محليات

تلفزيون أطفال.. في زمن «يوتيوب» و«نتفليكس»؟!

وزارة الإعلام تمضي إلى الأمام.. بأعين مُصوَّبة إلى الخلف

هل يعيش بعض المسؤولين والوزراء على كوكب آخر؟ سؤال مشروع يطرق ذهن المواطن الكويتي في مناسبات عديدة، كلما خرج مسؤول ما يزف إلى حضرة المواطنين خبراً يظنه إنجازاً عظيماً، لكن واقع الحال يقول عكس ذلك تماماً. وآخر تلك الصرعة العجيبة خروج معالي وزير الإعلام محمد الجبري معلناً عن إنشاء محطة تلفزيونية حكومية تختص ببرامج الأطفال، حيث وصف بعض كوادر وزارة الإعلام هذه الخطوة بالإنجاز الذي تربع على رأس أولويات وزارة الإعلام العام الماضي. وهنا يأتي السؤال الأهم الذي لا بد أن نتوقف عنده: هل ما زال هناك أطفال يشاهدون التلفزيون بمفهومه الكلاسيكي؟! نحن نتحدث اليوم عن أطفال جيل «الآيباد»، و«يوتيوب»، و«نتفليكس»، و«أبل تي في».
فحسب دراسة حديثة نشرتها صحيفة the Saturday Paper، فإن المشاهدين من عمر 65 عاماً فما فوق، هم من يشاهدون التلفزيون فقط، بينما يعزف عن مشاهدته الأعمار الأقل، إن هذا الجيل الجديد الفائض بالتكنولوجيا لم يعد يستوعب مفهوم التلفزيون الكلاسيكي، ولم يعد الطفل المشاهد اليوم مضطراً للتسمر أمام ساعة الحائط لانتظار بث فيلم كارتوني أو مسلسل مفضل لديه كما كان يحدث في القرن الماضي. لم يعد يستهوي طفل الـ 2019 فكرة إعلانات الثمانينات التي كانت تبثها وزارة الإعلام: ترقبوا غداً الجمعة حلقة جديدة من كارتون «جرانديزر» في تمام الساعة السادسة مساء مثلاً.. أو حتى برنامج «الحصن» في مطلع التسعينات الذي يبث كل يوم خميس الساعة الثانية عشرة ظهراً. تلك الثقافات القديمة المدفونة تحت طبقات الغبار المتكدس انتهت أمام ثورة الإعلام الجديد، وسقطت سقوطا مدوياً أمام أطفال الجيل الجديد الذي أثبتت دراسة عن OFCOM في بريطانيا أن نحو %71 من الأطفال من عمر 2 – 4 سنوات يشاهدون برامجهم على تلفزيون الإنترنت، حيث يستطيع الطفل اليوم اختيار اسم الكارتون الذي يريد مشاهدته – بإشراف اسرته – من دون الحاجة إلى ذوق وتقدير مسؤول الجدولة في محطة التلفزيون الكلاسيكي.. كما أن تلك المحطات الإنترنتية تفرض معياراً رقابياً صارماً بالتعاون مع أسرة الطفل، حيث يتوجب على الأسرة وضع رمز يمنع الطفل من العبث بمحطات لا تناسب سنه.
تلك الثقافة الجديدة خلقت سوقاً جديدة وآفاقاً عصرية بديلة للتلفزيون الكلاسيكي، على رأسها محطات «نتفليكس»، و«أمازون برايم»، و«أبل تي في».. وغيرها من محطات التلفزيون الذكية على الإنترنت.
قبل حوالي ربع قرن، في مطلع التسعينات تحديداً، صدرت محطة Cartoon Network، التي أحدثت صخبا عاليا بين أطفال العالم المتعطشين لهذا النوع من المحطات، شركة «تايم وارنر» القائمة على محطة Cartoon Network اقتنصت فرصة عدم توافر محطات تلفزيون تخاطب الأطفال آنذاك، فنجحت نجاحاً مذهلاً منقطع النظير، فلحقتها محطات أخرى مثل: Spacetoon، وNickelodeon.. وغيرهما.. وقد حققت نجاحاً كبيراً ونسب مشاهدات فاقت التوقعات، وسط جو تنافسي في إنتاج برامج الأطفال ومسلسلاتهم.
اليوم نحن على مشارف 2019، وبعد ربع قرن على تجارب تلك المحطات، ذكرت المصادر أن امبراطورية Cartoon Network على وشك الانهيار، بعد خسائر فادحة تكبدتها المحطة لتغير ثقافة الجيل الجديد من الأطفال، وتوجههم إلى بدائل الإعلام الجديد «يوتيوب، نتفليكس.. إلخ.»، خاصة أن محطات الإنترنت بطبيعة حالها، أقل كلفة من التلفزيون الكلاسيكي، بسبب عدم اعتماده على أجهزة بث، وحجز تردد على الساتلايت، وغيرها.. وهنا نقف أمام سؤال جوهري: هل حالة التقشف التي أعلنتها الحكومة في مناسبات عديدة، تتفق مع هدر للمال العام لهكذا خطوة غير مدروسة، تعود أصلها الى حوالي ربع قرن؟ وهل سيلام المواطن إن فسر خطوة إطلاق قناة أطفال في 2019 على أنها هدر غير مبرر للمال العام؟ أم أنه بالفعل جهل عميق بمتغيرات الإعلام الجديد، وعقول عجوزة لم تعد تستوعب سرعة متغيرات سوق الإعلام وثقافة مستهلكيه؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق