خارجية

النمسا تتسلم رئاسة الاتحاد الاوروبي.. وسط انقسامات شديدة بشأن الهجرة

تسلمت النمسا رسميا اليوم من بلغاريا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي وحتى نهاية شهر ديسمبر القادم تحت شعار “أوروبا المحمية” في وقت يعاني الاتحاد انقسامات شديدة بسبب الهجرة.
وترأست النمسا الاتحاد المرة الاولى في 1998 ثم ترأسته مرة ثانية في 2006 لكن المفارقة تكمن في ان النمسا التي تسلمت الرئاسة قبل 12 عاما من بريطانيا تتسلمها اليوم وللمرة الثالثة في وقت تستعد بريطانيا للخروج من الاتحاد بشكل كامل.
ونظرا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتحديات الهجرة والعمالة وفقدان ثقة غالبية الأوروبيين بمؤسسات الاتحاد الأوروبي فان الحكومة النمساوية تطمح خلال فترة رئاسة الاتحاد الى إحداث تغيير ملموس داخل التكتل من خلال وضع خطط لمواجهة تحديات الهجرة والأمن و”الإرهاب”.
وتنتظر الرئاسة النمساوية جدولا حافلا يتضمن عقد ما مجموعه 300 اجتماع في العاصمة النمساوية (فيينا) خلال النصف الثاني من العام الجاري في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية حيث سيكون الاجتماع الاول بين الرئاسة النمساوية والمفوضية الاوروبية والمقرر عقده يومي الخامس والسادس من يوليو القادم.
وأعلن المستشار النمساوي المحافظ سيباستيان كورتس انه يخطط لاستضافة قمة أوروبية – افريقية خلال فترة رئاسة النمسا للاتحاد الاوروبي باعتبار ان دول افريقيا تلعب دورا محوريا في موضوع الهجرة اذ يأتي غالبية المهاجرين من هذه الدول بحثا عن فرص عيش وحياة أفضل.
وتدرك النمسا انه بدون تعاون الدول الافريقية فانه لا يمكنها بحث مسألة إقامة معسكرات للجوء في أراضيها وبالتالي فإن نجاح سياسة الحد من الهجرة الى أوروبا يعتمد بشكل مباشر على مدى تعاون هذه الدول.
وأعدت الرئاسة النمساوية جدول الأعمال الزمني لاجتماعات وزراء الاتحاد الأوروبي التي ستعقد في المدن النمساوية ومعظمها سيكون في العاصمة (فيينا) فيما سيعقد اجتماعان وزاريان فقط حول الطاقة وحماية البيئة بمدينتي (لينز) الغربية و(غراتس) الجنوبية.
ويجمع المراقبون السياسيون على ان رئاسة النمسا للاتحاد في ظل وجود حكومة ائتلافية يمينية ذات توجهات شعبوية مكشوفة معادية للاجانب والمسلمين بالذات تكتسب أهمية خاصة مميزة حيث لم تشهد النمسا مثيلا لهذه التوجهات العنصرية على مدى عقود طويلة من الزمن.
وأعلنت الحكومة النمساوية بوضوح تأييدها لمواقف حكومات يمينية متطرفة ولاسيما في إيطاليا وهنغاريا والتشيك من ناحية معاداة الأجانب والمهاجرين وغلق حدود أوروبا تماما بوجه المهاجرين بينما لا تؤيد دول أوروبية اخرى مثل فرنسا وألمانيا هذا التوجه وتطالب بالحفاظ على المبادئ الديمقراطية والإنسانية الأوروبية.
ولم يخف السياسيون الأوروبيون مخاوفهم من هيمنة اليمين المتطرف على السياسات الأوروبية ووصل الامر برئيس البرلمان الاوروبي انطونيو تياني الى التحذير من احتمال انهيار الاتحاد بالكامل بسبب عمق الخلافات الداخلية التي باتت تنخر فيه.
ونقلت وكالة الصحافة النمساوية عن المستشار النمساوي سيبستيان كورتس قوله ان جدول الاعمال الذي ستطرحه بلاده على الاتحاد يتضمن ثلاثة محاور رئيسية تتمثل في معالجة قضية اللاجئين واتمام المفاوضات بخصوص ميزانية الاتحاد وانهاء مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد بشكل كامل.
وتؤكد كل من المانيا وفرنسا ولوكسمبورغ والحكومة الاسبانية الجديدة ضرورة توفير المزيد من الانسجام بين الدول الاعضاء خصوصا في ما يتعلق بقضية اللاجئين حيث من المقرر ان تعقد النمسا في العشرين من شهر سبتمبر القادم قمة يحضرها رؤساء دول الاتحاد في مدينة سالزبورغ النمساوية لبحث مسألة الهجرة وكيفية حماية الحدود الخارجية لدول الاتحاد الاوروبي.
وبهذا الصدد طالب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل كل الدول الاعضاء بالانضمام الى ميزانية منطقة اليورو الا ان دولا اخرى اقل حجما مثل النمسا تريد التركيز على القضايا الكبرى مثل حماية الحدود الخارجية للاتحاد وانشاء مراكز تجميع للاجئين في بلدان خارج الاتحاد اضافة الى مناقشة السياسات الخارجية للاتحاد.
كما ينتظر ان تتطرق الرئاسة النمساوية الى مسألة تعديل ميزانية الاتحاد خاصة بعد خروج بريطانيا حيث اشار رئيس الدورة الحالية المستشار النمساوي كورتس الى ان بلاده لا ترغب في زيادة مساهمتها في هذه الميزانية لتعويض ما فقدته من اموال بسبب خروج بريطانيا.
كما يشكل موضوع خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي (بريكست) ضربة قوية لدول الاتحاد الاوروبي ال28 التي ستعمل خلال الرئاسة النمساوية على تعجيل انهاء مسألة انسحاب بريطانيا من الاتحاد الذي من المفروض ان يصبح امرا واقعا بحلول 2019.
ومن التحديات الكبرى الاخرى امام الرئاسة النمساوية خلال الاشهر الستة القادمة تهيمن مسألة التوفيق بين الدول التي تطالب الاتحاد بالمزيد من الدعم المالي والدول التي تمنح الكثير ولا تأخذ منه شيئا مثل الدنمارك وهولندا اللتين تريدان احداث توازن بهذا الصدد.
ويتوقع العديد من المراقبين السياسيين ان تكون مسألة مناقشة ميزانية الاتحاد للفترة 2021 – 2027 الاصعب في تاريخ الاتحاد الاوروبي.
وستسعى النمسا خلال فترة الرئاسة الى إعادة الثقة بمؤسسات الاتحاد الأوروبي والسعي لوضع مفهوم جديد ومتكامل لتغيير مسار الكتلة خاصة في ظل وجود اليمين المتطرف في تشكيلة حكومة فيينا.
يذكر ان رئاسة الاتحاد الأوروبي التي شغلتها بلغاريا خلال النصف الاول من العام الجاري تنتقل بصورة دورية بين الدول ال28 الأعضاء كل ستة أشهر وتتمثل وظيفة الرئاسة في رئاسة اجتماعات المجلس وتحديد جداول أعماله ووضع برنامج العمل وتسهيل الحوار سواء في جلسات المجلس أو مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي الأخرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق