برلمانيات

حيثيات حكم قضية دخول المجلس: الجريمة ثابتة.. والنواب هم الأولى بالحبس

المُدانون هم الأولى بالحبس، لأنهم الأكثر إمعاناً في تنفيذ الجرم الذي اقترفوه، أما الآخرون من الشباب، فإن المحكمة تمتنع عن عقابهم بسبب ظروف القضية، ولاعتقادها انهم لن يعودوا للجرم مستقبلا.
هذا ما أكدته محكمة التمييز في حيثياتها التي تم الانتهاء من طباعتها أمس بقضية «دخول المجلس»، التي احتوت على 116 صفحة، وقد صدرت برئاسة المستشار صالح المريشد.

قالت المحكمة انها لا تأبه بإنكار المتهمين للتهم المسندة إليهم، وما يثيرونه من شيوع الاتهام وتلفيقه وكيديته، وتراه ضرباً من ضروب الدفاع للتنصل من مسؤوليتهم عما اقترفوه.
واوضحت المحكمة أن ما ذهب إليه المتهمون بقولهم ان الجريمة سياسية، ولا تشكل الوقائع المسندة إليهم أي جريمة، لا يعدو أن يكون منازعة في صورة الواقعة وسلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وأدلتها تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدانها بالدليل الصحيح ومن ثم تلتفت المحكمة عن كل ما يثيرونه في هذا الصدد.
وتطرقت المحكمة إلى جريمة الاعتداء على رجال الأمن وإهانتهم، مؤكدة ان «المقرر ان الاتفاق على ارتكاب جريمة إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية».
واشارت المحكمة إلى ان للقاضي أن يستخلص حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها ما دام في تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده، وكان من المقرر – ايضا – أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالا بذاته على الواقعة المراد إثباتها، بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها مما يتكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.

بطلان الاتهام
وعن الدفع ببطلان صحيفة الاتهام، قالت المحكمة «انه لما كان من المقرر وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 130 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أن إغفال أي من البيانات الواردة في الفقرة الأولى من ذات المادة لايعتبر جوهريا، إلا إذا كان من شأنه تضليل المتهم تضليلاً تختل معه الأغراض التي توخاها القانون من ذكرها، وكانت صحيفة الاتهام قد اشتملت على البيانات المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة في بيان كاف وواضح لا غموض فيه ومن ثم فإن الدفع يكون على غير أساس.
وقالت المحكمة ان المقرر لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى وأن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها، إذ العبرة في الإثبات في المواد الجزائية هي باقتناع المحكمة واطمئنانها إلى الأدلة المطروحة على بساط البحث.
وتابعت «وان من حقها ان تستخلص من أقوال الشهود وسائر الأدلة والعناصر الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، وأن وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع».

العلة.. وموضع الدليل
وقالت المحكمة انه متى ما أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وللمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليها، وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة في ذلك أو موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها.
ونوهت المحكمة ان البيِّن من مطالعة الأوراق ان اجراءات التحقيق مع المتهمين وإحالتهم للمحاكمة الجزائية في الدعوى المطروحة قد تمت بعد رفع الحصانه عنهم من مجلس الأمة، وهو ما لا يمارون فيه، فإن الدفع المبدى منهم في هذا الشأن يكون غير مقبول ولا يغير من ذلك الحكم بعدم دستورية المرسوم الأميري الصادر بحل مجلس الأمة وبطلانه الذي أصدر الإذن برفع الحصانة عنه، لما هو مقرر من أن كل إجراء وقع صحيحاً عند اتخاذه يظل على هذه الصحة حتى يبلغ نهايته، ومن ثم فإن الحكم بعدم دستورية المرسوم الأميري الصادر بحل مجلس الأمة لا ينصرف إلى ما صدر عن المجلس المبطل من قرارات، ويضحى دفاع المتهمين الأول ومن الثالث حتى السابع في هذا الشأن غير سديد.
ولفتت المحكمة إلى أنه لما كانت محكمة الاستئناف قد قضت بانقضاء الدعوى الجزائية قبل المتهم الثامن بوفاته وبراءة المتهم السابع والثلاثين من تهمة السرقة المبينة بالبند خامساً من صحيفة الاتهام، وبراءة المتهم الثالث والخمسين من تهمة تحريض رجال الشرطة على التمرد المبينة بالبند ثالثاً من صحيفة الاتهام، ولم تطعن النيابة العامة بالتمييز على ما قضى به الحكم من براءة في تهمة السرقة وتحريض المتهم الثالث والخمسين أفراد الشرطة على التمرد، فإن ما تقدم لا يكون مطروحاً على هذه المحكمة التي تنظر استئناف النيابة العامة على الحكم الابتدائي الصادر بالبراءة في حدود ما ميز من الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى الجزائية.
وقالت إنه لما كان من المقرر أن استئناف أي طرف من أطراف الدعوى الجزائية يعيد طرح النزاع على محكمة ثاني درجة لمصلحته هو وفي نطاق ما رفع عنه الاستئناف، عدا استئناف النيابة العامة، فإنه ينقل النزاع برمته في ما يتعلّق بالدعوى الجزائية لمصلحة طرفيها من المتهم والنيابة العامة، فتتصل به اتصالاً يخولها النظر في جميع نواحيه، وحينئذ يحق للمحكمة الاستئنافية أن تؤدي الحكم المستأنف أو تلغيه أو تعد له لمصلحة المتهم أو ضده، وكان البين من الأوراق أن محكمة أول درجة قد قضت في موضوع الدعوى الجزائية- محل استئناف النيابة العامة – ببراءة المتهمين مما نسب إليهم، فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم للثبوت والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون، فإن استئناف النيابة العامة للحكم الابتدائي على النحو المتقدم يعيد طرح النزاع على هذه المحكمة في ما يتعلق بالدعوى الجزائية لمصلحة المتهمين والنيابة العامة – في حدود ما ميز من الحكم الاستئنافي – ومن ثم يجوز لهذه المحكمة النظر فيه، ولها أن تعدل الحكم المستأنف لمصلحة المتهمين أو ضدهم.

لا تتقيد بالوصف
وبينت ان محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المنسوب إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، دون الحاجة لأن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية المبينة بتقرير الاتهام التي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً.

تحريض على التمرد
وعن جريمة تحريض أفراد الشرطة على التمرد، قالت المحكمة ان المادة 1/26 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960، إذ نصت على أن: «كل من حرض أحد أفراد القوات المسلحة أو الشرطة على التمرد، ولم يترتب على هذا التحريض أثر، يعاقب بالحبس المؤقت مدة لا تجاوز خمس سنوات ويجوز أن تضاف إليه غرامة لا تجاوز خمسمئة دينار…»، فقد دلت على أن الجريمة المؤثمة بالفقرة الأولى يتوافر ركناها المادي والمعنوي بقيام الجاني بأي نشاط إيجابي يكون من شأنه تحريض أحد أفراد القوات المسلحة أو الشرطة على التمرد، أي عدم إطاعة اوامر رؤسائهم وعدم الانصياع لها أو تنفيذها، وكان توافر القصد الجنائي فيها أو عدم توافره من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب، ما دامت تقيم قضاءها على ما ينتجه ولا يلزم ان يتحدث الحكم – صراحة وعلى استقلال – عن توافر أي من هذين الركنين، ما دام في مؤدى ما أورده من وقائع وظروف الدعوى ما يكفي للدلالة على قيامه.

رفض عدم دستورية «قانون التجمعات»

أشارت المحكمة الى ان المحكمة الدستورية قضت في الدعوى رقم 8 لسنة 2014 دستورية بتاريخ 18 – 3 – 2015 برفض الدعوى المحالة إليها للفصل في عدم دستورية المواد 20،19،13 من المرسوم بالقانون رقم 95 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات، وانتهت في أسباب حكمها إلى دستورية تلك المواد، وكان البين من مطالعة مواد العقاب التي طلبت النيابة العامة تطبيقها، أنه ليس من بينها المادة 4 من المرسوم بالقانون المار ذكره، فإن الدفع بعدم الدستورية يكون غير مقبول ولا جدوى منه.

1500 على مسرح الجريمة

لفتت المحكمة إلى ان ما يثيره المتهمون من أن جهات التحقيق لم تقدم سواهم للمحاكمة رغم وجود ما يزيد على 1500 شخص على مسرح الأحداث مردود بأن من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً، وكان لا مصلحة للمتهمين من وراء ما يثيرونه بشأن تقديمهم للمحاكمة من دون غيرهم ممن كانوا على مسرح الجريمة طالما ليس من شأنه أن ينفي مسؤوليتهم عن ارتكابهم الجرائم التي ادينوا بها، ومن ثم فإن منعهم في هذا الشأن يكون غير مقبول.

شهادة المقدم خالد خميس

لم تعول المحكمة في قضائها على تحريات الشرطة، وقالت ان العبارات التي نقلتها المحكمة عن المقدم خالد خميس في هذا الخصوص ما هي إلا جزء من شهادته التي أوردتها واطمأنت إليها ولا تنهض بذاتها دليلاً مستقلاً، ولم تعول عليها المحكمة بهذا الحسبان، وان النعي ببطلان تلك التحريات – للشواهد التي عددها الدفاع – لا يكون مقبولاً.

طلبات الدفاع

أوضحت المحكمة انها غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب خبير في الدعوى، ما دامت قد وجدت في أوراقها ما يكفي لتكوين عقيدتها والفصل دونما حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وأن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفصل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة، بل كان القصد منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة، يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته إليه.

الاستدلال بصور مواقع التواصل

قالت المحكمة انها اطمأنت إلى الأدلة القولية والفنية في تقديم الصور المجمعة من مواقع التواصل الاجتماعي الموجودة بالأقراص المدمجة وإحالتها إلى الأدلة الجنائية لفحصها، والقول انها مزورة وطلب فض الاسطوانات المدمجة، قصد بها جميعاً إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ومن ثم تلتفت عنه.

التناقض بالشهادة لا يعيب الحكم

أكدت المحكمة ان تضارب أقوال الشاهد مع نفسه أو مع أقوال غيره من الشهود أو تناقضها لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً، لا تناقض فيه، وأن لمحكمة الموضوع أيضا أن تأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي مرحلة من مراحل التحقيق باعتبارها شهادة، وإن عدل عنها بعد ذلك، متى ما اطمأنت على صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع.

المحكمة تصف المتهمين: أمرهم مُدبر.. وزعوا الأدوار.. وكانوا منتظمين

ذكرت المحكمة ان المتهمين المُدانين ارتكبوا الجرائم سالفة البيان، وهم في كل مراحل الأحداث يدبرون كل أمر، ويوزعون الأدوار في ما بينهم، ويتولون التنظيم والقيادة ويتوجهون وجهة واحدة، وكل منهم يقصد قصد الآخر، وهو ما تستخلص منه هذه المحكمة توافر الاتفاق في ما بينهم على ارتكاب جرائم التعدي على أفراد الشرطة القائمين على فض التظاهرة والتجمهر في شارع الخليج العربي بقصد مقاومتهم وتعطيل مهام وظيفتهم، والتعدي على أفراد حرس مجلس الأمة من منتسبي الحرس الوطني أثناء وبسبب تأدية وظيفتهم، والإتلاف العمد ودخول عقار بقصد ارتكاب جريمة فيه.

«التمييز» ترد على عدم تحريك شكوى: النيابة العامة صاحبة الحق في الدعوى

ردت المحكمة على الدفع بعدم جواز تحريك الدعوى الجزائية عن جريمة إهانة أفراد الشرطة لعدم تقديم شكوى من المجني عليه، مؤكدة ان الأصل أن النيابة العامة – أو من يقوم مقامها في قضايا الجنح – هي صاحبة الحق في الدعوى ومباشرتها، عملا بأحكام قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وكان توقف رفع الدعوى الجزائية على تقديم شكوى من المجني عليه، إنما هو استثناء من هذا الأصل بحسبانه قيدا على سلطة التحقيق صاحبة الاختصاص الأصيل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق