اقتصاد

«الوطني»: الإنفاق الحكومي يتراجع 9% في 7 أشهر

%8 للنفقات الجارية و13% لـ «الرأسمالية»

قال تقرير لبنك الكويت الوطني إنه من المقرر أن يؤدي التراجع الذي شهدته أسعار النفط خلال شهر نوفمبر الماضي وإعلان منظمة أوبك مؤخراً عن خفض الإنتاج إلى التأثير في توقعات نمو الاقتصاد الكويتي. حيث يمثل القطاع النفطي حوالي نصف الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي وحوالي %90 من الإيرادات الحكومية، وبالتالي فإن التطورات الأخيرة – التي لم تؤخذ في الاعتبار بعد ضمن التوقعات الواردة في هذا التقرير – سيكون لها تأثير مهم في النمو الاقتصادي والمالية العامة للعام القادم.
وأضاف التقرير: من جهة أخرى، كانت أوضاع الاقتصاد غير النفطي خلال الشهر الماضي متفاوتة، حيث ارتفعت مبيعات العقار إلى مستويات قوية في أكتوبر، في حين كان الإنفاق الاستهلاكي ضعيفا في نوفمبر، متأثراً على الأرجح بموجة الامطار الغزيرة التي شهدتها البلاد.

تراجع أسعار النفط
وبعد أن سجل سعر النفط الخام الكويتي تراجعاً بنسبة %7 في أكتوبر، عاد وانخفض بنسبة أعلى في نوفمبر بلغت %22 وصولاً إلى 58 دولاراً للبرميل بنهاية الشهر. هذا التراجع الذي منيت به أسعار النفط، والذي جاء على خلفية المخاوف المتعلقة بالامدادات الإيرانية التي لم تنخفض كما كان متوقعاً بفضل إعفاء بعض المستوردين الرئيسيين من العقوبات المفروضة، وارتفاع إنتاج النفط الصخري الأميركي، والمخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي. هذه التغيرات دفعت «أوبك» وحلفاءها إلى الموافقة في مستهل شهر ديسمبر الجاري على خفض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يومياً لمدة ستة أشهر اعتبارا من يناير 2019.وقد ساهم هذا القرار في تعزيز أسعار النفط على المدى القريب، حيث ارتفع سعر مزيج خام برنت بنسبة %5 عقب اعلان هذا القرار قبل أن يتراجع لاحقاً جراء مخاوف من عدم تمكن تلك التخفيضات من كبح جماح تخمة الامدادات في سوق النفط العالمي العام المقبل.
وتشير البيانات الصادرة من منظمة أوبك إلى تراجع إنتاج النفط الخام الكويتي في أكتوبر الماضي إلى 2.76 مليون برميل يومياً مسجلاً انخفاضاً للشهر الثاني على التوالي، وذلك على الرغم من تخفيف قيود الإنتاج التي فرضتها «أوبك» سابقاً الصيف الماضي، والتي كان من المفترض أن ينتج عنها ارتفاع مستويات الإنتاج. وعلى الرغم من عدم تحديد حصص فردية لكل دولة على حدة، إلا أن الخطوة الأخيرة التي اتخذتها منظمة أوبك لخفض الإنتاج يمكن أن تؤدي إلى تراجع الإنتاج عن مستويات أكتوبر، وهو ما يمثل شهر الأساس الذي يتم على أساسه تطبيق مستويات خفض الإنتاج الأخيرة.
وقال «الوطني»: تم الإعلان عن تلك التطورات مباشرة قبل نشر هذا التقرير، وبالتالي لم نغير توقعاتنا رسميا بعد. إلا انه يبدو من المحتمل تقليص الإنتاج خلال الأشهر المقبلة ليصل إلى 2.7 مليون برميل يومياً، المستوى الذي بلغه قبل حلول فصل الصيف، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تخفيض توقعاتنا للناتج المحلي الإجمالي لعام 2019 بشكل كبير من نسبة %4 الحالية، والتي كانت تستند إلى انتعاش إنتاج النفط العام المقبل.

العقار
وأظهرت بيانات أكتوبر ارتفاعا نسبيا في مبيعات العقار، حيث بلغت 285 مليون دينار كويتي مرتفعة بنسبة %31 على أساس سنوي و%42 على أساس شهري، ويأتي ارتفاع المبيعات للشهر الثاني على التوالي منذ التراجع الملحوظ في أغسطس. كما يعد هذا المستوى أعلى بكثير من المتوسط الشهري لعام 2017 (181 مليون دينار كويتي) وأعلى من متوسط عام 2018 (265 مليون دينار كويتي). ويعزى ارتفاع المبيعات بصفة أساسية لنمو الصفقات في القطاع السكني، هذا بالإضافة إلى الارتفاع الملحوظ في نشاط القطاع التجاري. في حين تراجعت مبيعات القطاع الاستثماري بشكل ملحوظ (-9%) عن الشهر السابق، إلا انها لا تزال قوية نسبيا ببلوغها قرابة 100 مليون دينار كويتي. وجاء هذا التراجع في مبيعات قطاع العقار الاستثماري على الرغم من ارتفاع عدد الصفقات بنسبة %39 على أساس شهري، في حين انخفض متوسط حجم المعاملات للعقارات الاستثمارية بنسبة %34 على أساس شهري، فيما قد يعزى هذا التراجع الأخير إما إلى انخفاض الأسعار أو على الأرجح تغيير نوعية الشقق التي يتم تداولها، أي متوسط حجم المبنى/جودته.

الموازنة العامة
وتظهر البيانات الأولية للميزانية العامة تسجيل الحكومة فائضاً مالياً يصل إلى 3.1 مليارات دينار في الأشهر السبعة الأولى من العام المالي 2019/2018 (من أبريل إلى أكتوبر وقبل استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة)، فيما يعد تحولاً جذرياً مقارنة بتسجيل عجز بقيمة 1.5 مليار دينار في الفترة المماثلة من العام الماضي. وهناك عاملان أساسيان ساهما في هذا التحسن:
أولاً: ارتفاع عائدات النفط – التي تمثل عادة %90 – %95 من إجمالي إيرادات الموازنة – بنسبة %51 على أساس سنوي بسبب ارتفاع أسعار النفط بنسبة مماثلة، في حين سجلت الإيرادات غير النفطية تراجعاً بسيطاً.
ثانياً: شهد الإنفاق الحكومي انخفاضاً غير متوقع بنسبة %9 على أساس سنوي وذلك على الرغم من ارتفاعه بنسبة %8 للعام بأكمله بحسب تقديرات الموازنة العامة. وعلى مستوى المعدلات الاجمالية للميزانية، تراجعت مستويات كل من النفقات الجارية (-8%) والنفقات الرأسمالية (%-13).
وأضاف تقرير «الوطني»: على الرغم من أننا لا نستبعد كلياً ضعف البيانات المتعلقة بالنفقات الحكومية، فإننا نقدر أن حجم الانخفاض قد يعكس تأخر ارسال التقارير الخاصة بها وأن النفقات الفعلية هي أعلى من ذلك. ويعتبر التراجع الشديد في بند الأجور والرواتب غير معتاد على وجه الخصوص، حيث يعد أكبر بنود الميزانية ويتم دفعه عادةً في موعده. ومن دون احتساب هذا التراجع، ترتفع النفقات العامة بنسبة %4 على أساس سنوي. وإذا صدقت توقعاتنا وارتفعت النفقات في نهاية العام وعادت إلى مسارها المعتاد، فإن الصورة النهائية للموازنة ستكون أقل إيجابية مما تشير إليه الأرقام الأخيرة – خاصةً عندما يتم احتساب تراجع أسعار النفط منذ أكتوبر. ونتوقع في الوقت الحالي أن تسجل الموازنة عجزاً بسيطاً يصل إلى حوالي 0.4 مليار دينار كويتي أو %1 من الناتج المحلي الإجمالي للعام بأكمله. إلا انه من المرجح أن يتم رفع توقعات العجز لكل من العامين الحالي والمقبل عند أخذ العوامل السالفة الذكر بعين الاعتبار.

تراجع الإنفاق الاستهلاكي والتضخم
وانخفض الانفاق الاستهلاكي بنسبة %0.9 على أساس سنوي في نوفمبر، مسجلاً أول انخفاض له منذ 17 شهراً، وذلك بعد انتعاش طفيف في أكتوبر الماضي. ونتج هذا التباطؤ عن تراجع شمل كل القطاعات دون استثناء، مع تباطؤ معدلات نمو الإنفاق الاستهلاكي للسلع المعمرة (خاصة السيارات) والسلع غير المعمرة وكذلك الإنفاق على الخدمات خلال الشهر. ومما لا شك فيه أن ضعف مستويات الإنفاق قد تأثر بتقيُّد الحركة والعطلات الطارئة التي فرضتها لموجة الامطار الغزيرة التي تعرضت لها البلاد في نوفمبر.
وتراجع معدل تضخم أسعار المستهلكين مرة أخرى في أكتوبر الماضي، مسجلاً أدنى مستوياته على مدار 15 عامًا، حيث بلغ %0.2 على أساس سنوي مقابل %0.3 في سبتمبر. ولم تشهد معدلات التضخم في معظم القطاعات الفرعية أي تغير يذكر، في حين ساهم قطاع «السلع والخدمات المتنوعة» بأكبر نسبة تراجع بلغ %0.7 مقابل %1.7 في سبتمبر.
وفي ضوء ذلك، تراجع أحد معايير التضخم «الأساسي» – باستثناء الأغذية والسكن – إلى %1.3، فيما يعد نصف المعدل الذي شهدناه مؤخرًا في أبريل. كما انخفض التضخم في أسعار المواد الغذائية إلى %0.3، على الرغم من أن انكماش خدمات الإسكان (الإيجارات على الأغلب) قد انخفض قليلاً إلى %-1.4.
وتسلط هذه الأرقام الضوء على استمرار الغياب المطلق للضغوط الكبرى للأسعار على كل النواحي الاقتصادية، مما يعكس مزيجاً من النمو الاقتصادي المعتدل وقوة الدينار الكويتي مقابل العديد من عملات الشركاء التجاريين الاخرين والذي يسهم في خفض تكاليف الواردات، إضافة إلى ضعف سوق الإسكان الذي يؤدي إلى الضغط على الإيجارات.

نمو الائتمان
وارتفع نمو الائتمان إلى %2.1 في سبتمبر الماضي، مقابل %1.7 في أغسطس مع تلاشي العوامل الموسمية التي أثرت في أداء الشهر السابق. وقد تعزز هذا الانتعاش من خلال تسارع وتيرة التسهيلات الائتمانية المقدمة للشركات (%2) والقطاع العائلي (%6.3)، هذا إضافة إلى الارتفاع الموسمي بنهاية كل فترة ربع سنوية في الاقتراض لشراء الأوراق المالية.
وشهدت القطاعات غير المصنفة والقطاع العقاري أعلى معدلات الارتفاع، في حين تراجع الإقراض للقطاع التجاري للشهر الثاني على التوالي. وفي الوقت ذاته، ارتفعت ودائع القطاع الخاص بواقع 455 مليون دينار كويتي على خلفية المكاسب التي حققتها الودائع تحت الطلب والودائع بالعملات الأجنبية. وقد ساهم ذلك في تعزيز معدلات نمو عرض النقد بمفهومه الواسع (ن2) إلى %4.8 على أساس سنوي مقابل %4.4 في أغسطس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق