها الرقابية وتفعيلها والقيام بدورها التوعوي، مع التركيز على أن الاستثمار اختصاص، وعلى الراغبين في الاستثمار الاستعانة بأهل الاختصاص أو اتباع التدابير اللازمة للاطمئنان إلى سلامة قرارهم الاستثماري.

بوعركي: وزارة التجارة هي المسؤول الأول عما يجري

أشار أستاذ القانون الجنائي للأعمال التجارية وأسواق المال في كلية الحقوق بجامعة الكويت، د. حسين بوعركي، إلى أن الدولة مسؤولة عن وضع القوانين التي تكافح العمليات غير المشروعة، وبالفعل أصدرت قانون هيئة أسواق المال، وتضمن 10 جرائم، وقانون الشركات التجارية ووضعت فيه 12 جريمة، إلى جانب قوانين أخرى.
وأضاف: إن المشكلة الفعلية ليست في القوانين، ولكن في عدم وجود الأجهزة الفاعلة القادرة على تطبيق القوانين، خصوصاً في وزارة التجارة، مما تسبب في تعرض المواطنين لعمليات النصب العقاري، وأيضاً هناك تراخ لبعض جهات التحري المالي في أداء دورها في هذه العملية، وكذلك ضعف الرقابة على مراقبي الحسابات، مما تسبب في تبخر استثمارات المواطنين في بعض الشركات، فضلاً عن عدم وجود أجهزة رقابية حقيقية وتدريب الموظفين، وهذا أمر ممتد من سنوات طويلة.
وطالب بإعادة النظر في طريقة أداء وزارة التجارة، وفصل بعض الأجهزة عنها، وفي مقدمتها الرقابة على مراقبي الحسابات، مؤكداً أن القطاع التجاري والمالي في الكويت لن «ينصلح حاله» ما دام مراقبو الحسابات من دون رقيب، فهم من يجيزون أعمالاً ونشاطات وهمية لبعض الشركات، داعياً إلى تطبيق العقوبات المنصوص عليها في قانون الشركات على من يرتكب جريمة إخفاء المركز المالي للشركات التي يراقبونها.
وأوضح أنه لا يجب التعويل على وجود الثقافة المالية لدى المواطن من عدمها، فالدولة منوط بها اتخاذ الإجراءات والاحتياطات الكفيلة بحماية الجميع، فالفئة التي تمتلك الخبرة والوعي قليلة، ولهذا رأينا أغلب الضحايا من البسطاء ومحدودي الدخل.

القبندي: نهم استهلاكي لاقتناء كل شيء.. وأي شيء

أكدت استاذة العلوم الاجتماعية د. سهام القبندي أن الحديث بأن أهل الكويت لهم عقلية تجارية وأنهم أهل تجارة، كلام بعيد عن الصحة. نعم كان هناك التجار ومن عمل كنواخذة، وأيضاً كان هناك الغالبية من البحارة وبقية الحرف التي يقتاتون منها، إلى أن جاء البترول بعائداته وبدأت الكويت عصر النهضة، والتحول من مجتمع تقليدي إلى مجتمع تنموي مع تعزيز سياسات الرعاية الاجتماعية، والتي تكفل بها الدولة كل الخدمات للمواطنين من التعليم والصحة والإسكان ومتطلبات أخرى.
وأضافت: نتيجة الوفرة المادية تحول المجتمع إلى مستهلك للخدمات والمنتجات، خاصة مع وفرة المعروض في الأسواق والمعارض من مستلزمات استهلاكية ووفرة مادية جعلت التسابق على اقتناء الاشياء حتى لو لم يكن هناك حاجة إليها.
وذكرت أن تعرض الكثير من الأفراد للغش التجاري أو العقاري يرجع إلى أن الثقافة المالية الحقيقية المستقاة من مصادرها العلمية غير متوافرة، فأغلب الناس يستقون معلوماتهم من الآخرين أو الدواوين أو الواتس أب. وضربت مثالاً على ذلك: يقولون ان الاستثمار والعقار في احد البلاد مفيد والسعر منخفض والكثيرين اشتروا؟! مجرد أن تترد هذه الاشاعة ترتفع المبيعات على العقار، وهذا لا يختلف عن بقية السلوكيات التي تصدر من الناس لأن معلوماتهم أو ثقافتهم المالية معتمدة على تقليد الآخرين. وقالت ان هذا النهج موجود أيضاً في المشاريع الاستثمارية، فنجد أغلب النساء بعد سنة 1991 قمن بفتح صالونات التجميل بشكل لافت، فربما نجد بنفس العمارة ثلاثة صالونات، ثم استمر نفس السلوك حتى وقتنا الحالي في تقليد المشاريع الناجحة، اذ يتجه الاغلبية لمشروعات المطاعم والأغذية وغيرها من المشاريع، مما يؤكد أن الكثيرين يبنون مشاريعهم التجارية أو حتى التداول بالأسهم على المعلومات المتداولة بالمجتمع.

السلمي: عمليات النصب تحصل في كل دول العالم

قال نائب رئيس اتحاد شركات الاستثمار صالح السلمي إن التعرُّض لعمليات النصب يحدث في غالبية بلدان العالم وهناك فروق فردية تجعل بعض الناس أكثر وعياً في الحفاظ على أموالهم والبعض الآخر يقع ضحية.
وأضاف أن موافقة الدولة على إقامة معارض عقارية أو تسويق منتجات داخل الكويت بمنزلة شهادة بجودة المعروض وأي مخالفات تقع بعد ذلك تتحمل تبعاتها الحكومة، اما من اشترى عقاراً بالخارج من تلقاء نفسه فيتحمل تبعات ذلك بمفرده.

مصرفي: سعي وراء ربح سريع مدفوع بطمع أو جشع

ذكر مدير الخدمات المصرفية في أحد البنوك المحلية (فضّل عدم ذكر اسمه) أن الطمع والجشع والسعي وراء الربح السريع من دون تعب هي المحرك الأساسي لفئة من الناس. والدليل على ذلك التساهل الغريب لدى البعض في الكشف عن الأرقام السرية لبطاقات الائتمان لأول من يعدهم بجائزة كبيرة، من دون بذل أي جهد للتحقق من مصداقية العرض والعارض للجائزة.
وأشار إلى أن سبب شهرة الكويت بالتجارة هم الرعيل الأول من التجار المشهود لهم بالكفاءة حول العالم، والذين ورث أبناؤهم تلك المهارات. أما بقية الشعب، فهم من المواطنين العاديين الذين يجيدون مهناً وأعمالاً أخرى.
ولفت إلى أن البعض يرغبون في أن يصبحوا من أصحاب الملايين على غرار كبار التجار، وهذا حقهم، ولكنهم يريدون تحقيق ذلك من دون تعب، ولهذا يقعون فريسة سهلة في شباك صائدي الأموال الذين يخاطبون فيهم غريزة الطمع.
وأضاف: الطمع يجعل الشخص يصدق أنه يمكنه شراء أرض زراعية في بريطانيا على أن تتحول إلى عمرانية بمبلغ خمسة آلاف دينار! أو شقة في دبي بــ10 آلاف دينار، أو يجاور الحرم المكي حيث أغلى سعر للأرض في العالم بمبالغ زهيدة!
وقال إن الطموح صفة محمودة، ولكن يجب أن يكون ذلك من خلال بذل الجهد والتعب. فالمليون الأول ليس سهلاً، ومن يرغب في الحصول عليه يجب أن يعمل ولا يبحث عن الحظ، وعليه ألا يقلد كبار التجار في الملبس والمسكن والسيارات والسفر كل عام إلى دولة جديدة من خلال الاقتراض، وإن كان هذا النهج قد تغير قليلاً، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال تحول كثيرين من السيارات المملوكة إلى المستأجرة.
وذكر أن تباطؤ نمو القروض لدى القطاع المصرفي يشير إلى تغير سلوك المواطنين جزئياً بعد الضوابط والشروط التي وضعها بنك الكويت المركزي، فالمواطن في السابق كان يدخل البنك ويطلب أعلى سقف للقرض يمكنه الحصول عليه، وينفق تلك المبالغ على شراء سيارة فارهة أو السفر أو المغامرة في استثمارات غير محسوبة، ولكن هذا الأمر تراجع بشكل كبير بعد تعليمات تشدد بنك الكويت المركزي في تطبيقها.
وأشار إلى أن متوسط نسبة نمو القروض الشخصية خلال السنوات الأخيرة بلغ نحو %7 مقارنة مع نسب تجاوزت %15 فيما مضى. وفي المقابل، زاد التوجه قليلاً نحو الادخار مما زاد حجم الودائع، ما يعني أن سلوك المواطن باتجاه الانضباط نسبياً مع بقاء فئة مغامرة كما في مجتمعات أخرى حول العالم.
وأكد أن هذا التحول دفع نحو تغيير ثقافة البنوك نفسها من التشجيع على الاقتراض إلى تشجيع الادخار من خلال فتح حسابات لكل الأعمار حتى الأطفال لغرس تلك الثقافة في الأجيال الجديدة.

200 قضية نصب واحتيال وغسل أموال

علمت القبس ان وزارة التجارة والصناعة احالت قبل ايام ما يصل الى 200 شكوى «جديدة-قديمة» الى النيابة العامة تخص ما يسمى «النصب العقاري».
وبينت المصادر ان جميع القضايا المحالة تخص شركتين عقاريتين فقط، احداهما مملوكة وتديرها سيدة اعمال معروفة. وتوقعت ان تتلقى النايبة العامة المزيد من الشكاوى التي تخص النصب العقاري خلال الأسابيع القليلة القادمة، بعد فحصها وتمحيصها من اللجنة التابعة لوزارة التجارة والصناعة المكلفة بإدارة هذا الملف، حتى تكون جميع الشكاوى كاملة الأوراق والمستندات امام السلطة القضائية.
وأفادت بأن القيد والوصف للشكاوى المحالة من وزارة التجارة على الشركتين تم تحت اسم «النصب والاحتيال، وغسل الأموال». وكشفت المصادر ان وزارة التجارة والصناعة بناء على الشكاوى المرفوعة قامت بإجراءات احترازية بحق الشركتين ومنها على سبيل المثال لا الحصر منعهما من اصدار رخص تجارية لافرع جديدة، ومنع تداول العقارات.
وعلى ذات صلة حذرت مصادر معنية من بعض التجمعات والتكتلات التي تتدعي بانها ضد النصب العقاري وتستقطب الضحايا وايهامهم بانهم سيعملون على استرداد حقوقهم، محذرة من ان يعيد التاريخ نفسه وان تستغل قضيتهم مثلما حصل في بعض التكتلات المعنية في الشركات الورقية المدرجة في بورصة الكويت للأوراق المالية، حيث استغل بعض الأشخاص ضحايا تلك الشركات للاستحواذ على ما تبقى من أصولها او التسويق لأنفسهم لغرض ما.
واكدت المصادر ان هذا الملف الان تحت مظلة القضاء الكويتي العادل الذي لن يتوانى في إعادة الحقوق الى أصحابها من خلال الاحكام التي من المنتظر ان يصدرها في هذا الخصوص.

على من تقع المسؤولية؟

قال مصدر رقابي إن على المؤسسات المصرفية والمالية والاستثمارية بذل جهود إضافية لزيادة الوعي المالي لدى المواطنين. وأكد أن بعض تلك المؤسسات لديها أساليب غير سوية وكأنها تريد الايقاع بضحايا تربح منهم أكثر. وأضاف أن على الحكومة بكل أجهزتها أن تعمل على لجم النهم الاستهلاكي الذي يجتاح المجتمع، ولا بد من حملة وطنية واسعة النطاق في هذا المجال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق