محليات

بحر الكويت.. حاضنة «أسماك القرش» النادرة المسالمة

تعد المياه الإقليمية الكويتية وتحديدا جون الكويت أحد أكبر حاضنات الأسماك في العالم لما لها من طبيعة وخصائص فريدة من حيث حركة التيارات الى جانب كون الجون بيئة جاذبة للعديد من الكائنات البحرية التي تنشد الأمان والمياه الدافئة فتتحول الى قبلة لبعض أنواع الأسماك العملاقة كأسماك القرش المسالمة.
ومن أشهر أنواع اسماك القرش الموجودة في المياه الإقليمية الكويتية (القرش الحوت) وقد يظهر بالقرب من الشواطئ للبحث عن الغذاء وهو أكبر أنواع أسماك القرش النادرة والمسالمة التي يتوق الغواصون للغوص معه لأخذ الصور التذكارية والتمتع بمصاحبته.
وفي هذا السياق، قالت الباحثة الكويتية المتخصصة في اسماك القرش الدكتورة دارين المعجل لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الاحد “ان أسماك القرش جزء من طبيعة المنطقة وهي موجودة في المياه الإقليمية منذ القدم ولدينا نحو 32 نوعا تم رصدها فعليا اضافة الى وجود 17 نوعا سمعنا او قرأنا عنه ولها دور مهم في حماية البيئة البحرية كونها تتغذي على الأجزاء الضعيفة او المريضة من الاسماك”.
وأضافت المعجل وهي أول كويتية تحصل على الدكتوراه في أسماك القرش ورسالتها بعنوان (دراسة لحماية أسماك القرش على طول السواحل العربية.. رؤى من خبرات الصيادين والأدوات الجزيئية) “ان سمكة القرش خجولة ومسالمة بطبعها وتعيش في الأماكن الهادئة”.
وذكرت ان اسماك القرش تسبح في مجموعات وغالبا ما تشاهد في المكان والتوقيت ذاته من كل عام ونادرا ما يتم مشاهدتها منفردة أو بالقرب من الشواطئ او تجمعات الناس ويكثر وجودها في فترات الصيف مع المياه الدافئة.
واوضحت ان “سمك القرش يتغذى على السلطعون والديدان واللخم والمزلقان والقبقب وغالبا ما توجد تلك الكائنات في المياه القريبة من الشاطئ لذا قد نجد أحيانا اسماك القرش بالقرب من الشاطئ لسهولة الحصول على الطعام”.
وأوضحت المعجل ان منطقة جزيرة بوبيان تعد من أفضل الأماكن الحاضنة لأسماك القرش كونها مصبا للأنهار التي غالبا ما تكون غنية بالمواد الغذائية كما انها تعد من الأماكن الآمنة لصغارها.
وبينت ان “احجامها تتراوح من 50 سنتيمترا الى 12 مترا مؤكدة ان اسماك القرش لا تهاجم الانسان مطلقا الا اذا شعرت بخطورة تهددها لذا من المهم ان يحترم الانسان خصوصية سمك القرش لاسيما الغواصون وعدم التوجه الى مناطقه ولابد من وجود مسافة كافية لتفادي التأثير السلبي للفقاعات الصادرة عن اجهزة الاوكسجين والتي تسبب ضغطا عصبيا وتشكل تهديدا عليه”.
ولفتت المعجل الى ان”القرش يعطي تغيرات في شكل جسده وايحاءات انه مستعد للهجوم اذ تتحول الزعنفتان الجانبيتان الى زاوية قائمة للأسفل او يتقوس الظهر ويتعرج ويكون ذلك بمثابة اعلان ما قبل الهجوم الا انه يكون للدفاع عن النفس لأن لحم الانسان لا يستهويه .. وهنا على الانسان الابتعاد عن منطقته”.
وأوضحت “انه في حال هجم القرش على الانسان فلا بد من توجيه ضربة بقبضة اليد في مناطق الخياشيم او العين او المنطقة الامامية في مقدمة الوجه والتي تحوي مجسات حساسة جدا والضرب عليها حينها يفقد القرش السيطرة وتسبب له صدمة ..وهنا يستطيع الانسان الابتعاد”.
من جانبه، أكد الباحث العلمي في مركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية في معهد الكويت للأبحاث العلمية عبد الرحمن يوسف ل (كونا) اهتمام المعهد بالبيئة البحرية والساحلية وتخصيص أبحاث ومشاريع رائدة في هذه المجالات.
وقال أن الخليج وشواطئه من أهم سمات البيئة الكويتية التي تمتد السواحل فيها على مساحة 500 كيلومتر بما فيها الجزر لذلك يولي المعهد اهتماما خاصا بها لتنسجم مع التوجهات الحديثة للتطبيقات العملية لنتائج الأبحاث وتمكنه من مواجهة تحديات العصر.
وقال يوسف ان المعهد أحصى أنواع أسماك القرش لافتا “الى انه لا خطورة منها على الانسان اطلاقا وان أعدادها في تناقص كبير فبعد ان كنا نراها قديما وبالمئات على سطح الماء تناقصت بشكل لافت والبعض منها انقرض”.
وعزا ذلك “الى الصيد الجائر بهدف قص زعانف الاسماك للتجار بها ومن ثم القائها في البحر وكان يتم ذلك بكميات كبيرة في السابق كما ان تكاثرها ليس بنفس تكاثر الأنواع الأخرى من الأسماك إضافة الى شباك الجر الخلفي ذات التأثير السلبي على صغار أسماك القرش”.
واوضح “ان المعهد اجرى دراسات حول هذا الامر واستحدث شباكا بديلة لا تؤثر سلبا على اسماك القرش وتسمح لصغارها بالخروج الآمن منها الا انها لم تستخدم حتى الان لأنها تتطلب تغيير كل الشباك المتوفرة حاليا” مشيرا الى ان المعهد يقدم توصيات بهذا الشأن للجهات المخولة بالتطبيق.
وذكر ان”القرش الذي ظهر أخيرا وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع له هو القرش الحوتي وهو مسالم جدا ومن الممكن السباحة معه والركوب فوقه ويظهر بين فترة وأخرى ولا توجد أي خطورة تذكر من وجوده لأنه يتغذي على الهوائم والعوالق البحرية”.
ولفت الى “ان أخطر أنواع أسماك القرش لا تهاجم الانسان الا في الحالات النادرة كونها ترى الانسان كائنا غريبا لا يستهويها” مؤكدا “ان الانسان نفسه هو من يدفعها للهجوم عليه في حال صدرت عنه تصرفات عشوائية غير مدروسة”.
من جهته، قال رئيس فريق الغوص الكويتي في المبرة التطوعية الكابتن وليد الفاضل ل (كونا) ان اسماك القرش من الاسماك الغضروفية وتختلف أنواعها في الكويت حسب بيئتها ومنها من يعيش في القاع أو قرب الشعاب المرجانية وأخرى قرب السواحل”.
واضاف “ان هناك العديد من أنواعها في الكويت أشهرها (القرش الحوت) وهو أضخم الاسماك على الطلاق وقد يصل طوله إلى 18 مترا ويجول في المياه الدافئة لأغلب بحار العالم ومنها الخليج العربي وتتغذى على العوالق و “البلانكتونات” وهي كائنات مجهرية احادية الخلية والأسماك والقشريات الصغيرة والحبار”.
ولفت “الى انها أسماك مسالمة وودودة إلى حد كبير وتشاهد قرب السواحل ايضا وتشاهد منفردة أو مجتمعة وتهاجر تبعا لموسم توفر العوالق البحرية وغالبا ما تشاهد في المكان والتوقيت ذاته من كل عام الا انها مهددة بالانقراض”.
وأوضح ان فريق الغوص الكويتي في المبرة التطوعية البيئية دعا مرارا الى تشديد الرقابة على بعض الصيادين ممن يقومون بفصل زعانف سمك القرش بهدف بيعها للأسواق الخليجية نظرا لخطورة هذا العمل على البيئة البحرية والتأثير على مكوناتها”.
وأشار الى أهمية اسماك القرش في البيئة البحرية نظرا لدورها الكبير في المحافظة على التوازن البيئي لافتا الى ان اصطيادها بهذه الطريقة قد يؤدي إلى مشكلات بيئية خطرة جدا.
وقال إن فريق الغوص اجرى عدة عمليات بحرية لإنقاذ القروش من شباك الصيد والتي كان آخرها إنقاذ صغار القروش في شباك جنوب الخيران وإنقاذ قرش جزيرة كبر والذي علق في شباك صيد مهملة كبيرة على الشعاب المرجانية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق