مقالات

بايدن ومسار العلاقات الأميركية _ الصينية ….. بقلم/ أ. دانة علي العنزي

يصور لنا الإعلام العربي أن مسار السياسة الأميركية في المنطقة هو القضية المركزية للرئيس المنتخب جو بايدن، والحقيقية أن المنطقة قد تأتي في المرتبة الخامسة ضمن اهتمامات بايدن، ففي المرتبة الأولى ستأتي الصين، ليس فقط لبايدن بل لأي رئيس أميركي مقبل، أما كيف ستسير العلاقات الأميركية الصينية في عهده؟ فأكثر الكتابات الرصينة تفاؤلا لم تتوقع مطلقا انتهاء نمط العلاقات التنافسية الحاكم للعلاقات بين البلدين، بل إدارته بشكل أكثر هدوءاً.
التنافس الأميركي- الصيني لا يختزل في مجموعة قضايا كتايوان وقضية حقوق الإنسان، بل في جوهره حرب باردة جديدة على زعامة النظام الدولي بدأت فعليا منذ عقد تقريبا، ففي 2009 أطلقت إدارة أوباما الديمقراطية «استراتيجية المحور في آسيا- باسفيك» لاحتواء الصين، واستكمل ترامب سياسات الاحتواء بأساليب أكثرها ضراوة «كالحرب التجارية» وفى حملته الانتخابية، اتخذ بايدن لهجة تصعيدية ضد الصين منتقداً سجل بكين في حقوق الإنسان وسياساتها الانفرادية
تجاه مصالحها السيادية.
إذن فمسألة تحجيم صعود الصين أضحت توجها استراتيجيا ثابتا للولايات المتحدة يتجاوز التنافس الحزبي. ومع ذلك، فالاختلاف الرئيس بين الديمقراطيين والجمهوريين في إدارة تلك الحرب الباردة يكمن في تكتيكات وسياسات الاحتواء.
إذ يبدو من تصريحات بايدن أن الولايات المتحدة بصدد نمط سياسات جديدة تختلف كليا عن إدارة ترامب، إذ يميل الديمقراطيون إلى تجنب لغة الصدام المباشر مع الصين، وتشكيل تحالفات سياسية واقتصادية واسعة لاحتواء الصين، اعتقادا منهم بأن تلك التحالفات قادرة على احتواء هادئ للصين وعودتها مرة أخرى لما قبل 2008 كدولة تابعة للولايات المتحدة فضلا عن تقديمها تنازلات لأبرز الملفات الشائكة خاصة تايوان. وصدى ذلك كان واضحا للغاية أثناء حملته الانتخابية، إذ أشار بايدن صراحة أن الولايات المتحدة بحاجة إلى تقوية تحالفاتها في آسيا وأوروبا للحيلولة، من دون انفراد الصين بتشكيل قواعد النظام الاقتصادي العالمي.
وتصريح بايدن أيضا إشارة إلى نهج جديد يسعى من خلاله إلى استعادة قيادة الولايات العالمية، التي تراجعت كثيرا بفضل سياسات ترامب العدائية والانفرادية تجاه الحلفاء، مسببة فراغا كبيرا استغلته الصين بذكاء لتمكين قيادتها العالمية.
فيما يبدو أن إدارة بايدن راغبة بالفعل في إدارة الصراع مع الصين بشكل هادئ، وهذا ما تتمناه الصين البارعة في إدارة الصراعات الهادئة، لكن هذا لا يعنى أن احتمالات الحرب غير واردة، فقوة ونفوذ الصين الآن لا يمكن مقارنته بقبل 2008، وبالتالي فترويضها وإجبارها على تقديم تنازلات لاسيما بشأن مصالحها السيادية أمر غاية في الصعوبة على إدارة بايدن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شركة تنظيف
إغلاق