محليات

العنصرية تطلّ برأسها في مطار الكويت

«بوابة كل دولة.. مطارها».. فمن أين نبدأ في تشخيص مطار الكويت الدولي؟! وقد بدا لنا جلياً أن مشكلة مطارنا مشكلة إدارية بحتة، ولن تُحسم أبداً مع افتتاح المطارات الجديدة، وتسويقها معمارياً وفنياً.
المشكلة أعمق من مبنى مطار قديم، وبلاط متشقق، وحمامات قذرة، وشرائط نقل حقائب عفا عليها الزمن.
المشكلة تكمن في فكر وعقلية المسؤولين عن مطار الكويت الدولي، بل إن معضلة كبيرة وفساداً إدارياً يبدآن منذ أن تطأ قدما المسافر مطار الكويت، وإذ إننا نتحدث الآن عن المسافر الأجنبي بعينه: الذي يرى واجهة الكويت في عيون بعض موظفي المطار الحانقين، العنصريين، الذين لا يدرك معظمهم أبسط أبجديات الاستقبال، اللطف، ومسؤولية تمثيل الكويت وإعطائها الصورة السمحة التي يستحقها بلد الإنسانية.
كثيرون من المواطنين يسافرون الى دول مجاورة، كالهند مثلا؟ أو الفلبين، ومصر، وغيرها من الدول الشقيقة والصديقة. ماذا ستكون ردة فعلنا لو تلقينا إهانة عابرة من دون سبب من موظف الأمن في تلك الدول؟ أو شتيمة عنصرية تنحفر في أذهاننا؟ وربما زجرة مهينة أمام باقي المسافرين من دون إنذار مسبق؟ حتما إنها ليست أخلاقنا، والأكيد أنها انفلات إداري كبير، لا تقل خطورته عن أزمة ضياع الحقائب، وتردي الخدمات، وتأخير الرحلات، التي تضرب مطار الكويت الدولي، الميت «إكيلينيكيا» منذ قديم الزمان.
انتهاكات عنصرية كثيرة رصدناها في مطار الكويت الدولي خلال رحلاتنا الاخيرة في السنوات الماضية، والاكيد اننا لن نتمكن من اختزال التجارب المخجلة التي حدثت لبعض البسطاء الزائرين لبلد الانسانية في هذا التحقيق، لكننا سنعرّج هنا على بعض القصص العنصرية التي تختصر بعض الانتهاكات الانسانية في مطار الكويت الدولي.
ما إن وطئت قدما محمد أرض مطار الكويت، حتى اتجه نحو طابور الجوازات المخصص لمواطني الدول غير الخليجية، الذي اكتظ بعائلات وعزاب رافقوه الرحلة من بلاده الى الكويت، ليتجه تلقائياً من دون ان ينتبه الى «الكاونتر» المخصص لمواطني الكويت والخليج، لكونه كان فارغاً من أي مسافر، ليفاجأ بأحدهم يصرخ من خلفه غاضباً بعبارات عنصرية خادشة، لا تنم عن احترام الآخر، لكن محمد لم يفهم هذه العبارات كونه لا يجيد التحدث باللغة العربية، لكنه ادرك من صراخ الموظف انها غير لائقة، خاصة أن ملامح الغضب كانت ظاهرة على وجه الموظف الذي تفوه بها، مطالباً اياه بالبقاء في الطابور المخصص للأجانب.
ورغم انه استجاب الى الاشارات والصراخ الذي استوعب منه ان عليه العودة الى الطابور الطويل، فإنه كان يراقب التعامل معه ومع غيره من الركاب، فغالبا ما كان موظف الجوازات يمر بين الصفوف، يلقي بكلمة صارخا لتعديل الطابور، ثم يعود للمراقبة من بعيد، الا ان هذا التعامل ربما يكون اكثر لطفاً مع العوائل خلافا لما كان عليه الحال مع العزاب.
ولا تقف معاناة الزائر الاجنبي عند هذا الحد، فغالبا ما يضطر الى التعامل مع «موظف الجوازات»، وفقا لنفسية الموظف، فان كان سعيد الحظ سيستقبله الموظف بابتسامة، في حين غالبا ما يبقى موظف الجوازات صامتا، لا يتحدث مع المسافر ويطلب منه الجواز او البصمة بالاشارة.. من دون ان يكلف نفسه عناء الحديث.
قصص مشابهة
لم تختلف القصة التي سردها محمد كأولى ذكرى له في الكويت، عن قصص مشابهة لوافدين ومقيمين آخرين، اعتادوا عليها في مطار الكويت الذي يعتبر واجهة للبلاد، بل ان ما يزيد من حدة شعورهم بالتعامل السيئ في المطار، اذا جاء احدهم من دبي، على سبيل المثال، كمحطة خليجية اولى قبل وروده الى الكويت، فينتظر ان يلقى المعاملة ذاتها التي لقاها في دبي والتي يكسوها الاحترام المصحوب بالابتسامة والحديث الطيب، ليُفاجأ بأن الأمر مختلف تماما في الكويت.
بل ان بعضهم يؤكد ان مستوى الاحترام الذي يلقاه الفرد في مطار الكويت، تحدده وجهة قدوم المسافر، وجنسيته ونوعية ملابسه، وحتى شركة الطيران التي أتى على متنها.. اضافة الى انهم يفتقدون الى الارشاد في المطار، حيث غالبا ما يعتمدون على الصدفة والحدس ليعبروا البوابات، وصولا الى سير الامتعة، بسبب خلو المطار من مرشدين للزائر للمرة الاولى!

مرونة التعامل مطلوبة للتصنيف

يعتمد التصنيف السنوي للمطارات العالمية على الخدمات المباشرة المتعلقة بالمغادرين، والقادمين، والرحلات المحولة، التي تشمل مرافق المطار وخدمات العملاء، والأمن، والجوازات والمتاجر، وكذلك جودة الخدمات المتعلقة بالرفاهية داخل المطار، كالمطاعم والمقاهي ومراكز الإنترنت، ومرونة إجراءات التعامل مع العملاء، ومهارات اللغة لدى العاملين في المطار.

وسائل الراحة

يشكو بعضهم من عدم وجود وسائل راحة وترفيه كافية في مطار الكويت للمسافرين، لا سيما للمضطرين الى البقاء في المطار كمحطة ترانزيت. فبسبب خلو المطار من قاعات انتظار كافية، يضطر هؤلاء الى البقاء امام بوابات دخول الطائرات مفترشين الارض بسبب عدم وجود كراس كافية لهم، فضلا عن ان اماكن التدخين المخصّصة صغيرة وغير كافية، خاصة ان موظفي المطار انفسهم غالبا ما يستغلونها، فضلاً عن عدم وجود كراس مريحة تناسب البقاء لساعات طويلة في «الترانزيت».

حمامات غير صالحة للاستعمال .. الآدمي!

ما أن نطرح المشاكل الخدماتية التي يئن منها مطار الكويت الدولي، وواجهة الكويت الأولى، أمام السياح والزائرين، حتى نتذكر «القذارة» الغير معقولة التي تعاني منها حمامات المطار. فأبسط الأمور تجدها مفقودة، بدءا بالمناديل، وروائح المجاري الكريهة، إلى غياب التنظيف الدوري والمنطقي للحمامات، التي لا تحتاج الى إبداع، أوتفكير، ناهيك عن صغر مساحة الحمامات التي لاتصلح أن تكون في مطار. ولا يحتاج مسؤولو المطار إلى فطنة زائدة لمعرفة أن موسم الصيف هو سيد مواسم السفر، فهو أمر بديهي في دول العالم أجمع.. لذا فإن الخدمات قد تحتاج إلى جهود وتنظيم استثنائيين، وزيادة ورديات العمل، والاستعانة بطاقم أكبر، قادر على تسهيل خدمات المطار للمسافرين، ومجاراة احتياجاتهم، ولعل أبسطها إدارة نظافة الحمامات!

السياحة.. تبدأ من المطارات

رأى معنيون ان اولى خطوات تنشيط السياحة في البلاد تبدأ بنشر ثقافة تقبّل الآخر، في المطار بداية، مبينين ان على موظفي المطار الخضوع لدورات تدريبية عن كيفية التعامل مع الاجانب بلطف واحترام، مؤكدين ان بوابة تحويل الكويت الى مركز مالي واقتصادي تبدأ من جذب الاجانب بداية، لافتين الى ان المعاملة السيئة للاجانب تؤدي الى نفورهم وتكوينهم صورة ذهنية سيئة عن الكويت والكويتيين.

«بلومبيرغ»: مطار الكويت بين الأسوأ

نشرت بلومبيرغ نيوز، تصنيفًا لأفضل وأسوأ المطارات العالمية لعامِ 2018، حيث أظهرت القائمة أن مطار الكويت الدولي يُعتبر من أسوأ المطارات، حيثُ احتلَ المرتبة 141 عالميًا، وقد حصل على 5.4 نقطة.

معضلة اللغة

غالبا ما يشتكي بعض المسافرين الاجانب من عدم وجود مترجمين في المطار، فعند تعاملهم مع الموظفين يجدون صعوبة في الرد على اسئلتهم، خاصة ان بعضهم لا يجيد الانكليزية، لافتين الى ان اي مطار يستقبل عدة جنسيات بشكل يومي يجب ان يتضمن وجود مترجمين لأبرز اللغات لمسافريه، لسهولة التعامل بين الطرفين، مبينين ان سوء المعاملة تأتي احيانا نتيجة لعدم وجود قنوات تواصل لغوية.

«الداخلية» والطيران المدني لـ القبس: توقيع أقصى العقوبات على أي موظف يسيء لمسافر

نايف كريم
نفى مدير ادارة جوازات المطار العقيد بدر الشايع لـ القبس ، معاملة بعض المسافرين الوافدين معاملة سيئة، مؤكدا على تعليمات صارمة للعاملين في مطار الكويت الدولي وعلى وجه التحديد لرجال الامن بجميع الادارات، لاحترام جميع الركاب سواء القادمين او المغادرين او ركاب الترانزيت مهما كانت جنسيتهم، وان التعامل معهم يتم عبر مسطرة واحدة من دون تمييز.
واضاف الشايع ان أي موظف يسيء الى راكب ما يتم اتخاذ الاجراءات القانونية بحقه ونقله من المطار، ذلك ان هذا المنفذ الجوي يعد واجهة للبلد وكلّ اساءة من قبل اي موطف يعتبر اساءة للكويت وهذا امر مرفوض جملة وتفصيلا.

غير صحيح
من جانبه، اكد مساعد مراقب ادارة العمليات في الادارة العامة للطيران المدني خالد العطوان، ان ما يتم تداوله بشأن الاساءة للركاب الوافدين من قبل بعض العاملين في الجهات العاملة بمطار الكويت الدولي «عار عن الصحة»، لافتا الى اجتماعات وتعليمات مشددة تنص على التعامل بكل احترام مع الجميع، وتقديم كل الخدمات للمسافرين سواء كان المواطنين او المقيمين، ونحن نتعامل مع الجميع بكل تقدير واحترام دون تمييز او عنصرية.
وقال العطوان ان هناك تعليمات واضحة من رئيس الطيران المدني الشيخ سلمان الحمود ويشدد عليها في كل اجتماع، تدعو كلها الى تذليل كل العقبات امام المسافرين وعدم الاساءة او التطاول على ايٍ منهم، وأن أي تعامل غير راقٍ معهم سيواجه بحزم ودون تراخ، ويتم اتخاذ اقصى العقوبات بحق الموظف المسيء.
واشار الى ان هدفنا الاول والاخير هو خدمة المسافرين وان نضع الكويت نصب اعيننا، فهذا المطار صرح وطني وواجهة للبلد، وكل اساءة من موظف يعد استهتارا وتجاوزا للقوانين والانظمة المعمول بها في مطار البلاد الدولي.

542.805 ألف مسافر خلال إجازة العيد

قال المدير العام للإدارة العامة للطيران المدني يوسف الفوزان، إن إجمالي عدد المغادرين والقادمين من وإلى مطار الكويت الدولي خلال إجازة عيد الأضحى، بلغ نحو 542.805 ألف راكب بنسبة زيادة 52 في المئة مقارنة بالعام الماضي.
وأوضح الفوزان في تصريح، أن عدد الرحلات المغادرة خلال عطلة العيد لهذا العام بلغ 1665 رحلة تقل 223.533 ألف راكب في حين أن عدد الرحلات القادمة بلغ 1675 رحلة تنقل 319.272 ألف راكب.

فاطمة عياد لـ القبس: الشعور بالإهانة.. أول انطباع القادمين

تقول اختصاصية علم النفس د.فاطمة عياد في تصريح لـ القبس: إن مشاعر الندم والإهانة هي الانطباع الأول للقادمين الى الكويت بغرض السياحة أو العمل، عندما يتلقى معاملة تمييزية في مطار البلاد، مشيرة إلى أن الانطباع الأول في علم النفس مهم للغاية، في بث روح الحياة والارتياح لدى الإنسان، وفي تكوين فكرة معينة عن البلد الذي يزوره.
وذكرت عياد أن القادم إلى الكويت في حال تعرّضه لموقف يمسّ كرامته فإنه يبدأ بطرح الأسئلة حول صحة قراره في القدوم إلى هذا البلد، لا سيما الباحثين عن لقمة العيش الذي سيكونون بحالة شعور من عدم التقدير، وبالتالي التفكير بالهروب والعودة إلى الوطن.

فاطمة عياد
وأردفت: مطار الكويت هو عنوان البلاد، وطريقة إدارته يجب أن تكون متحضّرة لتعكس حقيقة الكويت، فهي مركز العمل الإنساني، وشعبه جُبل على فعل الخير واحترام الغير.
وعن الجانبين الاجتماعي والنفسي للموظف الذي يستغل مركزه في تحقير الغير، أجابت عياد: ازدراء الآخرين والتقليل من احترامهم مشكلة نفسية في الموظف ولا تعكس ظاهرة اجتماعية، كما أن القانون الجديد الذي يحمي الموظفين في الحكومة من الاعتداء، من خلال عقوبات الحبس والغرامة لمن يعتدي على الموظف، تم استغلاله بصورة سيئة من الموظفين الصغار النفوس، فيستفزون المراجعين بغية إيقاعهم في المحظور.
وعن العلاج لهذه المشكلة، اوضحت: يجب أن يكون هناك استعداد فطري لدى الموظف العنصري للتغيير نحو الأفضل، فلا تمكن زراعة السمات الانسانية النبيلة، مثل التواضع من الصفر، وعليه فإنه يجب اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب لهذه الأماكن الحساسة.

العيادة: نحتاج تشريعاً يحمي المسافر من سوء المعاملة

اكد المحامي مشاري العيادة أن للمسافر حقوقا وعليه واجبات، ومن حقوقه احترامه وحسن معاملته وتقديم كل الخدمات التي وضعت من اجله كمسافر، اما واجباته فمنها الانصياع للقوانين واللوائح والنظم المعمول بها بالمطار وعدم تجاوزها، باعتبار المطار مرفقاً سيادياً له اجراءاته الخاصة، وتتواجد به جهات مهمة كالطيران المدني والجمارك و«الداخلية»، ولهذه الجهات اجراءاتها الخاصة بها وعلى المسافر اطاعتها وعدم تجاوزها، كما عليه ان يحافظ على مرافق المطار وعدم اتلافها باعتبارها املاكا عامة.

واضاف العيادة انه مثلما هناك قانون يحفظ كرامة الموظف العامل بالمطار، وعدم التجاوز عليه بالقول او الفعل ووجود نص قانوني بعدم اهانة الموظف اثناء تأدية واجبه، فإن هناك قصورا تشريعيا يقتضي التنصيص على ضرورة «حماية المراجع»، وهو هنا المسافر، داعيا الى اقرار مثل هذا التشريع الخاص لحماية المسافرين من سوء المعاملة من قبل الموظف.
وأعرب العيادة عن اعتقاده بأن المطار هو الواجهة الحقيقية الأولى للبلاد، ويعكس ثقلها الحضاري مما يستوجب معاملة المسافر الذي يقدم الى البلاد بغض النظر عن جنسيته، معاملة حسنة وراقية، والترحيب به بحرارة تعكس كرمنا وعاداتنا وتقاليدنا المرعية، عوض اساءته ومعاملته بقسوة وقلة احترام من بعضهم، لكي لا ينعكس ذلك سلبيا على سمعة البلاد.
واضاف ان موظفي مثل هذه المرافق الحيوية يستلزم ان يكونوا على مستوى عالٍ من الثقافة والتعليم واتقان اللغات، وان يخضعوا للتدريب المتواصل بشأن طرق التعامل اللائق مع المسافرين ومع مشاكل سوء الفهم التي قد تنشأ ويتعرض لها المسافر، وفي هذه الحال يكون من اللائق ارشاده الى الجهة الصحيحة وتوجيهه برقي واحترام.
وتمنى العيادة على ادارة الطيران المدني والجهات الحكومية العاملة بالمطار، ضرورة تثقيف ورفع المستوى المهني للعاملين لديها وادخالهم دورات متخصصة في فن وطرق التعامل مع المسافرين وطريقة احترامهم باسلوب علمي يتم فيه التعرف على ثقافات ونفسيات المسافرين ودولهم.
وقال إن بعض موظفي المطار غير مؤهلين نهائيا للتعامل مع المسافرين، ويتعاملون بتعالٍ وعدم مهنية مع القادمين الى البلاد، خصوصا من بعض الدول الاسيوية، دون ان يدرك هؤلاء الموظفين ان قانون الجزاء الكويتي كفل لكل انسان اسيئت معاملته اللجوء الى القضاء اذا استشعر انه تم الاعتداء على كرامته بالقول او الفعل او التحقير، عن طريق تقديم شكوى الى جهات الاختصاص.
واستدرك بأن تلك الاجراءات تأخذ وقتا طويلا، متأملا من جهات الاختصاص انشاء مركز متخصص لتلقي شكاوى المسافرين والبت فيها بسرعة، لقطع الطريق على كل موظف يحاول تشويه سمعة البلاد بسوء معاملته لبعض المسافرين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق