اقتصاد

«كوفبيك»: خسائر بمئات الملايين

مصادر نفطية رفيعة المستوى أن إدارة شركة الشركة الكويتية للاستكشافات الخارجية كوفبيك اكتشفت أن الاحتياطيات النفطية لاستثمارها في حقلي ألما وغالية الواقعين ببحر الشمال في المملكة المتحدة أقل بكثير من تلك المتفق عليها، وهو الأمر الذي تسبب في تكبد الشركة خسائر.
وقالت المصادر نفسها إن «كوفبيك» قامت برفع دعوى قضائية على مشغل المشروع (إنكويست) واتهامه بإخفاء معلومات جوهرية أثرت في قرار الاستثمار من عدمه، إضافة إلى اتضاح أن المستثمر السابق للحقلين قبل دخول «إنكويست» قد أثبتت دراساته أن الإنتاج من هذا الحقلين غير مجد اقتصادياً.
وأشارت إلى أن قيمة المخزون الاحتياطي لحقلي ألما وغالية المتفق عليه عند بداية الدخول في الاستثمار كان يبلغ 25 مليون برميل، والمعترف به حالياً، الذي على أساسه تمت إعادة تخفيض قيمة الأصول، هو بحدود 10 ملايين برميل، وهناك دراسات تشير إلى أن الاحتياطي الفعلي لا يزيد على 7 ملايين برميل، ولكن هناك من يتعمد رفع الاحتياطي للتقليل من حجم الخسارة.
وكشفت مصادر أنه تمت المطالبة بمبلغ 91 مليون دولار فقط، وهذا لا يمثل إلا نسبة متواضعة (لو افترضنا جدلاً ربح النزاع القضائي) من الخسارة التي تكبدها المال العام نتيجة لقرار الاستثمار المستعجل في هذا المشروع، رغم كل التحذيرات والتحفظات من قبل المختصين.
وبيّنت أنه على الرغم من إخفاق المشروع، فقد صدرت قرارات عدة من مجلس إدارة الشركة بالموافقة على زيادة تكلفة نطاق العمل في مشروع حقلي «ألما وغالية»، وذلك بمبلغ 203 ملايين دولار أميركي و115.3 مليون دولار، ليصبح إجمالي التكلفة على الدولة 804 ملايين دولار أميركي. وتوالت هذه الزيادات حتى بلغ إجمالي ما تكبده المال العام أكثر من مليار دولار أميركي.
وتابعت: توالت قرارات الشركة بتخفيض قيمة المشروع ليبلغ إجمالي ما تم تخفيضه منه منذ الاستحواذ عليه وحتى نهاية السنة المالية في 2016 ما يزيد على 546 مليون دولار، وبما يمثل ما نسبته %52 من إجمالي التكلفة التي تكبدها المال العام، حسب تقرير ديوان المحاسبة للسنة المالية 2017/2016، وتشير التقارير إلى مواصلة الشركة تخفيض قيمة المشروع ليصل إجمالي التخفيضات إلى ما يزيد على 630 مليون دولار.
وأوضحت أن قيمة التخفيضات ستصل إلى 800 مليون دولار، في حال تم حساب قيمة المشروع على أساس قيمة المخزون الفعلي غير المعترف به (7 ملايين برميل)، ومن دون زيادة سعر البرميل بصورة متعمدة عن الأسعار الصحيحة المثبتة في نشرات مؤسسة البترول الكويتية.
وأفادت أن هناك أخطاء إجرائية قامت بها الشركة تمثلت في محاولتها لإنقاذ المشروع من الفشل بصرف مئات الملايين من الدولارات على منصة التفريغ والتخزين العائمة، رغم أنها مملوكة للمشغل «انكويست»، ورغم أنها تدفع إيجاراً يومياً، موضحة أن هذه الملايين التي تم صرفها، أصبحت ملكاً لشركة «انكويست»، كون منصة التفريغ أحد أصولها، وبمجرد إبحار السفينة عن موقع المشروع ستخسر كوفبيك الملايين من دون أي حق بالمطالبة بها.

قرار المشاركة
وقالت المصادر إن مجلس إدارة الشركة السابق تجاهل التحفظات المشروعة، التي قدمتها لجنة تقييم المشاريع الجديدة بالشركة ضد المشروع، ليصدر مجلس إدارة كوفبيك قراره رقم 2012/17 ــ بالمغامرة ــ على الموافقة في الدخول في مشروع إعادة تطوير حقلي «ألما وغالية»، الواقعين في بحر الشمال بالمملكة المتحدة، وذلك عن طريق شراء حصة قدرها %35 من امتياز الإنتاج، الذي تمتلكه «انكويست» مقابل 485 مليون دولار أميركي، على الرغم من:
ــ عدم صدور نتائج دراسة جدوى الاستثمار من قبل المكاتب الاستشارية، التي أصدرت تقريرها بعدها بشهرين (يوليو 2012).
ــ تحفظ لجنة تقييم المشاريع الجديدة بالشركة على المشروع بسبب حساسية اقتصادات دراسة الجدوى.
وذكرت أن تحفظات لجنة تقييم المشاريع الجديدة بالشركة، أو ما يعرف Peers Committee، كانت بسبب حساسية اقتصادات دراسة الجدوى للمشروع بسبب التخوف من عدة مخاطر اقتصادية، أهمها:
1 ــ ارتفاع التكلفة التشغيلية للمشروع.
2 ــ ارتفاع قيمة رأسمال المشروع المطلوب للتشغيل.
3 ــ تفاوت أسعار النفط.
وتابعت: للأسف، ثبت بالواقع أن معظم هذه المخاطر كانت في محلها الصحيح، ولكن مجلس الإدارة السابق غامر بتجاهلها.
وأوضحت أنه على الرغم من أن القيمة التقديرية للمشروع كانت تبلغ 515 مليوناً، فإن بعض قيادات شركة كوفبيك خفّضت القيمة التقديرية للمشروع لتصبح 485 مليون دولار أميركي، حيث إن أنظمة المؤسسة والشركة تحتم الحصول على موافقة مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية متى ما فاقت قيمة أي مشروع 500 مليون دولار.
لم يكن سبب خسائر مشروع ألما وغالية فقط تذبذب أسعار النفط والغاز في العالم، لأن الدخول في هذا المشروع مع الشريك المشغل كانت فيه مخاطر كبيرة.
قامت لجنة تقييم المشاريع في شركة كوفبيك peer review ‏بدراسة وتقييم الاستثمار، وبيّنت المخاطر الموجودة بالمشروع، وتم عرض المشروع والمخاطر على إدارة الشركة في شهر 1 مايو 2012، ومن ثم تم عرضه على ‏مجلس إدارة الشركة في 3 مايو 2012، وتمت الموافقة على ‏الدخول في مشروع ألما وغالية ‏مشروطة باستكمال دراسة جدوى الاستثمار عن طريق مستشار، وتفويض رئيس الشركة لمتابعة الدراسة، وأظهرت النتائج أن المشروع ممكن المضي به، وتم التوقيع على الاتفاق النهائي في لندن في نهاية مايو 2012.
وفي أكتوبر 2012، أظهر الشريك عدم قدرته على إدارة المشروع، وطلب زيادة في التكلفة الرأسمالية للمشروع، وطلب رئيس الشركة في عام 2013 من جهات التدقيق الداخلي للمؤسسة عمل تدقيق على المشروع، وأيضاً على الشريك، وخرج بعدد من التوصيات، منها وجود تعارض مصالح بين الشريك المشغل وصاحب السفينة المؤجرة.
وقد أخفق المشغل في إدارة هذا المشروع وبناء المنشأة على ظهر السفينة.
وكان حجم المشروع أكبر من قدرة وخبرة الشريك على إدارته، كون الشريك لا يملك الخبرة والدراية بإدارة مثل هذا المشروع، وكان يدير فقط إنتاج 23000 برميل باليوم في ذاك الوقت. لم ‏يضع المشغل أي خطة لإدارة المشروع وبناء المنشأة على ظهر السفينة، ولم يكن عنده تقدير مالي لحجم الاستثمار، ولم يكن لديه من خبراء في الشركة لإدارة مشروع إذ فشل، ‏مما أدى إلى زيادة ميزانية المشروع زيادة كبيرة جداً، مما أدى إلى عدم جدوى المشروع، واعتبر هذا المشروع من المشاريع الخاسرة لشركة كوفبيك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق