انتشر مقطعٌ صوتيٌّ لمعلِّم يوبِّخ طلبته؛ لأنهم ينهون اختبار «الأونلاين» في مدة قصيرة تدعو للريبة، ويطلب منهم أن يُطيلوا في الاختبار كي لا يلفتوا انتباه المشرف. وبحسب قول المعلّم في المقطع: «في ناس بتحل الاختبار في خمس دقائق.. ستفضحونا.. يعني طوّلوا الوقت شويّة.. الاختبار أربعين دقيقة.. على الأقل حل في ثلاثين.. حل في خمس وعشرين.. حل في عشرين.. بس مش في خمس دقائق». ويضيف: «تودونا في داهية.. المشرف ينظر إلى الوقت ويقول لنا أنتم غششتوهم الاختبار.. يا جماعة لا أحد يقفل الاختبار إلا بعد نصف ساعة.. لا تفضحونا.. ولا تودونا في داهية.. المشرف يمكن يلغي الاختبار ويضع آخر من عنده». واضح أن ما يشغل بال المعلّم ليس ضعف المهارات الدراسية لدى الطلبة، مثل التفكير في السؤال والتؤدة عند الإجابة، ولكن الفضيحة أو الإحراج، وما يمكن أن يطوله، إن ظن المشرف، أن الانتهاء المبكّر يعني أن المعلم متورّط في تسريب الأسئلة. وأن المطلوب من الطالب ألا يقفل الاختبار إلا بعد مرور ثلاثين دقيقة، ليس بنيّة تجويد الأداء والمراجعة، ولكن كي لا يلفت انتباهَ أحدٍ. أكل العيش مهم، والتعليم «أونلاين» له سلبياته الكثيرة، ولكن هذا أو ذاك ليس مبرراً للتخلّي عن مسؤولياتنا كمعلمين ومربين. التعليم «أونلاين» سبّب تحدّيا مرهقا للجميع ــــ الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور ــــ ولكن منذ متى والحياة خالية من التحديات والإرهاق؟! ثم، لماذا تُخرج منّا التحديات أردأ ما عندنا: التعجّل، الغش، النفاق الاجتماعي، اللامبالاة، الحد الأدنى، والأردأ من الأداء طالما لم يلفت انتباه أي سلطة؟! عندما حدث الغزو في 1990، هل أخذ الكويتيون بالرخصة أم بالعزيمة؟ ألم تمثّل المقاومة في غياب السلطة خياراً مرهقاً، بل مميتاً؟ في كتابها «العزيمة: قوة الشغف والمثابرة»، كتبت أنجيلا داكوورث، قائلة: «يمكنك أن تقوي عزيمتك من الداخل إلى الخارج، يمكنك أن تعوّد نفسك على تنفيذ مهارة تفوق التحدي يوميا.. ويمكنك أن تقوي عزيمتك من الخارج إلى الداخل عبر الأهل، المدربين، الأساتذة، والمعلمين». كنت أتمنى على المعلم أن يحدّث طلبته عن أهمية الصبر في الاختبار، وحل الصعب؛ لأنها مهارة حياتية مهمة. بصراحة، كنت أتمنى على المعلم أن يقرأ كتاب العزيمة قبل أن يسجّل المقطع الصوتي.. كانت ستكون رسالته أكثر تأثيراً وإلهاماً.
د. هشام العوضي
Hesham_Alawadi@
