محليات

وجه في الأحداث البراك.. ابن «الزعيم» أمين التموين

حكاية تهريب مواد التموين مؤخراً، كالحليب والأرز عبر الحدود وإلى خارج الكويت باعتباره من السلع الرخيصة جداً «والعين عليها» قياساً لأسعاره في دول المنطقة، جعل الانظار تتجه إلى البدايات والمؤسسين، فكان اختيار طارق محمد البراك أول مدير عام للشركة الكويتية للتموين عام 1973 «وجهاً في الأحداث».

■ طلع من التموين بعد عشرين سنة خدمة بدشداشته نظيف اليد، عصامي، يعيش اليوم على معاشه التقاعدي ويشار إليه بكونه «ابن الزعيم»، والترحيب به عند دخوله احدى الدواوين بالقول: «هلا ابن الزعيم».
■ تجاوز الــ83 عاماً من العمر، لكن ذاكرته مازالت حاضرة وإن كان ممتنعاً عن الظهور الإعلامي أو التحدث عن سيرته، فهو من جيل نشأ على قيم العطاء للكويت دون منةٍّ، فقد توقف عن العمل الحكومي بعد التحرير وقبل أن تؤول شركة التموين الى المطاحن، لينهي عقدين من تاريخ التحاقه بشركة كان لها دور رائد بدعم المواد الغذائية وتوفيرها بسعر زهيد لم يتغير منذ السبعينات.
■ أول مهمة له كانت توليه مدير الإدارة المالية والإدارية لمشروع محطة كهرباء الشعيبة الشمالية عام 1964، تمثل هذا الدور بكونه ضابط اتصال مع المستشارين، انتهى المشروع عام 1967 بعد أربع سنوات من تشغيل أول وحدة بالمحطة وبتكلفة قاربت الـ10 ملايين دينار.
■ من جيل لم يعرف التعصب ولا الانغلاق على نفسه، فقد عاش وسط بيئة منفتحة من دون تزمت وفتاوى تحريم تخرج إلى الناس بواسطة الهاتف والـ«وتس أب»، كان الفرح سمة المجتمع، حيث الطرب والغناء والصوت الحسن، من لحظة نزول السفن إلى الأعياد وفي أماكن البر والأعراس إلى الطهور والختان، وختم القرآن الكريم كلها مناسبات لا تغيب عنها «الطقطقة».. كان المجتمع متجانسا وبعادات متقاربة وهوية مشتركة (…) اليوم بات في غربة!
■ يفتخر بدور العوائل وأهل الكويت الذين كان لهم دور فاعل وأساسي بالتعليم وبالعلاج المجاني، فهم من فرضوا هذا النهج منذ الثلاثينات عندما كان يُخصَّص جزء من الاموال المحصلة من الجمارك، وهي بحدود 100 الف روبية تقريباً للصرف على بناء المدارس والتعليم؛ فكانت نسبة %1 تذهب الى الصحة، و%2 الى المعارف، واستمر هذا النظام الى عام 1952.
■ المحطة الثانية في حياته الوظيفية حصلت عام 1973 عندما اختير من قبل الوكيل عبدالله الدخيل ليكون اول مدير عام للشركة الكويتية للتموين، التي تساهم فيها المطاحن والكويتية للاستثمار والاستثمارات الخارجية، بدءا بشراء المواد الغذائية وتوزيعها على المواطنين والمقيمين. تولّى في حينه مجلس الادارة تلقّي عروض الأسعار من الشركات واختيار السعر المناسب للسكر والارز والحليب، والدهن.
■ التموين أدى الغرض من انشائه كما يشرحه بنفسه، فقد التزمت الحكومة الدعم المالي للسلع الغذائية، واحتسبت سعرا ثابتا منذ السبعينات لم يتغيّر؛ حيث حافظت على معدل التضخم بالأسعار، وكبح جماح بعض الموردين. وسعر طن السكر الذي تشتريه الحكومة تراوح ما بين 200 و900 دولار، في حين بقي سعره ثابتاً للمستهلك، وهو بحدود 90 فلساً للكيلو غرام، في حين تراوح سعر طن الارز البسمتي ما بين 450 و800 دولار، اما للمستهلك فبقي ثابتا على 120 فلساً.
■ بالسوق تعرف معدن الأشخاص، قول يردده أمام اصدقائه ومعارفه، فلو لم يكن بالتموين لم يمتلك الخبرة والمعرفة بقوانين الدول وبطرق المفاوضات، وبالملاحة البحرية والتأمين فقد تعامل مع عدة مستويات وطبقات اجتماعية وعرف الغث من السمين؛ فالحياة مدرسة، بل جامعة، تتعرف فيها على أحوال البشر وما يدور في خلدهم.
■ يوم الغزو العراقي عام 1990 ذهب كعادته إلى مكاتب الشركة مقابل مبنى المطاحن، نادى الموجودين وباشروا بتوزيع المواد، كما لو أنه لا يوجد غزو، واستمر بذلك إلى شهر ديسمبر 1990 عندما اوقفه الاحتلال عن العمل، فقد كان حريصاً على أن يصل التموين والعلف إلى مستحقيه، بل وذهب إلى البحرين للتوقيع على أوراق لباخرة أرز وصلت إلى الميناء يوم الغزو، وتم تفريغ حمولتها ليؤمّن لهم المبالغ المالية المتوجبة.
■ أنقذ بحكمته وجرأته رئيس جمعية تعاونية واثنين من الأعضاء من حكم الاعدام أثناء الاحتلال العراقي، بعدما تم إيداعهم السجن، وسوقهم الى المحاكمة، وعندما عرف بالأمر وكانت تربطه علاقة بضابط المنطقة وجمعته الصدفة بوزير التجارة العراقي آنذاك، قرر الادلاء بشهادته أمام المحكمة والاعتراف بأنه هو من فوضهم باستعمال سيارات البلدية اثناء عملهم، وهي الشكوى التي قدمت بحقهم، وبالفعل اصدر القاضي العراقي حكماً ببراءتهم وعادوا إلى الحياة من جديد.
■ دخل عالم الانترنت والتكنولوجيا بعد التقاعد، وانتسب إلى دورات في البرامج والتكنولوجيا واستخداماته في مركز خدمة المجتمع، بجامعة الكويت عام 1995 وكان عمره يقترب من الــ 60 عاما ويستمر في التعليم الالكتروني إلى اليوم.
■ غطس في قاع البحار، وأصبح من محترفي الغطس ومن مرتادي سواحل البحر الأحمر، خاصة شرم الشيخ والغردقة. ففي عالم المرجان والأسماك وابداع الخالق يخرج من دنيا الضغوط والمشاكل والصراعات إلى حيث يرتاح العقل وتزهو الأعين بالمناظر الالهية.

السيرة الذاتية

– طارق محمد البراك
– مواليد 1935 – منطقة شرق – الكويت.
– أنهى المرحلة الثانونية في ثانوية الشويخ (1954)، بعدما درس بالشرقية والمباركية.
– التحق بجامعة عين شمس في مصر (1955)، ثم درس الهندسة بجامعة كاليفورنيا في أميركا لمدة ثلاث سنوات (1956).
– عمل بوزارة المالية، القلم السري التابع للنفط بالأحمدي (1962).
– عين عام 1964 المدير المالي والإداري لمحطة كهرباء الشعيبة الشمالية.
– اختير لتولي منصب مدير عام الشركة الكويتية للتموين عام 1973، واستمر فيها لغاية 1993، وهي السنة التي تقاعد فيها من الوظيفة.
– أحد مؤسسي نادي كاظمة وعضو مجلس إدارة أول اتحاد لتنس الطاولة.
– عضو مجلس إدارة الشركة المتحدة للدواجن سابقاً، وعضو في شركة سكر الكنانة بالسودان، ممثلاً عن الشركة العقارية التجارية الكويتية.
– متزوج ولديه أربع أبناء (3 أولاد وبنت)

الصقر والبحر

كان ضمن ثلاثة اشخاص يملكون الصلاحية بتحديد السعر والتفاوض مع الشركات، والآخران هما: خالد حمد بودي (نائب المدير العام) ومحمد مشاري البدر (العضو المنتدب) يعترف بأنه مدين إلى شخصين تعلم منهما التفاوض واكتسب الخبرة في مجال البيع والشراء: علي عبدالرحمن البحر (عضو مجلس الإدارة) وخالد عبدالله حمد الصقر.

قصة «الزعيم»

والده محمد علي بن براك الفضالة، اشتهر بـ«بن براك» أو «الزعيم»، وعندما صدرت الجنسية وضعوا اسم البراك وصار لصيقا به وبالعائلة ونسوا عائلة الفضالة.
وفي كتاب عبدالله الحاتم «من هنا بدأت الكويت» يورد سيرة الزعيم تحت عنوان «أول اضراب» تشهده الكويت عام 1937 لسائقي سيارات الاجرة، وكان هو واحداً ممن شاركوا في التظاهرة واعتقل وتعرض للضرب والسجن، انشأ عام 1938 «مكتبة قومية» لمساعدة الشباب، كان على طول الخط ضد الاستعمار البريطاني، اتجه الى البصرة على اثر حوادث مجلس 1938 ثم الى بومبي، وهناك شارك في مظاهرة ضد الانكليز الى ان تم اعتقاله عام 1942. عملت الكويت على تسليمه وجيء به مخفوراً على ظهر سفينة الى ان توفاه الله عام 1953.

عالم الرياضة

مبكراً وجد نفسه في عالم الرياضة، فهو من مؤسسي نادي كاظمة الذي كان يعرف بالنهضة ومن اوائل اعضاء مجلس الإدارة، إلى جانب رفيق عمره أحمد السعدون وعبدالمحسن الصبيح ويوسف السعدون، إضافة إلى مشاركته في أول اتحاد للتنس وتمثيله لدولة الكويت في دورة الصداقة عام 1972 التي أقيمت في الصين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق