محليات

مدير عام مركز «لندن للبحوث»: كل التقدير لأزمة «كوفيد-19»

استهل مدير عام مركز لندن للبحوث والاستشارات د. محمد عبدالعزيز لقاءه في إذاعة دولة الكويت للحديث حول البحث العلمي ، بتقديم الشكر والتقدير لأزمة كوفيد-19 التي منحتنا بعض الإيجابيات مثل البحث عن الأدبيات المفقودة في العالم العربي كضرورة ايلاء البحث العلمي الأهمية اللازمة لما له من يد طولى في قدرته على استشراف المستقبل ومن ثم القدرة على إدارة الأزمات.
وقال : من محنة تداعيات كوفيد 19 تتولد دائماً العديد من المنح منها البحث عن أسباب وعلاج الخلل في تأخر ركب البحث العلمي العربي وهي تقودنا إلى الحديث عن مكامن الخلل في مجتمعاتنا العربية وغياب ثقافة ادارة الأزمات ، مشيرا الى أن من شواهد تراجع البحث العلمي العربي أن حجم الإنتاج العلمي العربي سواء من البحث العلمي أو الأوراق العلمية المنشورة في العقد الأخير من الزمان تقارب النصف مليون بحث وورقة علمية وهو رقم فقير جداً بالمقارنة بالأرقام في القارات الأخرى خاصة القارة الأوروبية التي سبقتنا كثيراً في هذا المضمار.
وأشار إلي وجود عجز تام في إنتاج المعرفة في العالم العربي وهذا يعزى الى العديد من الأسباب منها غياب الارادة والصراعات السياسية التي تلف المنطقة العربية طوال أكثر من خمسة عقود من الزمان فضلا عن ضعف الميزانيات المالية المخصصة للانفاق على البحث العلمي ، لافتاً إلى غياب ثقافة العمل الجماعي في حقل البحث العلمي العربي ، فلدينا الآلاف من الباحثين المؤهلين من كافة الدول العربية لاسيما العراق والشمال الإفريقي أصحاب الفكر المستنير الذين يقدر الغرب قيمتهم الفكرية ويستفيد منهم وفق عمل جماعي مؤسسي ومنظم وفرق بحثية تعمل على رصد كافة الظواهر استشرافاً للمستقبل ، فالدول التي تقدمت وسبقت المجتمعات العربية في ركب البحث العلمي لجئت إلى كثير من أبناء الأمة العربية الذين يفتقدون في بلدانهم الحاضنة العلمية والمراكز البحثية وتوافر الامكانات اللوجستية لانتاج المعرفة رغم الوفورات المالية لدى بعض الدول العربية .
وأوضح عبد العزيز أن الدول التي نجحت في تقويد أزمة كوفيد-19 مثل النمور الأسيوية سنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان وغيرها من الدول الأوربية مثل الدنمارك والمانيا وغيرها نجحت للعديد من الأسباب وأولها أنها تهتم بالبحث العلمي بشكل يناسب احترام قيمة الانسان فتعمد الى استثمار البحث العلمي في التنمية والتطور اضافة الى التعامل مع التقنيات الحديثة والاهتمام بقواعد محدثة في ادارة ملفات التعليم والاعلام .
وضرب مثالاً بدولة اسيوية صغيره مثل تايوان استطاعت أن تقود أزمة كورونا بشكل أزهل العالم رغم قربها من سواحل الصين بؤرة الجائحة ، لكن اهتمامها بالبحث العلمي منذ ازمة مرض سارس عام 2003 وانفلونزا الخنازير عام 2008 مكنها من ادارة أزمة كوفيد ، وغيرها من الدول مثل كوريا وسنغافوره، والسعوديه وقطر في المنطقة العربيه كانتا من الدول السباقه في التعاطي مع الأزمة لكن على صعيد واحد فقط وهو جودة العاية الصحية مما قلل من الخسائر ، وكان للكويت سبق في الشفافيه في التعامل مع الأزمه، فالازمات يجب أن تكون الشفافية الإعلامية في القلب منها جنباً إلي جنب مع الاهتمام بالبحث العلمي.
وحول عدم قدرة الدول العربية على انتاج لقاح مضاد لوباء كوفيد 19 أوضح أن ليس معنى تقدم دول ما في البحث العلمي أن تكون منتجة للقاحات المضادة فالبحث العلمي صنوف عديدة منها علوم تطبيقية وفيها علوم اجتماعية، فالتعامل مع الأزمات الوبائية مثل كوفيد-19 تقع على تماس مع العلوم التطبيقية والاجتماعية في آن واحد ، و الأبحاث العلمية التي تجريها الدول في هذا المضمار تقوم بالعمل علي المساريين لكن بعض الدول قد تكون بارعة في بحوث الجانب الاجتماعي فقط فلا تتمكن من انتاج اللقاحات .
أما بشأن المنطقة العربية فأمر انتاج اللقاحات المضادة قد يكون مستبعد رغم المحاولات البحثية الفقيرة في بعض الدول مثل مصر ، لكن بشكل عام اعتدنا طوال عقود على استيراد معظم حاجاتنا من الغرب سواء تقنيات أو لقاحات مضادة.
وحول تحديات انسيابية المنهج العلمي في إدارة الأزمات في المجتمعات العربية ارتأى عبد العزيز أن ذلك من الصعوبة بمكان لأن التعامل مع البحث العلمي له أبعاد تصادمية مع التحجر الفكري والتأخر العلمي والسلبية المتجزرة في المجتمعات العربية منذ سنوات ، فعلاج هذه المثالب لن يكون بين عشية وضحاها بل يستغرق زمن طويل ريثما تمنح سدة القرارات العلمية لأهل التخصص .
وحول قلة تأثير كوفيد 19 على المنطقة العربية بالمقارنة بالغرب المتفاقمة فيه الاصابات والوفيات رغم تراجع البحث العلمي في المنطقة العربية وابتعادها عن ثقافة ادارة الأزمات فأرجع عبد العزيز ذلك الى وجود البعد القيمي في المنطقة العربية باتباع التعاليم الاسلامية بما تحمل من فروض وسنن ما ميز المنطقة العربية خلال أزمة كوفيد-19 ، متمثلاً في أحاديث النبي – صلي الله عليه وسلم – حول الأزمات وطرق النجاة منها ، علي سبيل المثال، عندما سأله الصحابي عقبه بن عامر عن النجاة فقال: أمسِكْ عليْكَ لسانَكَ، وليسعْكَ بيتُكَ، وابْكِ على خطيئتِكَ، وفي هذا الحديث معاني ثلاثة ، أمسك عليك لسانك أي نتوقف عن الإشاعات وما أدراك ما الاشاعات وتأثيراتها السلبية على المجتمعات لاسيما وقت الأزمات ، وليسعك بيتك هذا حجر منزلي ، ولتبكي علي خطيئتك أي التزم الدعاء والاستغفار حتي تزول الأزمة، مشيراً إلى أن ذلك كان منهجاً اسلامياً قويماً في التعامل مع الأوبئة وإدارة الأزمات، وهذا ما اتبعه المسلمون سنه ١٨ من الهجرة حيث انتشر الطاعون في بلاد الشام وتوفي قرابه ثلاثين ألف مسلم وأدار الأزمة آنذاك القائد عمرو بن العاص فأرشد الناس والجيوش باعتزال الأماكن المزدحمة وكانت هذه التعليمات طوق نجاة وخلال أيام تقلص الوباء الى أن تلاشى وفق قرار سليم ومدروس وسريع من القائد ، فالبعد القيمي الإيماني كان أداة من أدوات نجاة المنطقة العربية وتقليل الخسائر بالمقارنة بدول أخرى مثل الأمريكتين وبريطانيا والمانيا وفرنسا .
وحول أهمية المنتجات البحثية العربية وماذا أفادت المنطقة قال : الباحثون يؤدون دورهم على أكمل وجه وفق الامكانات العلمية المتاحة في المنطقة وأيضاً المراكز العلمية البحثية ، فعلى سبيل المثال أقام مركز لندن للبحوث عشر مؤتمرات دولية علمية بدئها من جامعة لندن وختمها في بلجيكا وبينهما في 7 دول عربية ، وكان الإنتاج العلمي غزير جداً من باحثين ماهرين حول العالم العربي ، لكن للأسف هذه النتائج والأبحاث القيمة بعد أن قمنا بإيصالها إلي صناع القرار لم تلق الاهتمام المناسب رغم جودتها وتلقف جامعات غربية لها ، لكن غياب القرار يحول دون تطبيق هذه الأبحاث علي أرض الواقع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شركة تنظيف
إغلاق