اقتصاد

الهند تسعى للحفاظ على استثماراتها في إيران

ليس الأوروبيون وحدهم من يشغل بالهم، قرار الولايات المتحدة، الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، فالهند هي الأخرى تحاول إنقاذ استثماراتها ومشاريعها في طهران بأقل الخسائر، وإن كانت قد أكدت أن العقوبات الأميركية، لن تؤثر أبدا في علاقاتها الديبلوماسية مع إيران.
تبحث حكومة مودي ناروندرا في الهند عن حلول عملية، قبل دخول العقوبات الأميركية ضد إيران حيز التنفيذ في أغسطس ونوفمبر المقبلين. ووفق ما نقلته صحيفة لوفيغارو الفرنسية فلقد بدا وزير الخارجية الهندي سوشما سواراج، حازما في 28 مايو الماضي، بعد مباحثات أجراها مع نظيره الإيراني جواد ظريف في دلهي، حيث أكد أن العقوبات، لن تؤثر في العلاقات الهندية الإيرانية ،واضاف «الهند لا تقبل سوى العقوبات التي يفرضها مجلس الأمن، وليس تلك التي تفرضها دولة واحدة».
وتعود دوافع هذا الموقف الصارم والحازم إلى ثلاثة عوامل رئيسية. فمنذ رفع العقوبات عن ايران في 2015، وقعت نيودلهي عدة اتفاقيات مع طهران، من أجل تطوير ميناء شاباهار، والتزمت باستثمارات بقيمة 500 مليون دولار. ويعد ميناء شاباهار، موقعا استراتيجيا بالنسبة لدلهي، لأنه نقطة عبور باتجاه افغانستان، التي تقع على بعد 900 كلم عن الحدود، كما استثمرت الهند ووعدت باستثمار اكثر من 3 مليارات دولار في افغانستان منذ 2001. والهدف هو الحد من تأثير باكستان التي تدعم مسلحي طالبان، وتعزيز التواجد الهندي في اللعبة السياسية الاقليمية، من خلال شق طريق سيار في غرب افغانستان، وبناء سد هيدروكهربائي، علاوة على منح مساعدات غذائية للمدارس. وكانت الهند قد ارسلت في 2017، أول شحنة قمح لأفغانستان تصل حمولتها إلى 15 ألف طن عن طريق ميناء شاباهار.
وأما النقطة الثانية، فهي أن إيران هي ثالث مصدر للنفط إلى الهند. ويقول محلل في مومباي لصحيفة لوفيغارو إن إيران توفر امتيازات تنافسية للشركات الهندية وعلى الخصوص في ما يتعلق بآجال الدفع التي تصل إلى 90 يوماً وتقليص التكاليف اللوجستية». وفي فبراير الماضي، قال وزير النفط الإيراني إنه يأمل في رفع صادراته إلى الهند من 458000 إلى 500 ألف برميل يومياً هذا العام، أي ما يعادل ربع الصادرات الإيرانية من النفط».

حملة انتخابية
وبالنسبة للهند، يبدو ضرورياً وحيوياً احتفاظها بعلاقاتها مع طهران، خاصة بعد أن أدى قرار ترامب إلى رفع أسعار النفط، ما انعكس على أسعار الوقود. وكانت نسبة التضخم، قد ارتفعت في الهند إلى %4.6 في أبريل الماضي، وقبيل عام من موعد الانتخابات التشريعية، تتهم المعارضة، حكومة مودي بـ«معاقبة» المستهلكين، برفضها خفض الضرائب على الوقود، وإن استجابت الهند للعقوبات الأميركية وخفضت وارداتها من النفط الإيراني، دون أن ترفع دول أوبك صادراتها، سيتوالى ارتفاع سعر البنزين في خضم الحملة الانتخابية، وقد يحول ذلك دون إعادة انتخاب مودي ناروندرا.
وأخيراً، فإن إيران تعد شريكاً استراتيجياً في رواق النقل العالمي بين الشمال والجنوب الذي يخفض كلفة نقل البضائع بين الهند وأوروبا عن طريق إيران والقوقاز وروسيا.
وكان المشروع الذي بدأ في 2002، قد جمع 11 دولة للربط بين مومباي وسانت بيترسبورغ عن طريق ميناء شاباهار، في طريق بديلة عن قناة السويس، لكن على الهند أيضاً أن تأخذ بعين الاعتبار شركاءها في الشرق الأوسط، وعلى الخصوص إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
فإسرائيل هي أهم مصدري السلاح والرياض هي ثاني مصدر للبترول إلى الهند بعد العراق. وعلاوة على ذلك لو دفعت المصافي الهندية باليورو وليس بالدولار، فلن تستطيع دون شك مواصلة ذلك بسبب الضغوط التي ستُفرض على البنوك الأوروبية بسبب العقوبات الأميركية.
وعليه، يمكن أن تبحث دلهي اتفاقاً مع واشنطن، ذلك أن هناك سابقة، ففي نهاية عام 2000 وحين كانت طهران تحت طائلة العقوبات، خفضت المصافي الهندية وارداتها ما بين %15 و%20. وفي مذكرة تعود الى تاريخ 10 مايو الأخير رسم بنك سوسيتيه جنرال سيناريو مشابهاً، وذكر أن الهند يمكن ان تخفض وارداتها من النفط الإيراني إلى غاية %20.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق