خارجية

التحقيق في انفجار #مرفأ_بيروت.. السياسة تنتصر على #القضاء

في تطور خطير قد يضع التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت في المجهول، أصدرت محكمة التمييز الجزائية الناظرة في ملف نقل الدعوى المقدمة من الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر للارتياب المشروع «قراراً قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفي الأساس بنقلها من يد القاضي فادي صوان وإحالتها إلى قاض آخر يعين وفقاً لنص المادة الـ360 من أصول المحاكمات الجزائية»، وذلك رغم مخالفة عضو الهيئة القاضي فادي العريضي لهذا القرار.
قرار المحكمة صدر مفنداً بـ50 صفحة، ويرتكز إلى نقطتين أساسيتين استوجبتا تنحية القاضي صوان، أولاً تصريحه بأنه لن يتوقف في تحقيقاته أمام أي حصانة، ما يعني أنه يتجاهل القوانين. والنقطة الثانية اعترافه بأنه متضرر شخصياً من انفجار المرفأ، ومن ثم لا يحق وفق القواعد الأساسية لأي محاكمة أن يحكم قاضٍ في أي جرم وهو متضرر منه.
الصحافي المتخصص في الشؤون القضائية يوسف دياب وضع نقل الدعوى من القاضي صوان في إطار المعركة السياسية، خصوصاً بعد ادعائه على عدد من الوزراء، وعلى رئيس الحكومة حسان دياب، واعتبر دياب أن التحقيقات عادت إلى نقطة الصفر، وهذا بالطبع سيستغرق وقتاً ما قد يفجر غضب أهالي ضحايا الانفجار.
علما أن انفجار المرفأ أودى بحياة 200 شخص ونحو 6500 جريح، إلى جانب أكثر من 350 ألف متضرر مادياً من الكارثة.

تطور غير اعتيادي
من جانبه، رأى أستاذ القانون الدولي المحامي أنطوان صفير في تصريح لـ القبس أن قرار المحكمة الجزائية برفع يد القاضي صوان عن التحقيق في جريمة المرفأ هو تطور غير اعتيادي، وسيفتح المجال أمام مسائل أخرى على الساحة القضائية لجهة رد قضاة تحقيق ومدعين عامين في مرحلة لاحقة.
المفارقة اليوم أن الهيئة، التي ردت القاضي، لا يمكنها حسب قواعد الاختصاص تعيين بديل عنه، فالمادة الـ360 من أصول المحاكمات الجزائية تحدد بشكل واضح كيفية تعيين المحقق العدلي باقتراح من وزير العدل، بناء على موافقة مجلس القضاء الأعلى الذي يُعد السلطة العليا قضائياً.
ويلفت صفير إلى أن الوضع استثنائي لكون الجريمة نكبة لم يشهد لبنان مثلها، ما يطرح الكثير من التساؤلات، أولها: هل هنالك قرار سياسي بالوصول إلى الحقيقة ومعرفة من المسؤول عن جريمة 4 أغسطس؟

سعيد مالك
من جهته، أوضح الخبير الدستوري سعيد مالك أنه عملاً بأحكام المادة الـ355 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، أحيلت دعوى انفجار المرفأ إلى المجلس العدلي. وعملاً بأحكام المادة الـ360 من القانون نفسه، عينت وزيرة العدل القاضي صوان بناء على موافقة مجلس القضاء الأعلى. ومع صدور قرار نقل الدعوى إلى قاض آخر، لا بد من الإشارة إلى أن الملف عاد إلى ملعب وزيرة العدل، التي عليها الاتفاق مع مجلس القضاء الأعلى على اسم محقق عدلي بديل لاستكمال التحقيقات أصولاً، لا سيما أن هذا الملف فيه العديد من الموقوفين، الذين لهم حق التقدم بطلبات تخلية سبيلهم في مسار المنازعة.
أما القول إن وزيرة العدل لها الحق بعدم قبول قرار محكمة التمييز، والإصرار على إبقاء صوان محققاً عدلياً، فهذا لا يستقيم عملاً بمبدأ احترام القرارات والسلطة القضائية وكل ما يصدر عنها.
لا ينفي مالك الطابع السياسي للقرار، خصوصاً أن السياسيين قد تمكنوا للأسف من الانتصار على الحق والعدالة والحقيقة، ويقول «نأمل أن يتمكن أي قاض آخر يعين محققاً عدلياً من إحقاق الحق وإعلاء صوت العدالة والحقيقة مهما كان الثمن».
وكان مسار التحقيق تعرض لمحطات مهدت لتفخيخه وفق مصادر قانونية، لا سيما بعد اتهام «حزب الله» من أكثر من طرف بأن نيترات الأمونيوم استوردت إلى لبنان لمصلحة الحزب، وظهور هوية شركائه السوريين، وكذلك بعد الادعاء على كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والوزراء السابقين: علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، علماً أن جميعهم رفضوا المثول أمام صوان تحت ذريعة أن الادعاء منقوص وسياسي، ولم يشمل كل الشخصيات الحكومية السابقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شركة تنظيف
إغلاق