خارجية

هل تدفع واشنطن إلى تغيير النظام في إيران؟

تتزايد التكهنات حول احتمالات استعداد الولايات المتحدة للدفع من أجل تغيير النظام في طهران، في الوقت الذي يحض فيه مسؤولون أميركيون الإيرانيين على «اختيار» الحكومة، التي يريدونها بـ«أنفسهم».
وبعد يوم على تحديده إجراءات قاسية مخصصة لمواجهة طهران، بينها ما وصفه بأنه «أقوى عقوبات في التاريخ»، قال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إن على «الشعب الإيراني اختيار نوع القيادة التي يريدها بنفسه».
ويعدّ الخبراء ذلك بمنزلة تقديم لإستراتيجية تهدف إلى إطلاق عملية هدم النظام، الذي ولد بعد ثورة عام 1979، التي أنهت العلاقات الأميركية ــ الإيرانية.
وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، إن سياسة الولايات المتحدة «ليست تغيير النظام»، لكنها أوضحت أن الولايات المتحدة «ترحّب» بحقبة جديدة في طهران.
وأضافت نويرت: «إذا كان على الشعب الإيراني أن يختار في المستقبل من أجل إظهار وجهة نظره، فمن المؤكد أنه مرحَّب به لفعل ذلك». وتابعت: «عاش الشعب الإيراني منذ زمن طويل في ظل نظام أساء معاملته».
ورفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب من منسوب احتمالات التغيير، عندما أعلن بداية هذا الشهر انسحابه من الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران، قائلا إن الإيرانيين «يستحقون أمة تحقق العدالة لأحلامهم».
وقال المحامي الخاص لترامب، رودي جولياني، لمعارضين ايرانيين في المنفى: «لدينا رئيس التزامه بتغيير النظام لا يقل عن التزامنا».
ويلقى هذا الاحتمال دعماً من دوائر المحافظين الجدد، لكنه يظل محل تساؤل منذ التدخل الأميركي في العراق عام 2003، الذي أطاح بصدام حسين، وهي خطوة يراها البعض، بما في ذلك ترامب، «متخبطة».
وأشار محللو السياسة الخارجية إلى تعيين «صقور» في مناصب رئيسة، بما في ذلك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، فكلاهما كانا في الماضي من مؤيدي تغيير النظام الإيراني.
وقال بومبيو: «أنا مقتنع أن الشعب في إيران، عندما يرى مساراً أمامه يقود بلاده إلى التوقف عن التصرف بهذه الطريقة، فإنه سيختار هذا المسار».

عناد طهران
في المقابل، وبعد يومين من تصريحات بومبيو، رفض رئيس أركان الجيش الإيراني، الميجر جنرال محمد باقري، مطالب الولايات المتحدة من طهران بتحجيم نفوذها في المنطقة، قائلا إن بلاده لن تطلب إذناً من أي دولة لتطوير قدراتها الدفاعية.
وأضاف: «القوات المسلحة الإيرانية الآن أكثر استعداداً من أي وقت مضى، ولن تنتظر إذناً أو موافقة من أي قوة لتطوير قدراتها الدفاعية». ووصف باقري الزعماء الأميركيين بأنهم «ناكثون للعهد، ومجرمون، ومنعزلون، ومستاؤون، وفاسدون، وأُجراء للنظام الصهيوني»، مضيفاً أن واشنطن ليس لديها الشجاعة لمواجهة عسكرية مع طهران.
من جهته، وصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تصريحات بومبيو بأنها «غير منطقية»، و«حمقاء لا تستحق الرد».
وقال ظريف إن «حديث وزير الخارجية الأميركي بومبيو أوهام وغير منطقي، وتصريحاته حمقاء لا تستحق الرد، والسياسة الأميركية تحت ضغط جماعات مثيرة للفتن». وأضاف أنه بدأ لقاءات مع ممثلي الدول الأخرى في الاتفاق النووي (روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا)، من دون وجود الوفد الأميركي.
واتهم ظريف الولايات المتحدة بأنها كانت تختلق الحجج والمشكلات، خلال الاجتماعات السابقة، للحيلولة دون تطبيق الاتفاق النووي، لافتا إلى ان انسحابها من الاتفاق سينعكس إيجابا على الاجتماعات المتعلقة بتطبيقه.
إلى ذلك، صرح وزير الخارجية الفرنسي، جان ايف لودريان، بأن السياسة الاميركية في شأن إيران ستشجع المحافظين على حساب المعتدلين في طهران، وتزيد من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
وقال إن «هذه المجموعة من العقوبات، التي تُنظَّم ضد ايران، لن تسهّل الحوار، بل على العكس، ستشجع في إيران قوة المحافظين، وهذا يضعف الرئيس (حسن) روحاني، الذي يريد التفاوض».
وأضاف لودريان: «في نهاية المطاف، هذا التموضع يمكن أن يعرّض المنطقة لخطر أكبر مما تواجهه اليوم».
وكرر الوزير الفرنسي مخاوفه من «انفجار إقليمي» بسبب ترابط الأزمتين السورية والإيرانية.
ورداً على سؤال عما إذا كان هناك «خطر اندلاع حرب»، قال لودريان: «نعم. كل الشروط اجتمعت لاحتمال حدوث انفجار إذا وقع حدث ما عمداً أو عن غير عمد».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق