مقالات

حرب الهاشتاقات السياسية … بقلم | ا.د هشام العوضي

مشكلة الثقافة السياسية عندنا في الكويت أنها تعتمد على الشعبية. ومشكلة الشعبية أنها لا تعتمد على الكيف ولكن على الكم. وكما الشبق الى زيادة رأس المال، تؤدي الشعبية إلى الشبق لزيادة أعداد المؤيدين والمعجبين، حتى لو كان ذلك على حساب الجودة والأفضل للمواطن والدولة. يقول سيث جودن «الشعبية ليست عملاً عبقرياً. الشعبية تعني أن المزيد من الناس يحبون هذا الشيء أكثر من ذاك الشيء. الشعبية ببساطة هي فعل مقصود لخدمة جمهور أكبر. إن كلمة (شعبية) تعني الأكثر رواجاً، ولكن الأكثر رواجاً ليس هو للأفضل دائماً». الشعبية هي التي تؤدي إلى التعجّل المرتبك في صياغة سياسات ورؤى عادة بحاجة إلى التأمل والتؤدة. الشعبية هي التي تؤدي إلى تغيير القناعات بسرعة لافتة وتدعو للريبة. الشعبية هي التي تسفر عن المزايدة أو التنمر على أقلية قد تختلف في الرأي أو الأولويات. الشعبية يمكن أن تتحول إلى سلطة خفيّة ومرعبة، لها نفوذ خارج دائرة القانون والمنطق (ورأينا شيئاً من هذا في اقتحام مجلس الأمة في 2011 واقتحام مبنى الكونغرس الأميركي في 2021). ولا تسود الثقافة الشعبية في السياسة فحسب، ولكن في الاقتصاد والتعليم والثقافة والفن والأدب. وهذه الشعبية، أو الرغبة الفجّة للشهرة، هي المسؤولة عن تكون نظام شامل ومعاصر أطلق عليه آلان دونو «نظام التفاهة». ولا تعني التفاهة هنا السطحية، ولكن سيادة مفاهيم وأشخاص من ذوي القدرات المتوسطة mediocre، يحققون رواجاً عريضاً بين جماهير من خلفيات ثقافية وتعليمية متوسطة أيضاً. ومن مظاهر الشعبية في ثقافتنا السياسية ما تراه من تكون لهذه الثقافة «مباشر وعلى الهواء» في وسائل التواصل الاجتماعي. أصبح بعض النواب يخاطب الحكومة عبر تويتر، تماماً كما أدار الرئيس الأميركي المشاهد الدموية والمخزية لاقتحام مبنى الكونغرس عبر تويتر أيضاً. وهذه ظاهرة خطيرة، لدى ممثلي السلطة التشريعية هنا في الكويت. فمن الخطير أن يصاغ الخطاب السياسي عبر مفردات مختصرة، تهدف إلى الانتشار وتحقيق أعلى عدد من المتابعين والمعجبين. من الخطير أن نشهد قطيعة بين المجلس والحكومة، ونستبدل هذه القطيعة بردح سياسي غير ناضج عبر حرب الهاشتقات الجماهيرية trending. يقول جودن إن الشعبية قد تكون قيمة فاتنة، ولكنها لا ينبغي أن تتحول إلى هدف العقلاء.

أ. د. هشام العوضي
@Hesham_Alawadi

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شركة تنظيف
إغلاق