خارجية

أسباب «التريث العربي» في الموضوع السوري.. والأسد لن يحضر قمة تونس ويضع شروط للعودة للجامعة العربية

عبر رئيس مجلس الشعب السوري حمودة الصباغ أمام شخصية لبنانية التقاها بعد عودته من مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي عن ارتياحه وسروره الى أجواء ونتائج هذا المؤتمر الذي استضافته العاصمة الأردنية عمان، لأنه من جهة أدى الى كسر وخرق الموقف العربي المانع لمشاركة سورية في الاجتماعات العربية، ولأن البرلمانيين أعضاء الوفود العربية، بما في ذلك الخليجية، أبدوا حفاوة وتوددا تجاه الوفد السوري ورحبوا بمشاركة سورية، وأكدوا ضرورة عودتها الى الجامعة العربية، وحتى ان بعضهم طرح مسألة عودة الاتحاد البرلماني العربي الى مقره السابق في دمشق قبل أن ينقل الى القاهرة مع بدء الحرب في سورية وعليها.

هذا التطور «العربي البرلماني» أوحى بأنه مقدمة وتوطئة لتطور أكثر وضوحا وأهمية يتمثل في عودة سورية الى الجامعة العربية والى «مؤسسة القمة العربية» وفي دعوة الرئيس بشار الأسد الى قمة تونس العربية التي تنعقد نهاية الشهر.. ولكن تبين أن ما حدث في الأردن حصل لأسباب أردنية بالدرجة الأولى وأكد التحول الحاصل في الموقف الأردني ولم يعكس تحولا في الموقف العربي.. فالمشاركة السورية في مؤتمر عمان تمت بناء على دعوة خاصة من رئيس مجلس الشعب الأردني عاطف الطراونة وعلى أساسها قرر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري حضور المؤتمر، بعدما كان قاطع في السنوات الماضية اعتراضا على غياب سورية.

وأما الدعوة الأردنية، فإنها استندت الى تبدلات في المناخ العربي تجاه سورية «لم تكتمل»… وبعدما كان الاعتقاد السائد بأن الرئيس الأسد الذي لم يدع الى القمة العربية الاقتصادية في بيروت، سيدعى الى قمة تونس وسيحضرها، تبدد هذا الاعتقاد وسقط احتمال دعوة سورية الى القمة العربية، ومعه احتمال توسع دائرة الانفتاح العربي.

وأما الأسباب التي تقف وراء هذا التغيير أو التريث العربي في الموضوع السوري، فهي:

١ ـ الموقف الأميركي الضاغط باتجاه وقف الاندفاعة العربية باتجاه سورية.

وهذا ما تأكد في خلال زيارة ساترفيلد الى بيروت، حيث أثير في سياق البحث بالوضع الإقليمي موضوع عودة سورية الى الجامعة العربية، وخرجت الجهات التي التقته بانطباع أنه لا عودة لسورية الى الجامعة العربية والى القمة العربية آخر هذا الشهر أو في المدى المنظور.

وفهم من ساترفيلد أن الإدارة الأميركية لا تشجع الدول العربية في استعجالها إعادة فتح سفاراتها في دمشق وتفضل التريث في هذه المرحلة، لأن مجرد الإقدام بسرعة على مثل هذه الخطوة قد يؤثر سلبا ويدفع بالنظام في سورية الى التباطؤ في دعم الجهود الدولية الرامية الى إيجاد حل سياسي للأزمة، والتي من دون حلها لا يمكن فتح ملف إعادة الإعمار.

٢ ـ الموقف الروسي الذي يشجع العودة العربية الى سورية وعودة سورية الى الجامعة العربية مع الدخول في عملية التسوية السياسية، وللحد من الدورين الإيراني والتركي أو لموازنتهما مع الدور العربي.

ولكن روسيا لا تفعل شيئا لتحفيز الانفتاح العربي على سورية، وتحديدا لجهة الحد من القلق المتزايد ازاء نفوذ كل من إيران وتركيا في سورية، وتستمر في التنسيق معهما في إطار مسار أستانا الذي ألغى مسار جنيڤ.

٣ ـ الموقف السوري نفسه الذي لا يساعد في تطوير الموقف العربي وفي دفع عملية التقارب الى الأمام… وفي هذا الإطار، تبرز زيارة بشار الأسد الى طهران التي دلت على أن النظام السوري متمسك بتحالفه مع إيران ويقدمه على ما سواه، وأنه لا يستجيب لدعوة أو نصيحة الابتعاد عن إيران كشرط أساسي للعودة الى الحظيرة العربية… يضاف الى ذلك أن الأسد يتصرف بطريقة توحي بأنه يريد العودة الى الجامعة العربية من موقع قوة، وأن لديه شروطا للعودة، أولها على صعيد الشكل أن يتخذ قرار عودة سورية بناء على مبادرة عربية وليس بناء على طلب سوري، وثانيها على صعيد المضمون أن يجري التعامل مع دمشق من خلفية أنها خرجت منتصرة في المعركة على الإرهاب وأن المنتصر هو من يملي الشروط، ومن خلفية أن العرب هم الذين يعودون الى دمشق وليست سورية هي التي تعود الى العرب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شركة تنظيف
إغلاق