صحية

اكتشاف الباركنسون عبر قياس الكافيين في الدم؟

تعكف دراسة جديدة على التدقيق في إمكان استخدام قياس مستوى الكافيين في الدم كركيزةٍ أساسية لتشخيص داء باركنسون قبل بداية أعراضه الأولى في الظهور.
والباركسون عبارة عن اضطرابٍ عصبي يسبّب رعشةً في الأطراف وصعوبةً في الحفاظ على التوازن والتنسيق وتباطؤاً في الحركة.

يميل هذا الداء الى الظهور لدى البالغين ابتداء من عمر الستين، وتزداد أعراضه سوءًا مع مرور الوقت. ويعاني أكثر من 4 ملايين شخص حول العالم داء الباركنسون.
وكشفت الأبحاث السابقة انّ التشخيص المبكر لهذا الداء يؤدي حتماً إلى نتائج صحية أفضل والى تباطؤ الأعراض والحفاظ على القدرات العصبية الحركية.
ولكن حتى اليوم يبدو تشخيص الحالة في مراحلها المبكرة عمليةٌ صعبة للغاية، وذلك لأنّ أعراض الداء الأكثر وضوحًا (تلك المتعلقة بالمشاكل الحركية) تصبح جليةً أكثر في المراحل اللاحقة من المرض.
ويحقق علماء من كلية الطب بجامعة جونتيندو بطوكيو في اليابان، في إمكان تشخيص الباركنسون في وقتٍ مبكر بواسطة اختبارات تقيس مستوى الكافيين في الدم.
وقد نشرت نتائج هذه الدراسة في “مجلة علم الأعصاب”.

ويشرح الدكتور شينغي سايكي، وهو أحد الباحثين في الدراسة: “تبيّن الدراسات السابقة وجود صلة بين الكافيين وانخفاض خطر الإصابة بداء باركنسون، لكننا لا نعرف الكثير علمياً عن كيفية تأثير الكافيين في أجساد المصابين بالداء”.

دراسة جديدة

أجريت الدراسة على عينة تتألف من 139 مشاركًا، بينهم 108 مصاب بداء باركنسون لفترة متوسطها حوالي 6 سنوات، و31 شخصًا أصحاء من فئة المصابين العمرية نفسها.
وأجرى الدكتور سايكي وزملاؤه اختبارات الدم على جميع المشاركين، فقاسوا مستويات الكافيين ومستويات 11 مستقلب كافيين (المستقلب هو الناتج الثانوي لعملية استقلاب الكافيين أي التفاعلات الكيمائية للكافيين في الجسم).

بالإضافة إلى ذلك، خضع جميع المشاركين لفحوص للتأكد من وجود أو غياب متغيرات جينية أو طفرات جينية قد تؤثر في استقلاب الكافيين. واستهلك المشاركون كمية الكافيين نفسها أي ما يعادل حوالي كوبين من القهوة يومياً.
ووجد الباحثون أنه، وعلى الرغم من شرب الجميع كمية القهوة نفسها تقريباً يومياً إلا أنّ المشاركين المصابين بداء باركنسون سجّلوا وبشكل مستمر انخفاضاً في مستويات الكافيين في دمهم مقارنة بنظرائهم الاصحاء.

وبلغ متوسط مستوى الكافيين في الدم لدى المصابين بالباركنسون 24 بيكومول في كل 10 ميكرولتر ، كما رُصد وجود تسعة من أصل 11 مستقلب في دمهم.
وعلى النقيض من ذلك، بلغ متوسط مستوى الكافيين في الدم لدى المشاركين الأصحاء 79 بيكومول لكل 10 ميكرولتر. وتبين أن احد المستقلبات التي جرى قياسها من الباحثين، و هو حامض الثلاثي

ميثيلوريك، سجّل مستوياتٍ أقل من تلك التي رصدت لدى أكثر من 50٪ من المشاركين المصابين بالباركنسون.
وأظهر التحليل الإحصائي الذي أجراه الدكتور سايكي وزملاؤه أن قياس الكافيين في الدم هو وسيلة موثوقة لتشخيص الداء.
أما في ما يتعلق بتأثير الطفرات الجينية على استقلاب الكافيين، فلم يجد الباحثون أي فروقات تذكر بين المشاركين المصابين بداء باركنسون وغير المصابين به.
ومن النتائج المهمة الأخرى التي أكد عليها الدكتور ديفيد ج. مونوز من جامعة تورنتو في كندا في تمهيده للدراسة، أن مستويات الكافيين في دم المشاركين الذين بلغوا مراحل متقدمة من الداء لم تكن أقل بكثير من المستويات التي سجلها الاصحاء.
ووفق الدكتور مونوز، يشير هذا الامر إلى وجود فرق في مستويات الكافيين في المراحل الأولى فحسب من الاصابة بالداء.

انتقادات وتوضيحات

تتعرّض الدراسة الجديدة هذه لبعض الانتقادات، ومنها عدم شملها أشخاصًا يعانون شكلاً حاداً من داء باركنسون، ما يؤثر في قدرة الاختبار على تحديد وجود علاقة بين مستويات الكافيين في الدم وشدّة الحالة.
وشرح الدكتور مونوز أنّ جميع المصابين بالداء كانوا يتناولون أدوية للعلاج طوال فترة الدراسة، ما يشير الى احتمال تأثير الأدوية المتناولة في طريقة تفاعل جسمهم مع الكافيين كيمائياً.
ومع ذلك، وكما يوضح الدكتور مونوز: “إذا استطعنا تأكيد نتائج الدراسة، سنتمكن من استخدام هذا الاختبار السهل للتشخيص المبكر للباركنسون، ربما حتى قبل ظهور الأعراض. وهذا أمر مهم لأنّ داء الباركنسون صعب التشخيص خاصة في مراحله المبكرة “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق