غير مصنفمحليات

إبراهيم البليهي: «الليبرالية».. معيار التحضر

أقامت اللجنة الثقافية في الحركة الليبرالية، بالتعاون مع اللجنة الثقافية بجمعية أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، ندوة بعنوان «تأسيس علم الجهل لتحرير العقل» للمفكر السعودي د.إبراهيم البليهي بالحرم الجامعي في الشويخ أمس.
وقال البليهي ان للجهل أنواعاً عدة، منها الجهل البسيط الذي يزيله كل تعليم يحصل عليه الفرد، وهو لا يشكل معضلة لأن كل من في المجتمع يمكنه الحصول عليه، وهناك الجهل المجهول ويعني ألا يكون الإنسان عارفاً بجهله.
وأضاف أن عقل الفرد تلقائي والإنسان كائن ثقافي حيث يولد عقله بقابلية التشّكل وفقاً للبيئة، كما يكون العقل وتحتله وتتحكم به المعلومات الأسبق إليه، مؤكداً أن «كل جيل يكمل الثقافة التي بدأها الأسبقون، والتعليم لا يزيل الجهل، بل يعطي معرفة عملية لا تؤثر في البيئة الذهنية التي تشكلت لدينا».
وأكد أن البشرية مازالت متخلفة، ومجتمعاتنا العربية في الدرك الأسفل من مستويات التخلف، وأن معيار التحضر هو القدرة على التغيير والانتقال من ثقافة الاخضاع للاقتناع وهو ما تذهب إليه الليبرالية، لكن حتى المجتمعات المزدهرة لاتزال تعتمد على القوة والاخضاع وتحتكم إلى ثقافاتها.

هشاشة الحضارة
وذكر البليهي أنه ليس من طبع الانسان أن يكون منصفاً بل الأصل فيه النقائص والجهل، بينما عملت الدساتير والمؤسسات على إلزامه بالتوازن، مشيراً إلى أن المجتمعات المزدهرة حينما تتعامل مع مجتمع آخر تعتمد مبدأ القوة والتوّحش، والطبيعة المتسلطة هي التي تتحكم في العلاقات الدولية، مؤكداً أن الحضارة هشّة لأن الناس لم يكتسبوا حكمة تتناسب مع القوة التي يمتلكونها.
وبيّن أن الثقافة تتكون تلقائياً، ويستمر التوارث الثقافي ويرفض الأفراد التغيير، فلا عمل تنويرياً إلا قوبل بالرفض، لذا فالتنوير لم يكن ليغيّر الثقافات، بل مجموعة الأحداث والصدف هي التي تؤدي إلى التطور لأن الناس يرفضون التغيير.

التشرُّب الثقافي
وأشار البليهي إلى أن انشقاق مارتن لوثر عن الكنيسة لم يكن رغبة في التنوير بل كان يريد مزيداً من تطويع الانسان، ودفعته أهواء الأمراء لكن النتيجة كانت مغايرة وأدت لتغيير أوروبا، مشيراً إلى أن إدراك الإنسان للحيثية التي تكون بها عقله قد تغيّر أموراً كثيرة، لافتاً إلى أن الدول التي احتلتها بريطانيا أصبحت من الأكثر تحرراً إلا الدول العربية. وذكر أن العقل يتكون بعد الولادة، ولا ثقافة تتقبل ما هو مغاير لها إلا بعد أجيال من التوارث، مبيناً أن الجيل الذي يحصل في وقته التغيير لا يتغير، ثم يتغّير ما بعده «بالتشرُّب الثقافي» وليس المعلومات، باستثناء إذا تحولّت تلك المعلومات إلى عادة متكررة تمت ممارستها وتبرمج العقل عليها.

أنواع التفكير
وأضاف البليهي أن التعوّد من أهم خصائص الانسان، وهو كائن تلقائي كل ما في ذهنه تلقاه تلقائياً، ما يلغي فكرة التميّز العرقي التي هي مجرد خرافة، موضحاً أن هناك 3 نظم من التفكير منها التلقائي والعقل النقدي الذي يستطيع الفرد فيه أن يتحرر مما تبرمج عليه ويصبح تفكيره مضاداً لتلك البرمجة، أما التفكير المهني فهو نظام التعلم اضطرارًا وهو المتوافر في المدارس والجامعات للحصول على الشهادة.
وأوضح أن عدد الحكماء في العالم محدود، فالمتعلمون لديهم فقط الأدوات التي تعينهم على العمل في مهن معينة، بينما يعيش أغلب الأفراد في التناسل الثقافي، الأمر الذي يجعل تغيير الثقافة غير ممكن، كما أن رفض التغيير هو في جميع الثقافات، والتعليم يكرّس التخلف لأنه يقر الواقع بما يريده المجتمع.
ولفت إلى أن العمل السياسي هو الداء والدواء ولا يمكن تحييده لأنه يمتلك التعليم والاعلام والوظائف، مؤكداً ضرورة اقناع السياسيين بأن يكونوا جزءاً من التغيير وليس ضداً له، وأن بعض الثورات التي حدثت في الدول العربية كان من الممكن أن يتولد عنها ديموقراطية حقيقية، وتعتبر تونس أكثر الدول العربية تحرراً، والدول الاسكندنافية على مستوى العالم.

تحجيم الجهل

قال خليفة الخرافي في مداخلة ان الحرية الفكرية والديموقراطية أكبر عدو للجهل والتجهيل، الأمر الذي يؤكد ضرورة تحجيم الجهل وتعجيل آلية التنوير، مشيراً إلى أن الديموقراطية الحقيقية تتضمن الأحزاب السياسية والوعي الفكري وليس تداول السلطة كما هو حاصل، مبيناً أنه لولا الديموقراطية الحقيقية في العراق مثلاً لما استطاع أي فرد التعبير عن رأيه، لكن الحرية الفكرية والوعي ساعدا على انطلاقهم.

صعوبة التغيير

أشاد الكاتب أحمد الصراف في مداخلة بدور البليهي في التوعية، لا سيما في مجتمع محافظ كالسعودية، مؤكداً أن ما يحتل العقل ليس أفضل شيء بل أوّل ما وصل إليه، وهي الاعتقادات التي نغتبط بها من دون تفكير، موضحاً أن فشل الاستعمار البريطاني في تغيير الدول العربية جاء لأننا نؤمن بأن العقيدة التي نمتلكها منزلة، الأمر الذي خلق حاجزاً وجعل التغيير صعباً، لكن جميع الشعوب التي نجحت بريطانيا في تغييرها سياسياً واجتماعياً لم تكن لديها عقائد كتلك، سواء أكانت المسيحية أم اليهودية أم الهندوسية أم غيرها.

أكذوبة تاريخية

عقَّب رئيس الحركة الليبرالية المستشار أنور دشتي، وقال: ينبغي أن نكسر الحاجز الذي يحول بيننا وبين الحضارة البشرية، ونحن لا ندعو إلى التجاوز على العقيدة التي نعتبرها في كل الأحوال مقدسة ولا يمكن تجاوزها، لكن نطالب بأن نكون أحراراً للقفز إلى الحضارة البشرية والتطلع إلى مستقبل أفضل، مشيراً إلى أن الادعاء بكوننا ضد الشريعة الاسلامية أكذوبة تاريخية يجب تغييرها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق