خارجية

أطفال الغوطة في «قبور» هرباً من «القصف الهستيري»

يعيش السوريون في الغوطة الشرقية الأوقات الصعبة، لا سيما تلك التي يمر بها الأطفال في ظل استمرار قصف النظام والغارات الروسية. ويقول الناشط الإعلامي أحمد خضر: «هذه هي القبور التي يعيش فيها المدنيون في الغوطة، مشيراً إلى الأقبية والمخابئ التي يعيش فيها أطفال ونساء ورجال هرباً من القصف». ويقول خضر إن الناس في تلك الأقبية يعانون من نقص المواد الغذائية، وإمدادات المياه. ولا توجد طريقة للتدفئة.
ومع تأجيل التصويت على مشروع الهدنة في مجلس الأمن، لجلستين متتاليتين، بدا أن الروس يريدون كسب المزيد من الوقت لحصد المزيد من الضحايا، وتهيئة المناخ للهجوم البري الذي يجري التحضير له على قدم وساق، وهو هجوم لا يمكن وقفه بسهولة إذا بدأ، لما فيه من مخاطر على القوات المهاجمة، بحسب مراقبين عسكريين للوضع السوري.
وبالفعل، بدأت قوات النظام محاولات لاقتحام الغوطة من محور «حوش الضواهرة» لجهة الشرق، بعد أن حشدت قواتها هناك، وتحاول كما يبدو تحقيق مكاسب ميدانية قبل تصويت مجلس الأمن المتوقع على هدنة.
وفي غضون ذلك، تواصل الطائرات الحربية غاراتها على مدن وبلدات الغوطة، وأسفرت موجة جديدة من الغارات وعمليات القصف أمس عن مقتل وجرح العشرات، وطمر آخرين تحت الأنقاض في ظل طقس ماطر أعاق عمليات الإسعاف. وليل الجمعة استعاضت قوات النظام عن توقف الغارات الجوية بسبب الطقس بقصف الغوطة براجمات الصورايخ، التي تحتوي على مادة الفسفور الأبيض والنابالم الحارق، والتي حولت ليل المنطقة إلى نهار، مما تسبب في اشتعال حرائق في الأحياء السكنية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

مدفعية ثقيلة
ووفق ما ذكر «مركز الغوطة الإعلامي»، فإن الطيران السوري قصف صباح امس، بلدة مسرابا والشيفونية وكفربطنا بالصواريخ والبراميل المتفجرة، فيما تزامن القصف الجوي مع قصف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة على بلدات عربين وسقبا وحرستا وحزة وحمورية. فيما تداول سوريون على وسائل التواصل الاجتماعي ما وصفوه بلحظة سقوط قذيفة هاون من الغوطة على إحدى المدارس في العاصمة دمشق.
وفي وقت تعمل الدبلوماسية الكويتية والسويدية بجهد لإقناع كل الأطراف على التصويت لمصلحة قرار الهدنة الإنسانية وعدم استخدام روسيا لحق الفيتو ضده، وصف السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلى نيبنزيا، الوقف الفوري لإطلاق النار بأنه غير واقعي، مما دفع الدولتان الراعيتان للقرار، السويد والكويت، الى تعديل مشروع القرار، وإلغاء بند يطالب بتطبيق وقف اطلاق النار خلال 72 ساعة من اعتماد القرار. وبدلا من ذلك فإن النص الجديد، الذي تم توزيعه مساء الجمعة، «يطالب جميع الأطراف بوقف الأعمال العدائية من دون تأخير». ونص على أن وقف اطلاق النار يجب أن يعقبه فورا وصول القوافل الإنسانية والفرق الطبية من أجل اجلاء المرضى والمصابين بجروح خطيرة.
وكانت الخلافات خيمت الجمعة داخل أروقة المجلس، قبيل لحظات من انعقاد الجلسة، التي كان من المفترض أن تبدأ في الساعة الخامسة (بتوقيت غرينيتش)، مما استدعى تأجيلها حتى الساعة السادسة، ثم إلى الساعة السابعة والنصف بالتوقيت نفسه، ليعلن الرئيس الدوري لمجلس الامن، سفير الكويت منصور العتيبي، تأجيل الجلسة إلى مساء امس السبت، وقال ان مجلس الامن «يواصل العمل على فقرات» من مشروع القرار، وبات «قاب قوسين من إقراره». وتابع السفير الكويتي: «نكاد نصل». وادلى بتصريحه وهو محاط بسفراء الدول التسع الأخرى غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن، في مبادرة لتأكيد «وحدة» مجلس الأمن في مطالبته بوقف إطلاق النار في سوريا، بحسب قوله.
وأبقي في المشروع على استثناء تنظيمي داعش والقاعدة من وقف النار. وبناء على طلب موسكو، بات الاستثناء يشمل أيضا «أفراداً آخرين ومجموعات وكيانات مرتبطة بالقاعدة وداعش، إضافة إلى مجموعات إرهابية أخرى حددها مجلس الأمن». كما يتم التفاوض حول «الضمانات» التي طالبت بها موسكو لجهة ضرورة احترام الفصائل المعارضة للهدنة.

تنسيق متواصل
بدوره، أكد نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجارالله، أن جهود الدبلوماسية ‏الكويتية تواصلت سعيا الى تحقيق التوافق في مجلس الأمن حول القرار. وقال الجارالله «انه بتوجيهات من وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد، تواصل التنسيق، وكانت هناك جهود جبارة ومتواصلة من المشاورات بين وفدي ‏دولة الكويت ومملكة السويد مع الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن، وخاصة في روسيا، في محاولة أخيرة للوصول إلى توافق ووحدة، وتفعيلاً لدور مجلس الامن».
وقال دبلوماسيون، طلبوا عدم نشر أسمائهم، إن موسكو لا تريد تحديد موعد بدء وقف إطلاق النار. ولم يتضح كيف ستصوت روسيا، وما اذا ستستخدم الفيتو. وقال دبلوماسيون إن المقصود بالفجوة التي أشار إليها المندوب السويدي، هي إصرار الجانب الروسي على أن يستبدل مشروع القرار فقرة أن مجلس الأمن يقرر وقف الأعمال العسكرية، لتصبح مجلس الأمن يطلب وقف الأعمال العسكرية. من جانبها، قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، عبر حسابها في «تويتر»، إنه «من غير المعقول أن تعطل روسيا تصويتاً على هدنة تسمح بوصول المساعدات الإنسانية في سوريا».

خلاف دولي
ويبدو جلياً من خلال التصريحات الاميركية والروسية ان ما يجري في سوريا من تصعيد هو نتيجة لتعمق الخلافات بين واشنطن وموسكو، وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان العملية السياسية في استانا عرقلت خطط واشنطن لتقسيم سوريا. واضاف ان «الاميركيين منغمسون في تنفيذ خطط اقامة دويلات في سوريا، ولهذا الغرض سيطروا على مناطق شاسعة شرق الفرات».
في المقابل، قال نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان في بروكسل إن تعامل واشنطن مع موسكو بشأن سوريا أصبح أكثر صعوبة. وأضاف سوليفان للصحافيين «بذلنا جهدا كبيرا للحفاظ على العلاقات والحوار مع روسيا، بشأن القضايا والمجالات التي يمكن أن نتعاون فيها، بغية الوصول إلى هدف مشترك وكانت سوريا إحداها». ومضى يقول «مع تقدم الحملة ضد داعش أصبح العمل مع الروس بشأن (سوريا) أكثر صعوبة لنا».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شركة تنظيف
إغلاق