خارجية

لماذا تُقلق مسيرات «العودة» الحدودية إسرائيل؟

أجمع محللون سياسيون فلسطينيون على أن الطابع «السلمي لمسيرات العودة وكسر الحصار»، المقرر انطلاقها غدا الجمعة، في المناطق الحدودية بين قطاع غزة وإسرائيل، هو أكثر ما يُقلق ويزعج الجيش الإسرائيلي.
وينزع ذلك الطابع، وفق المحللين، الذرائع من إسرائيل لاستخدام الأسلحة ضد المتظاهرين الفلسطينيين، فيما يؤدي استخدام القوة بحقّهم إلى إحراجها أمام العالم.
ورغم ذلك، لم يستبعد المحللون، أن يستخدم الجيش الإسرائيلي القوة بحق المتظاهرين الفلسطينيين، معتمدين على أنه «لا يمكن لأحد التنبؤ بتحركات الميدان».
كما سيعمل المنظمون للمسيرات، بحسب المحللين، على التحكم وضبط مسارها، كي لا تخرج عن إطار طابعها السلمي، وتُعطي إسرائيل مُبررات لاستخدام القوة.
وقد تنجح تلك المسيرات، وفق المحللين، في حشد التضامن العالمي مع الفلسطينيين في التأكيد على حقوقهم، سيما حق «العودة»، فيما ستلفت أنظار العالم إلى الحصار المفروض على قطاع غزة، للعام الـ12 على التوالي.
وتعتزم الفصائل الفلسطينية تنظيم مسيرة سلمية أطلقت عليها اسم «العودة الكبرى»، يوم الجمعة القادم، 30 مارس، في المنطقة الحدودية بين قطاع غزة وإسرائيل، تزامنا مع الذكرى الـ42 ليوم الأرض.
وتعود أحداث يوم الأرض لعام 1976، عقب إقدام السلطات الإسرائيلية، على مصادرة أراضي من السكان العرب الفلسطينيين في الجليل، ما فجر مواجهات قتل خلالها 6 فلسطينيين وأصيب واعتقل المئات.
وبدأ المنظّمون للمسيرات، بتسوية المنطقة الحدودية، تجهيزاً لنصب خيام اعتصام دائمة للمتظاهرين.
ووصف الجيش الإسرائيلي، في مقطع فيديو قصير نشره المتحدث العسكري أفيخاي أدرعي، في صفحته على موقع «تويتر»، الاثنين الماضي، المسيرات ب«الاستفزازية».
وجاء في مقطع الفيديو:«مش «ليس» عودة…فوضى، مش شعبية.. استفزازية».
وأمس الثلاثاء، قال أدرعي على صفحته:«لن نسمح اجتياز جماهيري للجدار الأمني مع قطاع غزة يوم الجمعة القادم، نأتي إلى هذه الأحداث من منطلق القوة».
وأوضح أن «الجيش الإسرائيلي يقوم بالاستعدادات اللازمة وبتعزيز القوات المتنوعة لذلك».
وتعتبر احتمالية نجاح المسيرات في تحقيق أهدافها، والتوجه الفلسطيني نحو تطويرها واعتمادها كبرنامج وطني، أكثر ما يقلق إسرائيل ويدفعها لمنعها، بحسب المحللين.
ويعتقد طلال عوكل، الكاتب السياسي في صحيفة «الأيام» الصادرة من الضفة الغربية، أن لمسيرة «العودة وكسر الحصار»، أسبابا جانبية، أهمها تعظيم «الاشتباك مع العدو دون استخدام السلاح، عبر المقاومة الشعبية السلمية»، واصفاً إياها بـ«الإبداع الفلسطيني».
ويقول «قطاع غزة لا يملك إمكانيات المواجهة المباشرة، إلا من خلال المقاومة العسكرية».
ويرى عوكل، أن تلك المسيرات «ستساهم في تحريك الوضع الداخلي، باتجاه تحديد وجهة الغضب الفلسطيني نحو إسرائيل، والتي كان يُعتقد، أنها ستكون باتجاه مصر».
وأضاف أن «هذه المسيرات، تطمئن مصر بأن الغزيين لا ينوون التوسع جنوبا نحو أراضيها، بل يريدون العودة شمال وشرقا لأراضيهم التي هُجّروا منها، وهذا ما يزعج إسرائيل إلى حد كبير»، حسب قوله.
وتعتبر مسيرات «العودة وكسر الحصار» الحدودية، الخيار الوحيد والممكن، في ظل تعطيل المصالحة، وبالتزامن مع الأوضاع المعيشية الصعبة بغزة، بحسب عوكل.
واستبعد الكاتب السياسي، أن تتوجه إسرائيل نحو التصعيد العسكري ضد قطاع غزة لمنع المسيرات، مشيراً إلى أن «أي تصعيد سيحرجها أمام العالم، خاصة وأن المسيرات تتسم بالطابع السلمي».
وتجتاح الأوساط الإسرائيلية حالة من القلق الكبير تجاه مسيرات «العودة وكسر الحصار الحدودية»، عبّر عنها مسئولون إسرائيليون رسميون في تصريحات مختلفة.
وفي هذا السياق، قالت شركات نقل فلسطينية، عاملة في قطاع غزة، اليوم الأربعاء، إنّها «تلقّت اتصالات من السلطات الإسرائيلية، تُحذّرهم فيها من نقل المواطنين المشاركين في المسيرات».
وقال مسؤول في شركة «النيرب» للنقل «رفض ذكر اسمه»، لوكالة إنه تلقى اليوم اتصالاً من ضابط إسرائيلي، حذره من نقل المواطنين المشاركين في المسيرات، عبر حافلات شركته».
كما تناقل نشطاء فلسطينيون، اليوم، مقاطع صوتية يُعتقد أنها لضباط إسرائيليين، يهاتفون خلالها أصحاب شركات النقل بغزة.
وفي أحد المقاطع الصوتية المتداولة، هدد المتصل الذي عرّف نفسه بـ«علاء حلبي من الارتباط الإسرائيلي «بمعبر إيريز»، أحد مدراء شركة النقل، قائلاً:«أنت وعائلتك تتحملون المسؤولية بشكل شخصي، وسنوقف جميع التسهيلات المقدّمة لشركتك».
ويوضح عوكل، أن «حالة القلق الإسرائيلية تنبع من التخوف بنجاح تلك المسيرات، والتي قد يدفعها ذلك إلى حالة من التطور والتصاعد، للخروج بعمل أكبر وأكثر إبداعية، في 15 مايو المقبل؛ بالتزامن مع القرار الأمريكي بنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس».
ورأى أن المنظمين لتلك المسيرات، سينزعون الذرائع من إسرائيل لاستخدام السلاح ضد الفلسطينيين المشاركين.
لكنه لا يستبعد استغلال بعض «المغامرين أو المندسين أو الفوضويين» لتلك المسيرات، لإخراجها عن سيطرة الفصائل، مضيفاً:«بصفة عامة المنظمون سيحاولون منع مثل هذه الأمور».
وترسل المسيرات، وفق عوكل، رسائل قوية تفيد «بأن إسرائيل تحاصر غزة وتمنعها من الحياة».
وذكر أن المسيرات تعمل على حشد التضامن الدولي من شتى أنحاء العالم مع الفلسطينيين.
ولا يتوقع عوكل وجود إمكانية لفشل تلك المسيرات، معتبراً أن حالة القلق التي تسببها بإسرائيل يُحسب «نجاحاً للفلسطينيين».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق