اقتصاد

صراع «أوبك» والنفط الصخري يدخل جولته الثالثة

يمكن وصف الصراع بين «أوبك» ومنتجي النفط الصخري بأنه صراع من جولتين، في الجولة الأولى استطاع منتجو النفط الصخري كسب حصة من السوق وانهارت أسعار الخام، بينما في الجولة الثانية خفضت منظمة أوبك الإنتاج بعد تكيف منتجي النفط الصخري مع الأسعار المنخفضة.
ويرى تقرير لـ «بلومبيرغ» أنه لا بد من الاستعداد الآن للجولة الثالثة مع محاولات «أوبك» وروسيا رسم طريق للخروج من اتفاقية خفض الإنتاج، وهو ما يتوقع تعثره بسبب تقلبات السوق والانعطافات المفاجئة التي تربك حساباتهم.

اختلاف التوازن بين العرض والطلب
يتضح نهج المنظمة وكبار المنتجين المستقلين خارجها السنة المقبلة، حيث ارتفع «برنت» فوق سبعين دولاراً للبرميل، مما يؤكد على ما يبدو نجاح خطتها، وقد تم تمديد خفض الإنتاج حتى نهاية هذا العام لمواصلة سحب المخزونات الزائدة.
لكن كالمعتاد، فإن الطلب في النصف الأول من العام يبدو ضعيفاً نسبياً، مما يعني أن أي تخفيض في المخزونات سيظهر في النصف الثاني.
على أرض الواقع – خصوصاً إذا تجاوزت الأسعار 70 دولاراً – فإن التوازن الأساسي بين العرض والطلب لا يدعم تفاؤل «أوبك»، وإذا تجاوزت هذا السعر فإن التخلي عن خفض المعروض لن يكون سلساً مع احتمالات ضعف نمو الطلب خلال العام الحالي.
ويبدو أن بعض الشركات الروسية ترغب بشدة في إيجاد مخرج من اتفاقية «أوبك»، على الرغم من تصريحات وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك بأنه لا يرى تحقيق أي توازن حتى الربع الثالث أو الرابع من العام المقبل، مع إمكانية تمديد الاتفاقية مرة أخرى إلى ما بعد نهاية 2018.
وقد لا يسبب التخلي المفاجئ عن حدود الإنتاج تراجعاً حاداً في الأسعار هذا العام، ولكن من المؤكد حدوث ذلك في عام 2019.
ويعني ذلك أن الانسحاب السلس من قيود الإنتاج سيكون معقداً، فلدى بعض الدول المشاركة القدرة على زيادة الإنتاج بشكل كبير من الحقول الحالية، فيما ستحاول دول أخرى مواكبة الزيادات، وكذلك إيران ستسير في الاتجاه نفسه أيضا إذا لم تخرج عن مسارها بسبب الاضطرابات السياسية أو العقوبات.
البعض الآخر يواجه انخفاضاً بطيئاً في الإنتاج، مثل الجزائر، أو هبوطا سريعاً جداً في حالة فنزويلا، لذلك على الأعضاء الالتزام بالخطة التي ستوضع لزيادة الإنتاج تدريجياً وفق خطة متوسطة المدى، مع التوقعات بزيادة الراغبين في الخروج من الاتفاقية.

الاستعداد باستراتيجية مسبقة
تختلف الآراء بشدة حول التوازن، وترى «أوبك» زيادة في الإنتاج تبلغ مليون برميل يوميا هذا العام، منها 720 ألف برميل من الولايات المتحدة، فيما تتوقع وكالة الطاقة الدولية نحو 1.6 مليون برميل مع مساهمة أميركا بنحو 870 ألفاً، ولكن إذا ظلت الأسعار مرتفعة فإن توقعات الوكالة تبدو متحفظة.
وتسمح أسعار النفط المرتفعة اليوم لمنتجي النفط الصخري بالتحوط بشأن برامج الحفر، وسترتفع التكاليف حتماً مع تزايد النشاط، ولكن الأسعار فوق 60 دولاراً للبرميل توفر كلاً من الأرباح والنمو.
وتعتقد «أوبك» أن الطلب سينمو بمقدار 1.53 مليون برميل يومياً بانخفاض طفيف عن 1.7 مليون العام الماضي، في حين تتوقع وكالة الطاقة الدولية نحو 1.3 مليون برميل، يؤدي تقريب وجهات النظر المتناقضة بشأن العرض والطلب إلى فرق بين الجانبين بنحو 800 ألف برميل يومياً.
ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط بنسبة 15 في المئة العام الماضي – بعد تحقيق مكاسب بنسبة 74 في المئة في عام 2016 – إلى تقليص الطلب بشكل كبير، ويشكل تباطؤ الاقتصاد الصيني تهديداً آخر، ومع ذلك ترى الوكالة صعوبة انخفاض المخزونات هذا العام.

رؤية أخرى
هناك رؤية أخرى بخلاف توقعات «أوبك» بشأن العودة إلى التوازن من خلال ضعف الطلب في النصف الأول من هذا العام الذي تقابله زيادة في إنتاج النفط الصخري الأميركي مع آثار ارتفاع الأسعار والتحوط بشأن الإمدادات.
وتغير ذلك مع تراجع الصادرات الفنزويلية والاضطرابات الدورية في ليبيا ونيجيريا وغيرها من الأحداث الطارئة على غرار توقف عمل خط أنابيب «فورتيس» الأخير في بحر الشمال.
وبحلول النصف الثاني من العام، سيكون الطلب أقل قوة من المتوقع، وستسعى بعض الدول إلى زيادة إنتاجها، وستشعر موسكو بأن اتفاقية «أوبك» حققت أهدافها، لتواجه «أوبك» معضلة حول ما إذا كانت ستتمسك بخفض الإنتاج أو إعادة فرض الانضباط، وقد تُلغى الاتفاقية لتتراجع الأسعار مرة أخرى.
ويوضح هذا الاحتمال أن «أوبك» والمنتجين المستقلين الآخرين لا يريدون إستراتيجية للخروج، وإنما إطارا طويل الأجل لإدارة نمو الإنتاج المقيد.
هم لا يستطيعون تحمل هبوط أسعار آخر أو المخاطرة بارتفاعها أو زيادة في إنتاج النفط الصخري أو تضرر الطلب أو زيادة الاهتمام بالسيارات الكهربائية، وإذا انهار التحالف هذا العام أمام النفط الصخري فسيكون من الصعب جداً استعادته. (بلومبيرغ، ارقام)

باركيندو: الكويت صوت الحكمة

أعرب الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) محمد باركيندو، عن أن الكويت تعد صوت الحكمة داخل المنظمة، خصوصاً بالتزامها بمبادئ «أوبك».
وتابع: نتطلع إلى أن تستمر الكويت في عملها داخل «أوبك» وداخل اللجنة الوزارية لمراقبة خفض الإنتاج، مبيناً أنه سيكون الأحد المقبل اجتماع للجنة في مسقط بسلطنة عُمان.
وحول انتقال رئاسة لجنة مراقبة الإنتاج من الكويت إلى السعودية، أوضح باركيندو أن ذلك أمر طبيعي يتم بشكل سنوي بالاتفاق بين الدول الأعضاء. كما تنتقل رئاسة «أوبك» بين الدول الأعضاء أيضاً، لافتاً إلى أنه ولخبرة الكويت الكبيرة تمت الاستعانة بها كعضو في هذه اللجنة.
وأضاف: أنه عندما تم التوصل إلى اتفاق خفض الإنتاج اختيرت الكويت بالإجماع لرئاسة لجنة مراقبة خفض الإنتاج وروسيا نائباً للرئيس وبعضوية خمس دول. وقامت اللجنة بدورها خلال العام الماضي على أكمل وجه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق